“ليست نهاية العالم”.. ماذا تفعل إذا خسرت وظيفتك؟

يتعرض الإنسان لأزمة نفسية كبيرة بعد فقدانه لوظيفته وقد يفقد الثقة في قدراته ومهاراته
يتعرض الإنسان لأزمة نفسية كبيرة بعد فقدانه لوظيفته وقد يفقد الثقة في قدراته ومهاراته

اضطرت بعض المؤسسات إلى تقليص عدد موظفيها بسبب الخسائر الفادحة جراء أزمة كورونا، فكيف يدير المرء حياته بعد أن فقد وظيفته ومصدر رزقه فجأة؟ وكيف نتعامل مع القلق إزاء الأمان الوظيفي؟

يؤثر فقدان الإنسان لعمله على حالته النفسية وبخاصة إذا كانت لديه التزامات مادية شهرية لا تسمح له برفاهية البحث عن عمل، وقد يفقد المرء ثقته بنفسه، أو يتعرض لموجة غضب وانفعال كبيرة تؤثر على سلامته النفسية والجسدية.

تتوافر عديد من المواقع التي تساعد في البحث عن وظائف مثل لينكد إن، وبيت، ومونستر، وإنديد، ولكن الأهم في نظر الخبراء كما أوضحوا في تصريحات لموقع الجزيرة مباشر “ألا يستسلم المرء لوطأة الضغوط النفسية، ويبحث عن مخرج، ويُحسن إدارة ذاته والتزاماته المادية في الفترة الانتقالية حتى يحصل على وظيفة مناسبة”.

ليست نهاية العالم.. قد تكون خسارتك لوظيفتك الحالية بداية لمسار مهني جديد (غيتي)
الآثار النفسية السلبية

عن ألم الخسران والآثار النفسية السلبية لفقدان الوظيفة، توضح هدى حمدان عضو الجمعية الأمريكية لعلم النفس أن الشعور بالحزن والأسى هو ردة فعل طبيعية لألم الخسارة، يصاحبها معاناة عاطفية وشعور بالغضب، والضيق، والاكتئاب، وقد تؤثر على الوزن وتؤدي لاضطراب النوم، والعزوف عن ممارسة روتين الحياة اليومي، وقد تتطور لتصل إلى شرب الكحول والمخدرات. 

وللسيطرة على رد الفعل النفسي والعاطفي، توصي هدى حمدان ببعض النصائح منها:

  1. إعطاء النفس الوقت الكافي للتكيف مع الوضع الحالي، وعدم دفن هذه المشاعر أو الهروب منها، فأول خطوات التعامل والسيطرة على الحدث هو تقبله والرضا به. التقط نفسك، واعلم أن هذه فترة مؤقتة ونكسة ستتجاوزها بإذن الله وتجربة ستتعلم منها.
  2. قم بمواجهة مخاوفك وحددها، وإذا استطعت اكتبها على ورقة فهذا يساعد على رؤية الواقع الحقيقي ويعينك في الاستعداد لها ومواجهتها. كما أن تحديد المخاوف وكتابتها يساعد في عدم تضخيمها أو إعطائها فوق قدرها، وبالتالي تستطيع تقييمها بطريقة عقلانية وبعيدًا عن العاطفة.
  3. تواصل مع من حولك ولا تبقى وحيدًا. ولكن عليك بالاختيار الحكيم والواع للأشخاص الداعمين لك في هذه الفترة. ابتعد عن الأشخاص السلبيين أو ممن يعانون أنفسهم من مشاكل مماثلة، وابحث عمن يقدم لك الدعم الإيجابي أو من يثريك بعقله وفكره.
  4. ركز على ما يمكن السيطرة عليه الآن ولا تهدر طاقتك بالقلق والجزع غير الواقعي. إذ لا يمكننا التحكم في سرعة الحصول على عمل بديل، أو سرعة إيجاد علاج لأزمة هذا الفيروس الذي نعيشه. وبدلًا من هذا استثمر في نفسك في تعلم مهارات جديدة أو قراءة كتاب مفيد.
  5. تعلّم الفصل بين أفكارك ومشاعرك؛ لأنهما مختلفان عن بعضهما البعض، فقد يصاحب العواطف مثل الحزن والفرح تساقط الدموع وتغير نبضات القلب وغيرها من الأحاسيس الجسدية، ولكن هذا لا يعني أن الأفكار المرتبطة بهذه العواطف صحيحة أو عقلانية. وفي الجانب الآخر، فإن منشأ الأفكار هو العقل ويمكن أن تكون هذه الأفكار صحيحة أو خاطئة بحسب المعلومات المتوفرة، وكلما كانت العاطفة أكثر قوة كلما اعتقد الإنسان بصدق الفكرة المصاحبة لها.
  6. حافظ على روتين يومي قدر الإمكان حتى لا تقع فريسة لشعور الفقد والخسارة السلبي، فالروتين اليومي يعطيك شعورا بالحياة المهنية التي كنت تزاولها وسيدفعك للتفكير بإيجابية أكبر. حافظ على الرياضة وحدد لها وقتا معينا من اليوم، أو ممارسة إحدى الهوايات، وتناول غذاء صحيا.
امنح نفسك فرصة كي تتقبل خسارتك ولا تدفن مشاعرك حتى تستطيع تجاوز الأزمة (غيتي)
إدارة المرحلة الانتقالية

