الحماقة الصهيونية للسطو على المسجد الأقصى

هل يمنع الفلسطينيون من الوصول للمسجد الأقصى المبارك في شهر رمضان؟ (الأناضول)

من القرارات العدوانية التي تؤكد أن قادة الكيان الصهيوني فقدوا عقولهم إصرارهم على منع الفلسطينيين من الوصول إلى المسجد الأقصى في شهر رمضان، وفرض القيود والإجراءات لحرمان المقدسيين وفلسطينيي الداخل من حقهم في أداء الشعائر في الحرم القدسي دون أي احترام لحرية العبادة، وفي تحدّ وقح لملياري مسلم.

نشر الإعلام الصهيوني قرار وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير وتأييد رئيس الوزراء نتنياهو للخطوة العدوانية، وكأن الأقصى خاضع للسلطة الإسرائيلية، ولم تكفهم الاقتحامات التي يقوم بها المستوطنون طمعًا في اقتسام الحرم زمانيا ومكانيا، بل يريدون الآن مواصلة الغطرسة ومنع المسلمين من الصلاة في مسجدهم.

تسبب القرار الصهيوني في موجة غضب واسعة في الداخل الفلسطيني، فلا أحد يقبل المنع من أداء الشعائر في الأقصى، وقد وصف خطيب المسجد الشيخ عكرمة صبري القرار بأنه “باطل ويتعارض مع حرية العبادة”، وقال إن “الأقصى للمسلمين وحدهم ولا يخضع لأي سلطة إسرائيلية”، وعبر عن رفضه لأي وجود للشرطة الإسرائيلية في باحات المسجد.

وحذر مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين من “اعتداءات سلطات الاحتلال والمستعمرين ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته وأرضه وإنسانيته، التي تقود إلى إعلان حرب دينية شعواء”، وأكد أن القرار يهدف إلى إفراغ المسجد الأقصى من رواده، تنفيذا لمخطط التهويد.

وأصدرت حماس بيانا حذرت فيه من المساس بالأقصى أو حرية العبادة فيه، وأكدت أن القرار لن يمر دون محاسبة، وقالت إن القرار “إمعان في الإجرام الصهيوني والحرب الدينية التي تقودها مجموعة المستوطنين المتطرفين في حكومة الاحتلال الإرهابية”.

وحذرت حركة الجهاد الإسلامي من المخططات العدوانية التي يعد لها رئيس حكومة كيان الاحتلال ووزراؤه، ووصفت القرار بأنه “يشي بأن حكومة العدو قد وضعت المسجد الأقصى في دائرة الاستهداف المباشر، ضمن خطة تهجير وتهويد ممنهجة”.

 

الأطماع في المسجد الأقصى

منذ احتلال فلسطين يسعى الصهاينة لهدم المسجد الأقصى لبناء الهيكل المزعوم مكانه، وفشلت كل محاولاتهم لإثبات أن الحرم مبني على أنقاض الهيكل الذي بناه سليمان، فكل الحفريات التي تمت تحت الأقصى لم تصل إلى شيء، ومع كل محاولة اعتداء تشتعل الاحتجاجات في فلسطين وفي العالم فيضطرون إلى التراجع.

لقد تعرض المسجد الأقصى لمؤامرات عديدة طوال العقود السبعة الماضية، لكن هذه المرة يبدو أن الخطر أشد؛ لأنه يأتي في سياق معركة فاصلة في تاريخ القضية الفلسطينية، فحكومة الاحتلال يسيطر عليها متطرفون يظنون أن الفرصة سانحة للإجهاز على القضية الفلسطينية وإغلاق الملف نهائيًّا، في ظل الهزيمة الاستراتيجية التي يعيشها العالم العربي.

الخطر الذي ينتظر الأقصى في رمضان القادم يأتي مع الهجمة العدوانية للكيان الصهيوني على غزة والضفة، وعدم وجود خطوط حمراء؛ فلا مراعاة لحسابات أو احترام لاتفاقيات، فالحماية الأمريكية الكاملة والمشاركة في الحرب على غزة أصابت النظام الدولي بالشلل، فلا الأمم المتحدة قادرة على التدخل، وخرج مجلس الأمن من الخدمة بسبب الفيتو الأمريكي.

مع غياب التأثير الخارجي، والعجز العربي، ومشاركة وتواطؤ أمريكا وأوربا، لا يظهر أثر قوي للانقسام الداخلي يؤدي إلى تفكك قيادة الحرب ووقف الإبادة، فبرغم ما نراه من خلافات بين السياسيين الإسرائيليين فإن كل طرف أشد عداوة من الآخر، وكلهم يتفقون على استمرار الحرب، طمعًا في تحويل الهزيمة إلى نصر، ومع العجز عن تحقيق أي إنجاز يزدادون جنونا ويدفعهم الغل إلى التمادي في ارتكاب الجرائم.

 

متى تقول الشعوب كلمتها؟

الخطر على الأقصى مرتبط بمعركة غزة التي وصلت إلى طريق مسدود في وجه الاحتلال، ففي ظل صمود الشعب الفلسطيني وبطولات المقاومة يعجز الإسرائيليون عن تغيير نتيجة المعركة لصالحهم رغم الأسلحة والجيوش التي تساندهم، ولهذا يريدون ارتكاب المزيد من الجرائم والحماقات لعلهم يصلون إلى كسر الفلسطينيين، فيخططون لاجتياح رفح واحتلال الأقصى وطرد المسلمين منه!

الخطر كبير، والمقاومة تفعل ما بوسعها لكن صمودها يحتاج إلى دعم، على الأقل تقديم المساعدات والإغاثة للشعب الفلسطيني الذي يتم تجويعه ليموت بالجوع من أفلت منه من القصف، وما دامت الحكومات العربية قد وصلت إلى حالة الاستسلام والضعف التي نعيشها فأصبحت لا تستطيع فعل شيء، فلتترك الشعوب تتنفس، وتقم بدورها في الدفاع عن بلادها وأوطانها التي يستهدفها من يهدمون غزة الآن.

قادة أمريكا وأوربا يعرفون كيف يروّضون حكومات دول العالم الثالث والنخب التابعة، ويجيدون الضغط عليهم والتلاعب بهم، لكنهم يقفون عاجزين أمام حركة الشعوب، ولا يعرفون كيف يسيطرون عليها، وما نراه من استهانة وإذلال من قادة الاحتلال ليس بسبب القوة الإسرائيلية التي كشفت كتائب القسام زيفها في السابع من أكتوبر ولكن بسبب ضعف حكوماتنا وتغييب شعوبنا.

الشعوب اليوم تعلمت من التجارب، وهي تعي حجم الخطر الذي تمر به الأمة، فالعدوان على غزة هو بداية حملة صهيونية أمريكية لاجتياح ما بقي من عواصم العرب التي لم تدمر، وإذا لم تظهر الشعوب وتتحرك بشكل حكيم ومنظم فستستمر الغطرسة الصهيونية وستتواصل الخسائر وستدفع الأمة الساكتة الثمن غاليا.

ظهور الشعوب في المشهد سيحدث التغيير الكبير لصالح فلسطين، ويقوي الحكومات الضعيفة -إذا كانت النيات صادقة- للوقوف في وجه الاحتلال، وليكن الشعار الذي يلتف حوله الجميع إنقاذ الأقصى ومساندة غزة، ولتتحد جهود المخلصين لدحر الإسرائيليين.

المصدر : الجزيرة مباشر