مأساة استثنائية.. فيضانات السودان تهدد مناطق أثرية وتحذيرات من ظهور أوبئة

صورة أرشيفية لمنطقة البجراوية الأثرية التي يتهددها الفيضان

يعيش السودان مأساة استثنائية، بعد أن ضربت معظم ولاياته، سيول وفيضانات لم يسبق لها مثيل منذ 100 عام، ما أودى بحياة أكثر من 100 شخص، وتضرر آلاف المنازل، وغرق بلدات بأكملها.

وحذر وزير الصحة السوداني المكلف، أسامة عبد الرحيم من ظهور أوبئة بسبب الفيضانات والأمطار الغزيرة، في وقت تعيش فيه المناطق التي ضربتها السيول عزلة بعد أن حاصرتها المياه من كل جانب.

وهطلت أمطار غزيرة، مساء أمس الإثنين، على أحياء جنوب وشرق العاصمة السودانية الخرطوم، تزامنت مع انقطاع للتيار الكهربائي، في وقت استمر فيه تدفق الفيضانات.

وأعلنت السلطات السودانية  يوم السبت حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد بسبب الفيضانات القياسية التي خلّفت أكثر من 100 قتيل ودمّرت أو ألحقت أضرارا بأكثر من 100 ألف منزل، وفقا لوكالة الأنباء الرسمية.

وتشهد أحياء الخرطوم على ضفاف النيل ورافديه النيل الأزرق والنيل الأبيض فيضانات أدت إلى تدمير أكثر من 5 آلاف منزل، حسب السلطات، كما تعاني أحياء العاصمة المتمركزة على ضفاف الأنهر الثلاث “النيل ورافديه” من فيضانات منذ نحو أسبوعين، لم تسبق منذ 100 عام.

والإثنين، أعلنت وزارة الداخلية وفاة 102 وإصابة 46، وتضرر أكثر من 67 ألف منزل جراء السيول والفيضانات في البلاد منذ بداية الأمطار الخريفية في يونيو/حزيران الماضي.

ويبدأ موسم الأمطار الخريفية بالسودان من يونيو، ويستمر حتى أكتوبر/ تشرين الأول، وتهطل عادة أمطار قوية في هذه الفترة، وتواجه البلاد فيها سنويا فيضانات وسيولا واسعة.

مياه النيل تهدد مناطق أثرية

من ناحية أخرى أعلن مدير الوحدة الأثرية الفرنسية في السودان مارك مايو أنّ منطقة (البجراوية) الأثرية التي كانت فيما مضى عاصمة للمملكة المروية، مهدّدة بالفيضان بسبب ارتفاع منسوب مياه نهر النيل إلى مستوى قياسي.

وقال عالم الآثار الفرنسي إنّ مفتّشي الآثار السودانية بنوا سدوداً في المكان بواسطة أكياس معبّأة بالرمال واستخدموا المضخّات لسحب المياه ومنعها من إتلاف هذه التحفة الأثرية.

وبحسب خبير الآثار الفرنسي فإنّه “لم يسبق أبداً للفيضانات أن بلغت مدينة البجراوية الملكية التي تبعد 500 متر عن مجرى نهر النيل” وتقع على بعد 200 كيلومتر إلى الشمال من الخرطوم. 

وأكّد مايو أنّ “الوضع حالياً تحت السيطرة” محذرا من أنّه إذا استمرّ ارتفاع منسوب النيل، فقد لا تعود الإجراءات المتّخذة كافية، وقال إن مواقع أثرية أخرى مهدّدة بالفيضان على طول مجرى النيل. 

ومنطقة البحراوية الأثرية تضمّ المقبرة حيث أهرامات مروى الشهيرة والمدينة الملكية لهذه الإمبراطورية المركزية التي حكمت من سنة 350 قبل الميلاد إلى سنة 350 ميلادية.

وكانت أراضي هذه المملكة تمتدّ في وادي النيل لمسافة 1500 كيلومتر، من جنوب الخرطوم وصولاً إلى الحدود المصرية، والموقع المدرج منذ 2003 على قائمة اليونيسكو للتراث.

