بعد احتجاز مشتبه فيه بتفجير لوكربي.. ليبيا: لا يجوز فتح مطالب جديدة في القضية بعد التسوية

حطام طائرة "بان أمريكان" التي أسقطت بتفجير فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية أسفر عن مقتل 270 شخصا (غيتي)

قال مستشار الأمن القومي الليبي إبراهيم أبوشناف، مساء أمس الأحد، إنه لا يجوز فتح أي مطالب جديدة في قضية “لوكربي” بعد التسوية التي تم التوصل إليها.

وأضاف “بعد إعلان الولايات المتحدة أسر المواطن أبوعجيلة المريمي، فإننا نذكر المسؤولين الأمريكيين بتعهداتهم وتشريعاتهم الصادرة في تسوية قضية لوكربي”.

وتابع أبوشناف “نصت اتفاقية التسوية مع ليبيا على أنه لا يجوز بعد دفع الأموال والتعويضات (لأهالي الضحايا) فتح أي مطالبات جديدة عن أي أفعال ارتُكبت من أحد الطرفين في حق الآخر قبل تاريخ الاتفاقية”.

وأردف “التزمت الولايات المتحدة وفق الاتفاقية بتوفير الحصانة السيادية والدبلوماسية لليبيا وألا يتسلم أهالي الضحايا أي تعويضات من الصندوق المشترك المخصص للغرض إلا بعد توفير هذه الحصانة”.

وأكد أبو شناف أن “الكونغرس الأمريكي أصدر في أغسطس/ آب 2008، القانون رقم 110/30 الذي تقدم به النائب والرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن الذي ينص على أن تكون الممتلكات والأفراد الليبيون المعنيون بالقضية في مأمن من الحجز أو أي إجراء قضائي آخر، كما أصدر الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في 2008 مرسوما رئاسيا بهذا الالتزام”.

المريمي (الثاني من اليسار) يجلس خلف القضبان أثناء جلسة استماع في قاعة محكمة بطرابلس عام 2014 (رويترز)

احتجاز المريمي

وقد كشفت السلطات الاسكتلندية، أمس الأحد، أن الليبي محمد مسعود خير المريمي المشتبه في وقوفه وراء تفجير لوكربي، محتجز لدى الولايات المتحدة حاليا.

ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” عن مكتب المدعي العام قوله “أُبلغ أهالي القتلى في تفجير لوكربي بأن المشتبه فيه محمد مسعود خير المريمي محتجز لدى الولايات المتحدة”.

وأضاف المكتب “المدعون وشرطة اسكتلندا سيستمرون في العمل مع حكومة المملكة المتحدة وزملائهم في الولايات المتحدة، في متابعة هذا التحقيق، بهدف وحيد هو تقديم أولئك الذين تصرفوا مع عبد الباسط المقرحي (ضابط المخابرات الليبي الذي أدين بتدبير التفجير نفسه) إلى العدالة”.

وأكدت وزارة العدل الأمريكية أنها تحتجز المريمي، ولم تكشف عن كيفية نقله إلى الولايات المتحدة.

وفي الشهر الماضي، أوردت هيئة “بي بي سي” أن مسعود المريمي خُطف بأيدي جماعة مسلحة ليبية عقب توقيفه على خلفية هجوم برلين عام (1986) الذي أسفر عن مقتل عسكريين أمريكيين ومواطن تركي.

وفي معرض تأكيدها احتجاز المريمي، قالت وزارة العدل الأمريكية إن “مسؤولا استخباريا ليبيا سابقا، يشتبه في أنه من صنع القنبلة التي استخدمت لتفجير طائرة أمريكية فوق مدينة لوكربي عام 1988، قيد الاحتجاز بالولايات المتحدة، ومن المتوقع مثوله أمام محكمة فدرالية”.

ووقع التفجير في 21 ديسمبر/ كانون الأول 1988 على متن طائرة من طراز بوينغ 747 تابعة لخطوط طيران “بان أمريكان”، فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية، وأسفر عن مقتل 270 شخصا.

صانع قنابل

وعُرف مسعود بأنه صانع قنابل لصالح نظام معمر القذافي. ووفق لائحة الاتهام الأمريكية، فإنه قام بتجميع وبرمجة القنبلة التي أسقطت طائرة “بان أمريكان”.

وأعيد فتح التحقيق في القضية عام 2016 عندما علم القضاء الأمريكي بتوقيف مسعود بعد سقوط نظام القذافي وأنه قدم اعترافًا لاستخبارات النظام الليبي الجديد عام 2012.

تشكيك

لكن مسؤولية ليبيا في قضية لوكربي يشكك فيها البعض منذ فترة طويلة.

ويرى أصحاب هذه الرواية أن تفجير لوكربي جاء ردا على إسقاط طائرة ركاب إيرانية بصاروخ للبحرية الأمريكية في يوليو/تموز 1988 مما أدى إلى مقتل 290 شخصا.

لكن نظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي أقر رسميا بمسؤوليته عن تفجير لوكربي عام 2003 ودفع 2.7 مليار دولار تعويضات لأسر الضحايا.

دور إيراني

وفي عام 2009، قررت السلطات في اسكتلندا الإفراج عن عبد الباسط المقرحي لأسباب إنسانية، وذلك بعدما تبين أنه مصاب بسرطان البروستاتا، وأعلن أطباؤه أنه لن يعيش أكثر من 3 أشهر.

وفي 20 مايو/ أيار 2012، توفي المقرحي في منزله بالعاصمة الليبية طرابلس بعد صراع طويل مع مرض السرطان.

وفي يناير 2021، خسرت عائلة المقرحي بعد وفاته استئنافًا في اسكتلندا ضد إدانته، وذلك إثر صدور مراجعة مستقلة لم تستبعد احتمال حدوث خطأ قضائي.

وتريد الأسرة من سلطات المملكة المتحدة رفع السرية عن وثائق قيل إنها تزعم أن إيران استعانت بفصيل فلسطيني مقره في سوريا لصنع القنبلة التي أسقطت الطائرة.

عبد الباسط المقرحي

وبعد أنباء احتجاز مسعود لدى السلطات الأمريكية، صدر عن محامي أبناء المقرحي بيان يحاولون فيه مرة أخرى التشكيك في مسؤولية ليبيا عن قصية لوكربي.

وقال المحامي عامر أنور في بيان إن لائحة الاتهام الأمريكية تذكر على سبيل المثال أن مسعود اشترى ملابس لملء الحقيبة التي تحتوي على القنبلة التي أسقطت الطائرة.

لكن صاحب المتجر في مالطا الذي باع هذه الملابس أكّد أن المقرحي هو الذي اشتراها، وكانت هذه المعلومة محورية في القضية المرفوعة ضده. وكتب المحامي “كيف يمكن إذن تحميل كل من المقرحي ومسعود المسؤولية؟”.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات