شركة “علي بابا” الصينية.. كيف هزمت أمازون وأخواتها؟

أجبرت شركة "علي بابا" منافسيها على الانسحاب من السوق الصيني
أجبرت شركة "علي بابا" منافسيها على الانسحاب من السوق الصيني

أثناء جلوسه على مقهى في سان فرانسسكو، كان رجل الأعمال الصيني “جاك ما” يفكر في تسمية شركته الجديدة باسم “علي بابا”، فسأل النادلة: هل تعرفين علي بابا؟ قالت: نعم. افتح يا سمسم.

عندئذ شعر أنه الاسم المتميز الذي يبحث عنه، فخرج إلى الشارع وأوقف ما يقرب من 30 شخصا من مختلف بقاع الأرض، وسأل كل واحد فيهم على حدة: هل تعرف علي بابا؟ فكانت الإجابة واحدة: نعم، افتح يا سمسم.

طموح جامح

تستهدف شركة “على بابا” الصينية منذ تأسيسها بناء شركة قوية ذات استراتيجية طويلة الأجل لتستمر 102 عامًا، وتصبح أكبر مزود لخدمات التجارة الإلكترونية في العالم وتصبح أفضل جهة توظيف عالمية.. ولكن لماذا “102” سنة بالتحديد؟

لقد تأسست الشركة عام 1999، مما يعني أنه بمرور 102 سنة ستمتد الشركة لثلاثة قرون، ولهذا اختار الرئيس التنفيذي السابق للمجموعة “جاك ما” تبني استراتيجية طويلة الأمد وبناء استدامة دائمة. 

جاك ما الرئيس التنفيذي السابق لمجموعة علي بابا (غيتي)
مهرجان علي بابا للتسوق

حقق “مهرجان علي بابا العالمي 11.11” للتسوق رقماً قياسياً العام الماضي، وحصد أكثر من 38.4 مليار دولار من المبيعات على مدار 24 ساعة فقط وفقا للموقع الرسمي للشركة، ويتخطى هذا الحدث الشهير بـ “يوم التسوق الأكبر على الإطلاق” إنفاق أي فعالية تسوق في الغرب.

وفي المقابل، فقد باعت أمازون سلعًا بقيمة 7.16 مليار دولار في “برايم داي” عام 2019، وتجدر الإشارة إلى أن مهرجان 11.11 أكبر بقيمة 2.5 مرة من الجمعة السوداء ويوم الإثنين الإلكتروني.

والسؤال الذي يطرح نفسه هل على بابا مجرد موقع ناجح على الإنترنت؟ الإجابة: بالطبع ليس هذا فحسب، لأن مجموعة “علي بابا” تعتبر من أكبر شركات التجارة عبر الإنترنت، وتبلغ قيمتها السوقية الحالية 510 مليار دولار أمريكي، ويتجاوز عدد مستخدميها 750 مليون مستخدم، وتضم المجموعة ثلاث منصات رئيسية، وهي: علي بابا، تاوباو، تيمول. كما أنها تملك العديد من الشركات الفرعية، وتحتكر الشركة  تقريبا 80% من التجارة الإلكترونية في الصين، وهو رقم ضخم للغاية.

فشل أمازون في السوق الصيني

انسحبت شركة أمازون من السوق الصيني بعد إغلاق متجرها الإلكتروني في الصين في 18 يوليو من العام الماضي 2019. واعترفت أمازون بأن قوة المنافسة في الصين هي سبب الإغلاق، ولكن الشركة لا تزال ملتزمة بالاستثمار في السوق الصيني، وبوسع المستهلكين في الصين شراء البضائع من متاجر أمازون حول العالم، أما بخصوص التجار؛ فيمكنهم عرض بضائعهم في متاجر أمازون أمريكا وبريطانيا واليابان وألمانيا.

ولم تتكبد أمازون الهزيمة في الصين وحدها، بل سبقتها هزائم مماثلة لموقع إيباي الشهير eBay، بعد خروجه من الاستثمار بالصين عام 2006، وحتى غوغل فقد انسحبت من الصين عام 2010 بعد فشلها في التنافس مع منافسها المحلي “بايدو”.

ومن أبرز أسباب فشل أمازون في الصين هو عدم تمكنه من تكييف واجهة المستخدم مع أذواق المستهلكين الصينيين، في حين استفاد المنافسون المحليون من فهمهم الأكثر عمقًا للأذواق المحلية.

وقال كير زينج، خبير تسويق في إحدى شركات التجارة الإلكترونية في تصريحات إعلامية إن “أمازون بتوطين منتجها بما يكفي، وإذا نظرت إلى منصة أمازون الصينية فإنها تشبه نسختها الأمريكية، حيث يفضل المستهلكون الأمريكيون تصميمًا أكثر بساطة، ولكن واجهة المستخدم في موقع علي بابا مختلفة جدا، وملونة للغاية، وبها الكثير من الإعلانات”.

