بعد منع التعليم.. طالبان تعلق توظيف النساء بالمنظمات غير الحكومية وتنديد دولي واسع

مظاهرة نسائية سابقة في كابل احتجاجًا على قيود فرضتها طالبان (الأناضول)

أمرت حكومة حركة طالبان، أمس السبت، جميع المنظمات غير الحكومية الأجنبية والمحلية في أفغانستان بتعليق توظيف النساء.

وذكرت رسالة من وزير الاقتصاد قاري الدين محمد حنيف، أكدها المتحدث باسم الوزارة عبد الرحمن حبيب، أنه لن يتم السماح بعمل الموظفات في المنظمات غير الحكومية حتى إشعار آخر لعدم التزام بعضهن بقواعد الزي الإسلامي.

وأضافت الرسالة أن أي منظمة لا تمتثل للأمر سيتم إلغاء ترخيصها التشغيلي في أفغانستان.

وقالت الوزارة في رسالتها إنها تلقت “شكاوى خطيرة” بشأن موظفات يعملن في منظمات غير حكومية، ولا يتبعن قواعد اللباس المناسبة بما يشمل الحجاب.

ولم يتضح ما إذا كان الأمر ينطبق على جميع النساء أو الأفغانيات فقط العاملات في المنظمات غير الحكومية.

ويأتي القرار بعد أيام من إصدار حكومة طالبان أمرًا للجامعات بمنع الطالبات من الحضور، الأمر الذي قوبل بإدانة دولية قوية وأشعل بعض الاحتجاجات وأثار انتقادات شديدة داخل أفغانستان.

قلق أممي ودولي

وأعرب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عن قلقه إزاء قرار طالبان، وقال على تويتر إنه يشعر “بقلق عميق” من أن هذه الخطوة “ستؤدي إلى تعطيل المساعدة الحيوية والمنقذة لحياة الملايين”.

وأضاف “النساء أساسيات في العمليات الإنسانية بجميع أنحاء العالم، وقد يكون هذا القرار مدمرًا بالنسبة للشعب الأفغاني”.

وأبلغ رامز الأكبروف، نائب الممثل الخاص للأمم المتحدة في أفغانستان ومنسق الشؤون الإنسانية، وكالة رويترز بأنه على الرغم من أن الأمم المتحدة لم تتسلم هذا الأمر، فإن معظم أنشطتها تنفذها منظمات غير حكومية تتعاقد معها وبالتالي ستتأثر تلك الأنشطة بشدة.

وقال “سيتأثر العديد من برامجنا ولن نتمكن من تنفيذها لأنه إن لم تكن لدينا مشاركة من كوادر نسائية في تقييم الاحتياجات الإنسانية وتحديد المستفيدين وتقديم العون وتوزيع المساعدات، فإننا لن نتمكن من تنفيذها”.

وقالت وكالة المساعدات الدولية (أفغان إيد) إنها علقت على الفور عملياتها بينما تجري مشاورات مع منظمات أخرى، وإن منظمات غير حكومية أخرى في البلاد تتخذ إجراءات مماثلة.

ويأتي التهديد المحتمل لبرامج المساعدات التي يحصل عليها ملايين الأفغان في وقت يعتمد فيه أكثر من نصف السكان على المساعدات الإنسانية، وفقًا لوكالات الإغاثة.

وقال الأكبروف “ما من وقت مناسب (لفرض) مثل هذا الأمر، لكن الوقت الحالي تحديدًا سيء جدًّا لأن الناس يكونون في فصل الشتاء في أمس الحاجة (للمساعدات)، والشتاء في أفغانستان قاسٍ جدًّا”.

وأضاف أن مكتبه سيتشاور مع المنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة وسيسعى للقاء مع مسؤولي طالبان للحصول على تفسير.

ويقول موظفو الإغاثة إن وجود العاملات مهم في بلد تمنع فيه القواعد والعادات الثقافية إلى حد بعيد تسليم مساعدات من عمال ذكور إلى المستفيدات من النساء.

وقال الأكبروف “أحد المبادئ المهمة في إيصال المساعدات الإنسانية هو قدرة النساء على المشاركة بشكل مستقل ودون عوائق في توزيعها، لذلك إذا لم نتمكن من القيام بذلك، فلن يمول أي مانح أي برامج من هذا القبيل”.

محاولة مؤسفة

ولدى سؤال حبيب، المتحدث باسم وزارة الاقتصاد، عما إذا كانت القواعد تسري مباشرة على وكالات الأمم المتحدة، قال إن الخطاب ينطبق على المنظمات التابعة لهيئة التنسيق الأفغانية الخاصة بالمنظمات الإنسانية، المعروفة باسم (أكبر). ولا تشمل هذه الهيئة الأمم المتحدة ولكنها تضم أكثر من 180 منظمة غير حكومية محلية ودولية.

من جهتها، غرّدت منظمة العفو الدولية قائلة إن الحظر “محاولة مؤسفة لإقصاء المرأة من المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية” في أفغانستان.

وأفادت لجنة الإنقاذ الدولية في بيان بأن موظفاتها في أفغانستان اللواتي يتجاوز عددهن 3000 امرأة “أساسيات لتوزيع المساعدات الإنسانية” في البلاد.

بدوره، أدان الاتحاد الأوربي الذي يُعَد من أبرز الجهات الممولة للمنظمات الإغاثية العاملة في أفغانستان -رغم عدم اعترافه بحكومة طالبان رسميًّا- القرار، وأكد أنه يُقيّم “تأثيره على تقديمنا للمساعدات ميدانيًّا”.

وقالت نبيلة مصرالي المتحدثة باسم مسؤول الشؤون الخارجية للاتحاد الأوربي جوزيب بوريل “يبقى شاغلنا الرئيسي رفاه الشعب الأفغاني وحقوقه وحرياته”.

وعبّرت إحدى العاملات في منظمة غير حكومية عن صدمتها بسبب هذا القرار، وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية “ماذا ستفعل النساء اللواتي ليس لديهن رجال لإعالة أسرهن ويعملن في مثل هذه المنظمات غير الحكومية؟”.

وأضافت “فقط هذا الراتب هو الذي منعنا من الوقوع في براثن الفقر”.

المصدر : وكالات