مئات الآلاف من فرص العمل واستثمارات واعدة رغم أزمة كورونا

امرأة يمنية تقوم بتصنيع "كمامات" في مصنع نسيج بصنعاء
امرأة يمنية تقوم بتصنيع "كمامات" في مصنع نسيج بصنعاء

احتدمت أزمة انتشار فيروس كورونا، واستنزفت ملايين الأسر بشأن العالم اقتصاديا، وأثرت على حركة التجارية الدولية، ولكنها من جهة أخرى خلقت بعض الفرص للأفراد والشركات.

فقد أعلنت شركة أمازون عبر موقعها، قبل أيام، عن فتح باب التوظيف لـ100 ألف وظيفة جديدة “عن بعد” بدوام جزئي أو كلي بزيادة دولارين في الساعة عن الأجر العادي (15 دولارا في الساعة).

ونشرت صحيفة “صن” البريطانية أمس الجمعة تقريرا عن قيام شركات تجارة التجزئة الكبرى (ذات سلاسل السوبر ماركت) بتقديم آلاف الوظائف في بريطانيا ما بين مؤقتة ودائمة.

فقد أعلنت شركة “تيسكو” عن 20 ألف وظيفة جديدة لتلبية الزيادة الكبيرة في الطلب، مع إقبال الناس على الشراء للمكوث في البيت والاستعداد للعزل المنزلي.

وتبحث شركة “أسدا” Asda  عن 5 آلاف موظف جديد في مجال الخدمات الغذائية، وطلبت الشركة من عمال المطاعم والمقاهي الذين استغنت عنهم محال عملهم بسبب الأزمة، بأن يقوموا بفتح طاولات الطعام والبيتزا الخاصة بهم في متاجرها.

وقررت شركة ليدل Lidl تعيين 2500 موظف بشكل مؤقت، لمدة 4 أسابيع مقابل ما يقرب من 10 جنيهات استرلينية في الساعة.

نجاح تجربة العمل عن بعد سيدفع الشركات إلى إعادة الفكير في جدوى دفع مبالغ باهظة في مقراتها (رويترز)
فرص وتحديات في العالم العربي

تخيم الأزمة على كثير من أصحاب العمل وبخاصة ذوي الدخول المنخفضة، والذين يعتمدون بشكل أساسي على العمل اليومي والبيع بالقطعة، والمحلات الصغيرة.

وحذّرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) من أن فيروس كورونا المستجد يمكن أن يتسبب قي خسارة أكثر من 1.7 مليون وظيفة في العالم العربي.

واتخذت بعض الحكومات العربية كدولة قطر قرارات لتخفيف وطأة الأزمة على صغار وكبار المستثمرين.

وانتشرت بعض المبادرات لتعويض محدودي الدخل، مثل مبادرة “تحدي الخير” في مصر، وغيرها من الدعوات الاجتماعية لمساندة الأسر المحتاجة، وكفكفة دموع المكروبين.

ولكن من جهة أخرى، انتعشت فرص العمل في محلات التجارية “السوبر ماركت” الكبيرة وصناعة الأغذية، والإقبال على شراء المنظفات والمعقمات، وقام كثير من الأفراد والشركات الصغيرة بإنتاج المطهرات والكمامات والمعقمات وبيعها إما في الأسواق الرئيسية أو من خلال الشراء عبر الإنترنت.

الإقبال على التسوق خلال أزمة كورونا فتح الباب لفرص عمل جديدة في سلاسل محلات السوبر ماركت الكبيرة (غيتي)
إعادة تشكيل السوق

في لقاء لموقع الجزيرة مباشر، أكد المحلل المالي والاقتصادي أحمد عقل أن الأزمة الاقتصادية بسبب كورونا هي من أكبر الأزمات صعوبة؛ خاصة مع عدم وجود جدول زمني واضح بشأن انفراج الأزمة.

وذكر أن الأزمة ستؤثر على الشركات الكبيرة، والصغيرة والمتوسطة، ولكن بنفس الوقت ظهرت فرص استثمارية كثيرة جدا، ورغم تعرض المشاريع الصغيرة والمحلات للضرر، زاد الطلب على أعمال ومنتجات أخرى؛ مثل: بعض الأغذية والكمامات والمنظفات والمعقمات، والمواد الطبية، وأدوات قياس الحرارة، وأدوات تعقيم الشركات.