وفي ذات السياق ذكر موقع بيزنس انسايدر أن تصميم تطبيق الهاتف المحمول في أمازون يحتوي على عيوب وتأخر خلف المنافسين الصينيين.

يفضل المستهلكون الصينيون موقع "علي بابا" لأنه مصمم بطريقة تناسب ذائقة الصينيين بعكس المواقع الغربية (غيتي)
من هم زبائن منصة “علي بابا”؟

ذكر موقع “ستاتيستا” بأن مجموع مدخولات مجموعة “علي بابا” لعام 2019 كانت موزعة كالتالي:

  • 66% تجار التجزئة من الصين.
  • 7%  خدمات الحوسبة السحابية.
  • 6% الترفيه والإعلام الرقمي.
  • 5% تجار التجزئة الدوليين.
  • 3% تجار الجملة من الصين.
  • 2% تجار الجملة الدوليين.
  •  1% مبادرات ابتكارية وأنشطة أخرى.
قيم ناجحة

قام موقع “براندينج ستراتيجي انسايدر” بتحليل قيم شركة “علي بابا”، وحدد ستة أسباب رئيسية تقف وراء نجاحها الهائل؛ وهي:

1- المستخدم أولا:

تضع الشركة في الأولوية الأولى مصالح مستخدميها وعملائها الذين يدفعون أموالهم للحصول على المنتجات.

2- العمل الجماعي الحقيقي:

تنبني ثقافة الشركة على أساس العمل كفرق، وتشجيع الموظفين على تقديم الاقتراحات والمداخلات في اتخاذ القرارات والتزام جميع الموظفين بأهداف الفريق.

3- دعم ثقافة التغيير:

تؤمن الشركة أنها تعمل في مجال سريع التطور للغاية، وبالتالي تطلب من موظفيها التحلي بالمرونة والابتكار والتكيف مع الظروف المستجدة.

4- النزاهة:

تؤمن الشركة أن الثقة عنصر أساسي في هذا القطاع، ولذلك يحافظ موظفوها على أعلى معايير النزاهة والوفاء بالتزاماتهم.

5- الحماس:

تشجع الشركة موظفيها على العمل بحماس دائما سواء في خدمة العملاء أو في تطوير خدمات ومنتجات جديدة.

6- الالتزام:

تتخذ الشركة على نفسها التزامات وتركز على فهم وتلبية احتياجات الشركات الصغيرة والمتوسطة الصينية والعالمية.

مستقبل مجموعة علي بابا

يتوقع الخبراء زيادة نمو شركة “علي بابا” في السوق العالمي وخصوصا الأمريكي، خاصة وأن المستهلكين الأمريكيين منفتحون على العلامات التجارية الجديدة التي تقدم قيمة أفضل وأسعارا أقل، واختيارات أفضل من المنتجات المحلية.

ووفقا لتقرير نشرته رويترز؛ فإن شركة علي بابا تتطلع للسوق الأمريكية، ولذلك أعلنت مؤخرًا أن منصتها مفتوحة الآن للشركات الأمريكية الصغيرة التي ترغب في البيع على مستوى العالم، وهذا يمثل امتيازا للمستثمرين الأمريكيين الذين يرغبون في التوسع بالصين والهند والبرازيل وكندا، وهي الدول التي تشكل سوقا رئيسية لشركة علي بابا.

أما عن السوق الصيني، فقد بلغ تعداد الطبقة المتوسطة الصينية إلى 400 مليون نسمة، وهو رقم أكبر من عدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها، وإذا زاد نمو إنفاق الطبقة المتوسطة المزدهرة على السلع والخدمات يعني ذلك زيادة المبيعات لشركات مثل “علي بابا”.

وحاليا تعد الصين الآن أكبر سوق في العالم لتجارة التجزئة عبر الإنترنت، وتمثل أكثر من 30٪ من سوق السلع الكمالية العالمية، لذلك فكل البيانات الاقتصادية تشير إلى استمرار نمو الشركة القوي في السنوات القادمة.

______________________ 

إعداد: محمد علي، كاتب ومدون مصري.

اقرأ أيضا:

“ليست نهاية العالم”.. ماذا تفعل إذا خسرت وظيفتك؟

“عالم بلا عمل”.. هل تسرق الروبوتات وظائفنا؟

دليل شامل لصناع المحتوى الجدد.. كيف تجني الأرباح من يوتيوب؟

“لينكد إن”.. كيف تجعل الوظائف تبحث عنك؟

مئات الآلاف من فرص العمل واستثمارات واعدة رغم أزمة كورونا

كيف يصمد راتبك حتى نهاية الشهر؟

المصدر : الجزيرة مباشر