تقنين “الحشيش” في ألمانيا.. المعارضة ترفض وأصحاب “الكيف” يؤيدون!

البرلمان الألماني (غيتي)

 

بعد موافقة البرلمان الألماني “البوندستاغ” يوم الجمعة 23 فبراير 2024 أخيرًا على تشريع الحشيش في ألمانيا، أثار جدلًا كبيرًا في البلاد حول كيفية تطبيق بنود القانون، وكيفية التعامل مع الوضع الجديد.

رغم أن 48% من المواطنين الذين شملهم الاستطلاع رفضوا القانون مقابل 42% ممن أيدوه، إلا أن الوضع كان عكس ذلك في البرلمان، حيث رفضه 226 عضوًا مقابل 407 صوتوا لصالحه.

بهذا يدخل القانون حيز التنفيذ في بداية إبريل المقبل، ولن يُعاقَب أي شخص يمتلك 25 جرامًا من الحشيش للتدخين كما كان معتادًا من قبل، وسيكون من حق الأفراد امتلاك 3 شتلات لزراعتها في المنازل، ويجب أن يكون التدخين بعيدًا عن مداخل المدارس، وصالات الألعاب الرياضية، ودور رعاية الأطفال والمستشفيات بمسافة لا تقل عن 100 متر.

إذًا، في الوقت الذي يرحب فيه المؤيدون بتعاطي الحشيش قانونيًا، فإن المعارضة وجهت انتقادات حادة للحكومة خوفًا من تحول ألمانيا إلى دولة “لسياحة المخدرات”، فربما سيتوجه إليها المدخنون من أقطار أوروبا التي ما زالت تجرم تشريع الحشيش، مما قد يُسبب مشاكل لألمانيا من جراء دخول الباحثين عن الكيف والمزاج إلى أراضيها!.

بعد هذا القرار، أصبحت ألمانيا هي الدولة التاسعة عالميًا التي تسمح بتعاطي الحشيش، ومعروف أن جارتي ألمانيا هولندا ولوكسمبورج تسمحان بتعاطيه وفق النسبة المقررة في القانون، وكانت هولندا قد أقرت في عام 1976 تدخين الحشيش، لأن حجتها في ذلك كانت تقوم على ضرب السوق السوداء التي قد يتم بيع أصناف أخرى فيها قد تشكل خطورة كبيرة على صحة الشباب، ومن ثم أيضًا تفعيل دور الدولة في مراقبة منافذ البيع لضمان سلامة المدخنين من الشباب.

وزير الصحة الألماني “كارل لاوترباخ” يسير على الطريقة الهولندية نفسها، حيث يرى أنه لا يجب أن ندفن رؤوسنا في الرمال، بل يجب مواجهة ظاهرة تدخين الحشيش بشكل قانوني، إذ إنه وفقًا لآخر الإحصائيات، فإن أربعة ملايين ونصف مليون ألماني يدخنون الحشيش اعتمادًا على السوق السوداء، لهذا يقول الوزير إن رقابة الدولة مهمة للقضاء على التجارة غير الشرعية مجهولة المصدر، التي قد تشكل خطرًا على حياة الشباب بسبب عدم وجود ضمانات بشأن تركيبة الحشيش المباعة!

المعارضة تسأل عن كيفية التطبيق

يعتقد الحزب الديمقراطي المسيحي المعارض أن خطط الوزير تهدف إلى تشجيع تجارة المخدرات بكل ما يشكله ذلك من مخاطر على صحة المجتمع، فالصحة النفسية والجسدية مهمة للمواطنين، وتطرح المعارضة السؤال عن كيفية آليات مراقبة الكميات المحددة أو المزروعة في المنازل؟ وكيف سيتم الالتزام بها؟ وكيف سيتم مراقبة الأسواق الموازية؟

لم تُغلق الحكومة الأبواب أمام هذه الأسئلة كلها، ولا أمام كل ما يمكن أن يأتي به المستقبل، إذ إن القانون سيُقيَّم مرة أخرى بعد سنة ونصف السنة ليتم تدارك أوجه القصور إذا وجدت!

يقول المؤيدون للقانون إن ألمانيا ليست وحدها التي شرعت الحشيش، فهناك الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا ومالطا وهولندا ولوكسمبورج وسويسرا وإسبانيا سبقتها في ذلك، وحتى في دولة التشيك المجاورة، فعلى الرغم من عدم وجود قانون يتيح تعاطي الحشيش، فإن الشرطة تغمض العين عن حيازة كميات قليلة منه.

مقاهي الشيشة تنتظر

دخلت مقاهي الشيشة إلى ألمانيا بعد حرب الخليج الأولى والثانية مع هجرة أعداد كبيرة من اللاجئين العرب، وانتشرت موضة تدخين الشيشة بين الشباب الألمان، ومن المتوقع بعد إتاحة الحشيش أن تزداد هذه المقاهي، التي يصل عددها إلى خمسة آلاف مقهى شيشة في ألمانيا حتى الآن.

بشكل عام، يُعَد استهلاك التبغ والكحول والمخدرات أحد المجالات الرئيسة التي تهدد صحة الأطفال والمراهقين هنا، وتظهر الدراسات في ألمانيا أن 20.5% من الأولاد الذين تتراوح أعمارهم بين 11 إلى 17 عامًا، والنسبة نفسها تقريبًا من الفتيات من العمر نفسه، يدخنون.

من المؤكد أنه بعد دخول التشريع حيز التنفيذ، ستزداد أعداد المدخنين في أوساط الشباب، لأن هناك نسبة من الشباب المتردد الذي يعاني ضغوطًا نفسية بسبب ضغوط الحياة، وتفكك الأسر، وضعف الروابط الاجتماعية، قد يجدون في تدخين الحشيش راحة لهم كما يزعمون.

ليس التدخين فقط، بل يشمل القانون أيضًا السماح بزراعة الحشيش بهدف الاستخدامات الطبية في الأدوية التي تخفف الآلام، ومعروف أن هناك أكثر من 30 دولة في العالم تسمح بالاستخدام الطبي للحشيش.

سيكون من الممكن أيضًا إنشاء نواد للزراعة غير التجارية في الأول من يوليو المقبل بشرط أن تضم في عضويتها 500 فرد، ويتم البيع في إطار الأعضاء فقط لبعضهم بعضًا للاستهلاك الخاص بحد أقصى 50 جرامًا لكل عضو شهريًا.

القضاة ينتقدون القانون

حذّرت جمعية القضاة في ألمانيا من أن تطبيق القانون سيثقل كاهل القضاء بموجب لائحة العفو المنصوص عليها في القانون الجديد، فسيتعين عليهم إعادة النظر في ملفات أكثر من 100 ألف متهم على مستوى البلاد، وسيتعين عليهم فحصها مرة أخرى لإلغاء العقوبات بأثر رجعي وفقًا لنص القانون الجديد، وبحسب مكتب المدعي العام، فإن القانون يعني “أن عليهم إجراء تقييمًا يدويًا لجميع الملفات الجنائية المتعلقة بقانون المخدرات مرة أخرى لتحديد ما إذا كانت الوقائع المعنية ستبرأ من العقاب أم لا!”.

سنرى بعد تطبيق القانون هل يكسر الحشيش جدية الشعب الألماني المعروفة؟ وتجهمه المبالغ فيه ليصبح شعبًا خفيف الظل صاحب نكته أم لا!

 

المصدر : الجزيرة مباشر