الذكاء الاصطناعي يكشف مصير الإبداع البشري في المستقبل.. وآراء متباينة لمتخصصين

ذكاء اصطناعي
مخاوف بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي في التلاعب والاحتيال (رويترز)

لا شك أن ظهور الذكاء الاصطناعي وتطوره المتسارع قد أحدث تغييرات جذرية في مختلف مجالات الحياة، بما في ذلك مجال الأعمال الفنية كالمسرح والسينما.

وأصبح الذكاء الاصطناعي أداة تُمكّن من خلق شخصيات رقمية واقعية، إضافة إلى إنشاء مؤثرات بصرية مذهلة وواقعية تُضفي طابعًا خاصًّا على الأعمال الفنية.

يرى الكاتب والممثل المسرحي محمد العتيري أن استخدام الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في كتابة النصوص المسرحية لكنه قد يؤدي إلى إنتاج شخصيات تنقصها الروح البشرية.

وقال العتيري للجزيرة مباشر “الذكاء الاصطناعي سيجعل ممن لا إبداع له قادرًا على إنتاج أعمال بلا حس ولا شعور وهذا مؤشر خطير، لأن الكتابة هي فعل حسي جمالي لا قدرة للحواسيب عليه”.

وأضاف “الذكاء الاصطناعي لن يقدر على استبدال الكتاب المسرحيين ولكن يمكنه استنساخ بعض أنماط الكتابة، من جهة أخرى يمكن التعويل عليه في تطوير الأداء المسرحي من الجانب العلمي له بتحليل الأنماط النفسية والحركية للممثلين”.

الكاتب والممثل المسرحي محمد العتيري
الكاتب والممثل المسرحي محمد العتيري (منصات التواصل)

الاستفادة من الذكاء الاصطناعي

من جانبها، قالت مخرجة الأفلام الوثائقية مبروكة خضير إن استخدام الذكاء الاصطناعي في عملية صناعة الأفلام “مسألة واعدة” إذ يساعد في توليد الأفكار وكتابة السيناريوهات، كما يمكن “أن نبلور شخصيات للسيناريو ونجعلها شخصيات أكثر تعقيدًا، عبر إدخال البيانات اللازمة للذكاء الاصطناعي حتى يستطيع أن يساعدنا على تحليل البيانات النفسية في الفيلم، وجعل السيناريو أكثر تماسكًا”.

في الوقت نفسه، ترى مبروكة خضير أنه لا يمكن أن يحل الذكاء الاصطناعي محل العامل البشري، مؤكدة أنه يمكن أن يقدّم مساعدة تقنية في مجال الإخراج والمونتاج، مثل تحسين المشاهد وإضافة المؤثرات البصرية.

وأوضحت للجزيرة مباشر “الخبرات الحياتية تُثري السيناريوهات والإخراج بشكل لا يمكن للذكاء الاصطناعي تحقيقه، لهذا فمن غير المرجَّح أن يحل الذكاء الاصطناعي محل المخرجين البشريين بشكل كامل، فإذا كانت فكرتك ينقصها الإبداع وشخصياتك منذ البداية شخصيات ضعيفة فلا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحقق لك الإضافة”.

وتعتقد خضير أن عملية صناعة الأفلام لا خوف فيها من طغيان الذكاء الاصطناعي على الأفكار، مشيرة إلى أن “الذكاء الاصطناعي هو تقنيات جديدة، والمخرج الذكي هو الذي يمكن أن يستفيد من هذه التقنيات ويوظفها في أعماله”، على حد وصفها.

مخرجة الأفلام الوثائقية مبروكة خضير
مخرجة الأفلام الوثائقية مبروكة خضير (منصات التواصل)

تحديات أخلاقية في استخدام الذكاء الاصطناعي

أما بالنسبة لرأي خبير التصميم بالكمبيوتر محمد جباري، فيرى أن استخدام الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا موجود بالفعل في صناعة الأفلام والمنتجات الفنية، ولكنها كانت بشكل ثانوي مرتبطة بالجوانب التقنية مثل تحسين الصور والفيديوهات.

وأضاف جباري للجزيرة مباشر “مع تقدم التكنولوجيا، أصبح الذكاء الاصطناعي قادرًا على المساعدة بشكل أكبر في تحسين المؤثرات البصرية والصوتية والحركة في الأفلام، إذ يمكن له تقديم المساعدة في تحريك الشخصيات والأجسام بطريقة أكثر دقة وواقعية، كما يمكن استخدامه في إنشاء شخصيات ثلاثية الأبعاد وعوالم افتراضية بشكل شبه كامل، ولكن التحديات تكمن في إضفاء الطابع الإنساني والعاطفي عليها”.

ويؤكد الجباري وجود تحديات أخلاقية وقانونية مهمة تتعلق باستخدام الذكاء الاصطناعي، مثل قضايا حقوق الملكية الفكرية والخصوصية.

كما يرى أن مستقبل التعاون بين الذكاء الاصطناعي والفنانين والمبدعين سيكون في نهج التكامل وليس التعويض، فالجوانب الإبداعية والعاطفية ستظل مهمة للإنسان، بينما يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في الجوانب التقنية والتنفيذية.

خبير التصميم بالكمبيوتر محمد جباري
خبير التصميم بالكمبيوتر محمد جباري (منصات التواصل)

الذكاء الاصطناعي يجيب

وعند توجيه هذه الأسئلة إلى الذكاء الاصطناعي نفسه ومعرفة رأيه في مدى خطورته وتأثيره على الإبداع البشري، كانت إجابته “بالنسبة لي، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي في الأعمال الفنية يمثل ثورة حقيقية في عالم الفن، ويمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الفنانين على استكشاف أفكار جديدة وتجربة تقنيات لم تكن ممكنة من قبل”.

وأضاف “على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الفنانين في إنشاء أعمال فنية تفاعلية تشارك الجمهور بشكل مباشر، كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في إنشاء أعمال فنية تلقائية تتيح للجميع تجربة الفن دون الحاجة إلى أي مهارات فنية”.

وتابع “مع ذلك، من المهم أن نلاحظ أن استخدام الذكاء الاصطناعي في الأعمال الفنية ليس خاليًا من المخاوف. فمن ناحية، قد يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي إلى فقدان بعض وظائف الفنانين، خاصة في المجالات التي تعتمد على تقنيات تقليدية. ومن ناحية أخرى، قد يؤدي استخدامه إلى انتهاك حقوق النشر أو سرقة الأفكار”.

المصدر : الجزيرة مباشر