تفاصيل جديدة.. كيف تمكنت المخابرات التركية من قتل أبو الحسين القرشي زعيم تنظيم الدولة؟

مسلحون تابعون لتنظيم الدولة

نقلت وكالة رويترز عن مسؤول أمني تركي كبير قوله إن أبو الحسين القرشي أنهى زعامته لتنظيم الدولة الإسلامية التي استمرت 6 أشهر بتفجير سترة انتحارية بعدما رفض الاستسلام خلال مداهمة للقوات الخاصة التركية في شمال غربي سوريا، السبت الماضي.

والقرشي هو ثالث زعيم للتنظيم يُقتل بتفجير سترة ناسفة خلال مداهمة منذ عام 2019.

وكان المتحدث باسم تنظيم الدولة قد أعلن العام الماضي مقتل زعيمه أبو الحسن الهاشمي القرشي، واختيار أبو الحسين الحسيني القرشي خلفا له، ليكون رابع زعيم للتنظيم.

وأصبح التنظيم، الذي كان ذات يوم يحكم ملايين الأشخاص خلال سيطرته على ثُلث أراضي العراق وسوريا، يعمل في الخفاء.

وأفاد المسؤول الأمني لرويترز بأنه أثناء المداهمة التي استمرت 4 ساعات -قادتها المخابرات التركية- اقتحمت القوات الخاصة سياجا خارجيا وبابا خلفيا وجدران مخبأه في مبنى من طابقين بالقرب من بلدة جنديرس.

وقال مصدران أمنيان سوريان لرويترز إن فصائل مسلحة سورية مدعومة من تركيا طوقت المنطقة خلال مداهمة المبنى من جانب القوات الخاصة التركية التي قال مصدر في وقت سابق إنها دخلت سوريا بسيارات مدرعة.

ورفضت المخابرات التركية التعليق على هذا التقرير.

والأحد الماضي، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه “تم تحييد” القرشي في إطار عملية للمخابرات.

وأظهرت صور للموقع قدّمها المسؤول الأمني “مبنى له سقف أحمر” تهدمت معظم جدران طابقه الأرضي.

وتناثرت قطع حطام من المعدن وقوالب البناء في فناء يضم نافورة صغيرة، وفي حقل مجاور مزروع بأشجار الزيتون.

وقال المسؤول الأمني لرويترز إن المخابرات التي كانت تراقب القرشي منذ مدة طويلة نفذت العملية السرية بعد التأكد من أنه سيترك الموقع قريبا، مضيفا أن القرشي فجّر سترته الانتحارية عندما أدرك أنه سيتم القبض عليه. كما أفاد المسؤول بأن القوات الخاصة طلبت منه الاستسلام لكنه لم يستجب.

ومثل سلفه في زعامة التنظيم، لم يوجه القرشي أي كلمة علنية، وهو ما يشير إلى مدى تراجع نفوذ التنظيم مقارنة بوضعه عندما صعد الزعيم الأسبق له أبو بكر البغدادي على المنبر في مسجد مكتظ بالعراق عام 2014 لإعلان نفسه خليفة.

زعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي
زعيم تنظيم الدولة الأسبق أبو بكر البغدادي (رويترز- أرشيف)

آخر ملاذ آمن

والقرشي هو أحدث قادة تنظيم الدولة الذين ألقي القبض عليهم أو قُتلوا في شمال غربي سوريا، وهي منطقة صغيرة تسيطر عليها قوات متصارعة من بينها جماعات مسلحة متشددة وفصائل مسلحة مدعومة من تركيا.

وصارت المنطقة أهم ملاذ آمن لتنظيم الدولة في الشرق الأوسط بعد هزيمته في العراق عام 2017 وفي سوريا عام 2019، ويتسلل أفراده وأنصاره عبر الحدود العراقية السورية التي يبلغ طولها 600 كيلومتر.