تضامن عربي ودولي

وعقب تواتر الصور والمقاطع المتلفزة لغرق السودانيين، تصدر هاشتاج (وسم) “من قلبي سلام للخرطوم” الثلاثاء، قائمة الأكثر تداولا على موقع تويتر، بآلاف التغريدات العربية التضامنية مع الشعب السوداني.

وغلب على مشاركات المغردين العرب على موقع تويتر، الدعاء للسودان بالخروج من المحنة القاسية وتفريج الكروب، فيما نشر آخرون صورا لسودانيين يبتسمون رغم مظاهر الخراب والدمار، كدلالة على التمسك بالأمل والحياة.

كما تلونت معظم الحسابات على تويتر، بالألوان الأربعة للعلم السوداني، في إشارة افتراضية للتضامن مع البلد العربي المنكوب.

واعتبر عبدالله الشايجي، أن التضامن الافتراضي ليس كافيًا، بقوله: “كارثة فيضانات السودان توجب حملة عاجلة من الدول العربية والمجتمع الدولي لإنقاذ شعبه الطيب من الحالة المعيشية الصعبة التي يعيشها جراء الفيضانات وتفشي فيروس كورونا”.

وتابع: “هاشتاغ من قلبي سلام للخرطوم والسودان مع روعته وتعاطفه، لكنه لا يأوي مشردين ولا يطعم جائعين ولا ينقذ مساكين”.

https://twitter.com/docshayji/status/1303117006682685442?ref_src=twsrc%5Etfw

بدوره، نشر حساب باسم “ذي قارية” مقطعا مصورا لإقامة شباب سودانيين متاريس (سدود) بشرية، قائلا: “شباب يسدون الفيضان بأجسادهم حتى يكتمل بناء سد جزئي.. اللهم رحمتك وعفوك ارحم أهلنا في السودان”.

وعلق حساب باسم “طاهر ياسين” على صور أطفال يساعدون ذويهم في نزوح المياه، قائلا: “لكم الله يا أطفال بلدي. هؤلاء الأشبال وأمثالهم يبثون الأمل في النفوس”.

وأضاف: “يقولون لنا (الأطفال) إن الوطن سيكون بخير، طالما هم فيه. خذلهم الساسة منذ الاستقلال، ولم يهيئوا لهم وطنا يحتويهم بأمان. لكنهم يصرون على حب الوطن وخدمته”.

فيما نشر حساب باسم “وليد الدردساوي” عبر تويتر، صورة لشاب سوداني مبتسم يحمل فوق رأسه إسطوانة بوتاجاز منزلي ومعظم جسده غارق تحت المياه، قائلا: “ويل لنا إن غرق ضميرنا.. وما غرقت ابتسامتكم التي عرفناكم بها وبطيب قلوبكم”.

وعلق حساب باسم “حازم” على صورة لرجل سوداني مغلوب على أمره بعد غرق منزله قائلا: “الوجع في صورة قلب مكسور. سألته ما بال بلادي؟ بعبارة خانقة أجابني: هذه البلاد تعِبت وملّت، وفاض كل شيء بها، حتى نيلها غضب فماج كما الثوار”.

وفي إشارة لمآسي الدول العربية، قال حساب باسم “محمد إحسان” عبر تويتر: “بين الركام في بيروت والمياه في الخرطوم، نتقاسم الشهيق على قلته وسط الموت.. فإن بقينا فمعًا، وإن رحلنا فأيضًا معًا. من قلبي سلام للخرطوم”.

بدورها، قالت “أيات ديماشق” عبر حسابها على تويتر: “النيل يخطف ملامح الحياة والحب للدولة السمراء.. الفيضانات و السيول أدت إلى وفاة ما يزيد عن 100 شخص ولا رقم بعد للمفقودين”.

وانتقدت ديماشق شح المساعدات العربية للسودان، قائلة: “لا مساعدات إنسانية تُذكر ولا سباق من الدول الكبيرة صاحبة المصالح وسارقة الثروات للتقليص من حجم المعاناة”.

المصدر : الجزيرة مباشر + مواقع التواصل + وكالات