يشير المحلل المالي والاقتصادي أحمد عقل، إلى أن الوقت الحالي من أصعب الأوقات التي تمر بها الدول والأفراد على المستوى الاقتصادي، ومن المتوقع أن يفقد عدد كبير من الناس وظائفهم في الفترة المقبلة، وخاصة في بعض المجالات مثل الطيران والسياحة.

ويوضح أن الجانب المشرق من الأزمة أن هناك متطلبات جديدة للأسواق، بفضل تغير كثير من الأنماط الاستهلاكية لدى الناس، وقد تتوافر فرص عمل في مجالات جديدة تلبي تغير السوق.

وأشار إلى صعوبة خسارة الوظيفة، وضرورة إدارة الفترة الانتقالية قبل الاستقرار في عمل جديد، من خلال تخفيف المصاريف وترشيد النفقات لمواجهة هذا التحدي الذي قد يطول لا قدر الله، والتوقف عن استخدام أي بطاقات ائتمانية، واستخدام المدخرات بشكل محدود والتأني في استثمارها في مشاريع جديدة.

وأكد على ضرورة البحث عن وظيفة جديدة فور فقدان الوظيفة الحالية، وإبراز نقاط القوة في المسيرة المهنية أثناء تقديم طلبات التوظيف، واستغلال توفر الوقت في فترة العزل المنزلي في تطوير الذات على مستوى اللغة والمهارات والقراءة في مجال التخصص.

استثمر فترة العزل المنزلي في تطوير مهاراتك والاستعداد للمرحلة الجديدة (غيتي)
بداية رحلة جديدة

تشير فاطمة المهندي مدربة في التخطيط، إلى أننا نقضي في العمل أوقات أكبر مما نقضي مع أسرنا، ولذلك فقرار ترك الوظيفة أو تغييرها قد لا يكون سهلاً، فما بالك لو كان إلزامًا قد يكون صادمًا وأحيانًا مدمرًا، وكل إنسان يتعامل مع المواقف بطريقته الخاصة التي تدل على جوانب شخصيته وما عود نفسه عليه.

وعن السيطرة على مشاعر الألم والغضب بعد فقدان الوظيفة، ترى فاطمة أن إدارة الذات في تلك الفترة العصيبة تبدأ بإقرار المرء بمشاعره، ومحاولة تقبل الأزمة، حتى لو لم يعرف أسباب خسارته لوظيفته، كما ينبغي أن يأخذ المرء بعض الوقت للتفكير في رحلته المقبلة ويبحث عن المنح، فكل محنة يغلفها العديدُ من المنح.

وتوصي من فقد وظيفته بتحديث سيرته الذاتية وبخاصة على مواقع لينكد إن، والتخطيط المالي للفترة المقبلة، واختيار العادات التي تناسب هذه المرحلة، وعدم التوقف عن بناء النفس وتطوير المهارات، واستغلال الوقت بشكل يومي في تعلم أمر جديد.

اقرأ أيضا:

“لينكد إن”.. كيف تجعل الوظائف تبحث عنك؟

إدارة التوتر.. كيف تسيطر على مشاعرك السلبية؟

مئات الآلاف من فرص العمل واستثمارات واعدة رغم أزمة كورونا

حتى لا تصيب ابنك بالفزع.. نصائح نفسية لشرح أزمة كورونا للأطفال

“الأكل العاطفي”.. عندما تصبح الثلاجة “الصديق وقت الضيق”

المصدر : الجزيرة مباشر