ونقلت رويترز عن مسؤول مخابرات عراقي قوله إن “الملاذ الآمن الوحيد لقادة داعش البارزين هو سوريا، وبالتحديد المناطق المحاذية لتركيا”.

ولعب التعاون المخابراتي العراقي مع تركيا دورا كبيرا في العمليات الأخيرة التي استهدفت كبار قيادات تنظيم الدولة، وفقا للمسؤول ولمسؤول مخابرات عراقي آخر يتابع أنشطة كبار زعماء التنظيم في العراق وسوريا وتركيا.

وساعد التعاون تركيا في تحديد مكان القرشي في سوريا بشكل تقريبي.

وأفاد المسؤول العراقي بأن تركيا سهلت دخول أفراد أمن عراقيين إلى شمال غربي سوريا، استدرجوا القيادي السابق في تنظيم الدولة خالد الجبوري من تركيا إلى سوريا حيث قُتل في غارة أمريكية بطائرة مسيّرة الشهر الماضي.

وأوضحت المصادر أن مجموعات مسلحة مدعومة من تركيا ألقت القبض في أثناء عملية الشهر الماضي على اثنين من التنظيم كانا متمركزين في عفرين وفي قرية بالقرب من جنديرس، ويحاولان توصيل رسالة من القرشي إلى الجبوري.

وقال أحد المصادر “لقد كان ذلك علامة تحذير بأن القرشي على الأغلب كان يختبئ في تلك المنطقة”.

وذكر المصدر أن الولايات المتحدة ساعدت أيضا عبر توفير معلومات مخابراتية حصلت عليها باستخدام أنظمة متقدمة تمكنت من اعتراض اتصالات لتنظيم الدولة في سوريا.

وقال متحدث باسم التحالف بقيادة واشنطن الذي يحارب التنظيم إن التحالف لا يعلق على العمليات العسكرية لدول أخرى.

ورفض مسؤول أمني تركي التعقيب على أي مشاركة للمخابرات العراقية في العملية.

خلافة القرشي

وبعد رحيل القرشي، يتوقع المحللون أن يعلن تنظيم الدولة في نهاية المطاف عن زعيم جديد.

وسيصبح هذا هو الزعيم الرابع خلال 4 سنوات للتنظيم الذي تراجعت عملياته بشكل كبير في المناطق التي يوجد بها، وعلى رأسها منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

ورجح المسؤول في المخابرات العراقية أن يكون الزعيم الجديد عراقيا مثل من سبقوه، لكن لم يتبق سوى عدد قليل من القادة المؤهلين لتولي الزعامة 3 منهم معروفون للمخابرات العراقية.

وقال حسن حسن -مؤلف كتاب عن تنظيم الدولة ورئيس تحرير مجلة نيو لاينز- إن التنظيم أعد قبل ذلك لمحات شخصية عن القيادات لتهيئة أتباعه للخلافة، لكنه لم يتمكن من تكرار ذلك في السنوات الأخيرة.

وأوضح لرويترز “لم يعد لدى تنظيم الدولة قيادات تحظى بالثقة يمكنه الإعلان عنها، على الأقل داخليا، كما أن الوضع الأمني بات معقدا لدرجة لا يمكن معها إعطاء الأولوية لهذا الجانب”.

وأضاف “كان تخمين شخصية الزعيم الأخير هو الأصعب حتى على المخابرات العراقية والأمريكية، وهذا ينطبق بشكل أكبر على الزعيم القادم”.

ولم يؤكد تنظيم الدولة مقتل زعيمه أو يُصدر تعليقا بهذا الشأن.

ويواصل مسلحو التنظيم شن هجمات، وقال تقرير للأمم المتحدة نُشر في فبراير/شباط الماضي، إن عدد أعضاء التنظيم وأنصاره يُقدَّر بما بين 5000 و7000 منتشرين في سوريا والعراق، نصفهم تقريبا مقاتلون.

المصدر : الجزيرة مباشر + رويترز