وأضاف “أتصور أن السلوك الإنساني الشرائي الاستهلاكي ما قبل كورونا، قد يختلف عما بعد كورونا، على سبيل المثال: استخدام عدد من الكمامات يوميا بصفة مستمرة لم يكن موجودا في كثير من الثقافات، اليوم النمط الاستهلاكي تغير، والإنسان أصبح أكثر تقبلا لأي منتج له علاقة بالصحة والنظافة والتعقيم، وبرأيي هذا سيفتح المجال أمام العديد من الاستثمارات”.

"العالم مغلق" غلاف مجلة ذي" إيكونوميست البريطانية".. ولكن من الناحية العملية هناك فرص ومسارات مهنية جديدة تتشكل

أما عن الدروس الاقتصادية المستفادة من أزمة كورونا، فيوضح عقل أن الأزمة لقنت الشركات درسا قاسيا حول التخطيط الاستراتيجي وإدارة الأعمال أو على مستوى المخزون الاستراتيجي، أو المنتجات الموجودة، كما أبرزت ضرورة ترشيد الإنفاق، والبحث عن أدوات أو أعمال زاد الطلب عليها هذه الفترة، والاستفادة من الدعم الحكومي الذي نراه في الكثير من دول العالم، والتركيز خلال هذا الوقت على المحافظة على العمل نفسه وعلى استمراره.

أما على مستوى الأفراد، فأشار عقل إلى أن الأزمة تفتح لهم فرصا استثمارية من خلال شراء الأسهم، خاصة وأن بعض الأسهم فقد 50% من قيمته السابقة، مثل أسعار النفط والذهب، كما يمكن للأفراد الاستثمار في إنتاج بعض المواد التي زاد الطلب عليها.

أزمة كورونا أدت إلى زيادة الطلب على بعض المنتجات مثل أدوات قياس الحرارة (غيتي)
مسار جديد للتوظيف

وتشير صحيفة “فاينانشال تايمز”  إلى أن شركات التكنولوجيا تعمل بشكل متزايد، للاستفادة من الفرص التي يتيحها تحول العالم إلى الرقمية.

وأوضح جاك كيلي في مقال له بمجلة “فوربس” الأمريكية أن أزمة كورونا أثرت على الاقتصاد والأمن الوظيفي بشكل كبير، ولكن ستكون هناك قطاعات وشركات وعمال قد يستفيدون من هذه المأساة.

وأشار إلى أن الفائزين الكبار هم شركات الإنترنت التي لا تعتمد على مواقع البناء أو المقرات، ومقدمي الرعاية الصحي، وسلاسل المتاجر الكبرى وخاصة تلك التي لها حضور قوي عبر الإنترنت، وشركات الأدوية، وشركات التكنولوجيا مثل شركة Zoom التي تلبي احتياجات الناس الذين يعملون من المنزل.

ونظرًا لإغلاق المدارس ووجود الأبناء في المنزل، يرى كيلي أن الطلب سيزيد على  ألعاب الفيديو عبر الإنترنت، خاصة مع غياب الأحداث الرياضية، لذلك فإن الوظائف في مجال الألعاب الإلكترونية مساحة آمنة وسيزداد الطلب عليها.

ويعتقد أن قطاعات التصنيع ستتضرر بشدة، وكذلك مجال العقارات والفندقة على الأقل الشهور القادمة، فضلا عن السياحة والطيران. ولكن، قد يدفع نجاح تجربة “العمل عن بعد” الشركات إلى إعادة تقييم عقاراتها التجارية، والتخلي عن عقود الإيجار المكلفة في المباني باهظة الثمن لتوفير النفقات.

اقرأ أيضا:

كيف يصمد راتبك حتى نهاية الشهر؟

“عالم بلا عمل”.. هل تسرق الروبوتات وظائفنا؟

بعد انتشار كورونا.. كيف تدير عملك من المنزل؟

المصدر : الجزيرة مباشر