لماذا يخافون من رمضان؟!

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (غيتي)

يمكنك أن تشاهد الآن محاولات للتوصل إلى هدنة إنسانية في رمضان، فأمريكا ترغب في تحقيق ذلك، لكن دون التوصل إلى وقف للعدوان الإسرائيلي، فغرور النتن ياهو ما زال يدفعه إلى الاستمرار في الحرب لتحقيق هدفه في تهجير الفلسطينيين من غزة، والحصول على أسراه دون الخضوع لشروط حماس.

أما النظم العربية فإنها تحتاج إلى تلك الهدنة، حيث إنها تدرك أن استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، يزيد أزمتها ويكشف الحقائق عن عجزها وتبعيتها لأمريكا وخضوعها لإسرائيل، لذلك تشكل الهدنة الإنسانية مخرجا يمكن أن يسهم في مرور شهر رمضان دون اضطرابات.

المقاومة وثقافة شد الرحال

لكن تلك المؤشرات ليست كافية لتفسير حالة الخوف التي تنتابهم من رمضان، فهناك الكثير من العوامل التي يمكن أن تفتح أمام المقاومة آفاقا جديدة لزيادة قوتها المادية والمعنوية، من أهمها ثقافة شد الرحال إلى المسجد الأقصى، فقد طورت المقاومة هذه الثقافة خلال السنوات الماضية، لكنها في هذا العام يمكن تسهم في تثوير الضفة الغربية، وتحويلها إلى جبهة جديدة.

حالة الاضطراب أصابت صانع القرار الإسرائيلي، حيث قرر تقييد دخول الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، ثم تراجع عن ذلك القرار، ومن الواضح أن تقييم أجهزته الأمنية للموقف أوضح له أن القيود على دخول المسجد الأقصى يمكن أن تزيد النار اشتعالا، وتحول القدس إلى ميدان للصدام، وتفتح المجال أمام انتفاضة جديدة لن تتمكن سلطة أوسلو من وقفها.

أما فتح المجال أمام الفلسطينيين لدخول المسجد الأقصى فسيتيح لهم الرباط في المسجد، وسترى الشعوب مشهدا يثير الخيال، ويؤكد الإصرار على حماية المسجد، وارتباط الشعب بمشروع المقاومة.

الطريق إلى انتفاضة جديدة

أدركت المقاومة الإسلامية ما يمكن أن يتيحه لها رمضان من آفاق جديدة لتغيير الواقع، فدعت إلى شد الرحال إلى المسجد الأقصى في رمضان، ومن المتوقع أن يستجيب مئات الآلاف من الفلسطينيين لدعوتها، فهناك مشاعر غضب من العدوان الإسرائيلي على غزة سوف تنفجر في وجه الاحتلال الإسرائيلي، خاصة إذا حاولت أجهزة الأمن تقييد الدخول إلى المسجد.

إن فتح جبهة الضفة الغربية، وإشعال انتفاضة جديدة سيزيد أزمة دولة الاحتلال الإسرائيلي، فالشعور بالخوف وعدم الأمان يملأ صدور الصهاينة، الذين جاؤوا إلى هذه الأرض مدفوعين بالرغبة في الحصول على رغد العيش، وليس للموت من أجلها.

المقاومة تجيد القتال في رمضان

رمضان يحمل للمقاومة الإسلامية ذكريات تثير الخيال، وتزيد قلوب مقاتليها قوة وشجاعة، ورغبة في التضحية، والشوق إلى الشهادة، ففي رمضان حقق المسلمون أول انتصاراتهم العظيمة في غزوة بدر، وهي معركة غيرت تاريخ العالم.

والرموز الدينية والتاريخية من أهم مصادر القوة لحركة إسلامية تقوم بإعداد رجالها وتربيتهم على العقيدة والإيمان، وعلى أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم هو القائد الأعلى للأمة، وهو القدوة في الحياة والمثل الأعلى، وكل مسلم يتطلع إلى شفاعته وصحبته في الجنة.

لذلك تستطيع حماس أن تخوض المعركة في رمضان بأساليب يعجز العدو عن تصورها، وتظل تلك الأساليب خارج حسابات العقل والتخطيط الاستراتيجي، لكنها بالتأكيد ستشكل تغييرا لمسار الحرب، وستثبت للنتن ياهو أن قوته الغاشمة لن تجدي نفعا في مواجهة مقاتل مسلم يعتقد أن قائده محمد صلى الله عليه وسلم، وأن صحبته في الجنة أعظم ما يتمناه المسلم.

المقاومة الإسلامية تجيد القتال في رمضان، وهي تعتقد أنها ستحقق نصرا عظيما على الاحتلال الإسرائيلي، وأن صمودها لأكثر من خمسة أشهر يثير خيال كل الأحرار في العالم.

هل تصمت الأمة الإسلامية؟!!

أما الأمة الإسلامية فهي تعيش حالة ظلم عام، وتكره ذلك الواقع البائس الذي أصبحت تعيشه تحت سياط نظم طاغوتيه مغرورة بقوتها، وكل مسلم في العالم يشعر الآن بمرارة الظلم.

وملايين المسلمين أصبحوا يكرهون عجزهم الذي جعلهم يشاهدون الفلسطينيين يتضورون جوعا، دون أن يتمكنوا من نصرتهم خوفا من بطش أجهزة أمن تستخدم قوتها الغاشمة، لشلّ قدرة الجماهير على الحركة.

لكن تلك الأجهزة يظل خيالها محدودا، فهي تستخدم الأساليب العتيقة التي استخدمها الطغاة في كل العصور، ولم تفكر يوما في تنفيس الغضب الكامن في الصدور، والذي سينفجر قريبا في موجات ثورية جديدة تشكل خطرا على دولة الاحتلال الإسرائيلي، وأمريكا والنظم التابعة لها.

لذلك توضح دراسة الواقع أن ذلك الصمت الذليل يمكن أن يكون مقدمة لحريق هائل قد تنطلق شرارته في رمضان هذا العام، وأتحدّى تلك النظم أن تسمح بإجراء استطلاعات علمية للرأي العام يمكن أن تكشف الحقائق عن غضب كامن سينفجر قريبا.

غرور النتن ياهو والتغيير القادم

غرور النتن ياهو يمكن أن يكون من مؤشرات نصر المقاومة، فهو يصر على الاستمرار في عدوانه على غزة، ويقوم بإبادة الشعب الفلسطيني، وهذا يشكل عارا للبشرية كلها خاصة أمريكا وأوربا، كما أنه يسهم في انفجار غضب الأمة الإسلامية.

لذلك أعتقد أن رمضان هذا العام سوف يحمل مفاجآت جديدة تسهم في تغيير العالم كله، وأن قراءة الواقع تشير إلى أنه سيحمل للمقاومة الإسلامية في فلسطين نصرا.

والأمة الإسلامية يمكن أن تصوم وتصلي القيام هذا العام بقلوب تتطلع إلى نصر الله، وتتعلق بالرجاء في رحمته وقوته وفضله وعدله، وتستعد لنفض غبار الذل والخوف والوهن، والمقاومة الإسلامية في غزة تقدم الدليل على أن قوة الاحتلال الغاشمة يمكن أن تنهزم.

المصدر : الجزيرة مباشر