“امرأة بحجم وطن”.. راضية النصراوي أيقونة النضال الحقوقي وضمير تونس الحي (فيديو)

امتدت مسيرتها نحو 50 عامًا

“امرأة بحجم وطن”.. بهذه العبارات يصف المعارض التونسي حمة الهمامي مسيرة زوجته ورفيقته راضية النصراوي في نشاطها الحقوقي ودفاعها عن المضطهدين، إذ امتدت مسيرتها لنحو 50 عامًا امتزجت فيها بتاريخ تونس السياسي والحقوقي والنسائي والثقافي.

وبدأت المناضلة تعليمها في سنّ مبكرة جدًّا (4 أعوام) وحصلت على الإجازة في الحقوق عند بلوغها 20 سنة، ودرست الصحافة بالتوازي مع مهنة المحاماة بين 1972 و1973، ثم اشتغلت صحفية مع وكالة تونس إفريقيا للأنباء بين 1975 و1976.

وخلال نضالها الحقوقي، خاضت راضية معارك ضد النظام السابق كما يؤكد ذلك زوجها الهمامي، إذ بدأت مقارعتها للسلطة منذ حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، وكانت لا “تفرق في القضايا الحقوقية بين الضحايا وتدافع عن جميع المضطهدين مهما كان انتماؤهم السياسي”.

المناضلة التونسية راضية النصراوي

امرأة بحجم وطن

وحسب الهمامي فقد شنّت راضية إضرابات جوع طويلة في أكثر من مرة، لعل أبرزها عام 2002 عندما أضربت 37 يومًا للمطالبة بإطلاق سراحه هو وبعض رفاقه في السجن، ثم خاضت إضرابًا ثانيًا سنة 2003 وهو الأخطر في حياتها ودام 58 يومًا للاحتجاج على مضايقاتها من قبل البوليس السياسي في عهد بن علي.

أما الإضراب الثالث فقد استمر 42 يومًا في عهد الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، وذلك احتجاجًا على رفع الحماية الأمنية عن الهمامي، في الوقت الذي كانت تؤكد فيه تقارير أمنية أنها وزوجها مهددان بالتصفية.

وقالت الجامعية والحقوقية خديجة الشريف إنها قد عرفت المناضلة راضية النصراوي في رابطة حقوق الإنسان سنة 1985 أثناء نشاطها بفرع باردو، معتبرة أنها تعد إحدى رموز الحركة النسوية في البلاد خاصة أنها كانت أول امرأة ومحامية يقع انتخابها عضوًا في الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين سنة 1989.

وتصف خديجة التي كانت عضوًا في الرابطة التونسية لحقوق الإنسان وترأست الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، تجربة راضية النضالية بأنها “مهمة وثرية”، إذ كانت من أشد المدافعات عن المساواة بين النساء والرجال مستفيدة من قدرتها الخطابية وشخصيتها القوية، حسب قولها.

ولعبت راضية دورًا كبيرًا في الدفاع عن المضطهدين بالمرافعات أمام المحاكم وبإضرابات الجوع التي كانت تخوضها لإيصال صوت المعارضين، وترى أن تلك الإضرابات وما تعرضت له من انتهاكات عديدة، انعكست على وضعها الصحي اليوم.

المناضلة التونسية راضية النصراوي

وشغلت راضية خلال هذه المسيرة النضالية الطويلة مناصب دولية وإقليمية، وأسهمت في إنجاز تحقيقات لفائدة الأمم المتحدة لمجازر حصلت في العالم وحصدت طوال مسيرتها جوائز عدة لعل أبرزها تتويجها بجائزة كمال جنبلاط لحقوق الإنسان في العالم العربي لسنة 2012، إضافة إلى جوائز عدة من منظمات وهيئات دولية كجائزة الكرامة الإنسانية التي تعادل جائزة نوبل للسلام والدكتوراه الفخرية من جامعتي بروكسل الحرة ومونس البلجيكية.

“فلسطين في جبيني”

ولم تغب القضية الفلسطينية عن وجدانها، فالمرأة تحمل في جبينها جرح فلسطين وهي التي كانت دائمًا تردد “إن فلسطين في جبيني” حسب قول الهمامي، الذي أكد أنها أصيبت بنزيف شديد عام 2005 أثناء مشاركتها في مظاهرة استبقت تنظيم تونس للقمة العالمية لمجتمع المعلومات بعد أن ذكرت تقارير إعلامية أن من بين المدعوين رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون.

وتتابع راضية الوضع في غزة باستمرار رغم وضعها الصحي الذي يصفه زوجها بأنه تأثر نتيجة سنوات التعذيب والنضال الطويلة مشيرًا إلى أن فلسطين رغم ذلك ستظل في جبين زوجته.

المناضلة التونسية راضية النصراوي

أما بخصوص الحركة النسوية، فتعدّ راضية إحدى رموز هذه الحركة في البلاد، إذ كانت سنة 1979 من بين مؤسسات نادي المرأة في النادي الثقافي الطاهر الحداد، وذلك صحبة العديد من النساء من بينهن رشيدة النيفر.

وتعليقًا على ذلك تقول خديجة الشريف “لطالما كانت هذه المرأة في الصف الأول في الدفاع عن قضايا الحقوق والحريات والحركة النسوية وبناء الديمقراطية في البلد، إذ سخرت حياتها مع مجموعة أخرى من المناضلات النسويات في بناء الديمقراطية وتحقيق مكتسبات للأجيال القادمة رغم كل المشاكل السياسية والحقوقية طوال العقود الماضية مشددة على أنها ستظل رمزًا لدى الناشئة.

المصدر : الجزيرة مباشر