ماذا تعرف عن وثيقة بيع أصول الدولة المصرية؟

مجلس الوزراء المصري (موافع التواصل)

وافق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في 29 ديسمبر/كانون الأول الماضي، على وثيقة سياسة ملكية الدولة، المعروفة إعلاميا بـ”وثيقة بيع أصول الدولة المصرية”.

وتضع الوثيقة خارطة طريق للحد من دور الدولة في الاقتصاد لصالح القطاع الخاص، حسب بيان لمجلس الوزراء.

ما هي وثيقة سياسة ملكية الدولة؟

أعلنت الحكومة عن الوثيقة، في مايو/أيار2022 الماضي، ضمن خطة لإعادة هيكلة اقتصاد البلاد لصالح القطاع الخاص.

وتهدف الوثيقة إلى مضاعفة دور القطاع الخاص في الاقتصاد ليصل إلى 65%، وجذب 40 مليار دولار من الاستثمارات الخاصة بحلول عام 2026.

كما تهدف أيضا -حسب بيان مجلس الوزراء- إلى تحقيق وفورات مالية تُمكّن من دعم أوضاع الموازنة العامة للدولة، وزيادة مستويات قدرة صمود الاقتصاد المصري أمام الأزمات.

جاءت الخطوة في أعقاب الأزمة الاقتصادية التي خلفتها الحرب في أوكرانيا، وبالتزامن مع المحادثات التي كانت تجريها البلاد مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد.

والتزمت الحكومة بموجب اتفاقية الصندوق بإحداث تغيير جذري في الاقتصاد، بما في ذلك إجراء إصلاحات هيكلية واسعة النطاق للمساواة بين الشركات المملوكة للدولة وشركات القطاع الخاص والحد من مشاركة الدولة في الاقتصاد وزيادة الشفافية.

وتقول الحكومة إنها ستقلل من دورها في عدد من القطاعات من خلال بيع ممتلكات الدولة وطرح حصص لمستثمرين استراتيجيين وتوسيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص.

ملامح الوثيقة

وبموجب الوثيقة، تخطط الحكومة المصرية للخروج الكامل من 62 قطاعا، وتثبيت أو تخفيض الاستثمارات في 56 قطاعا، وتثبيت أو زيادة الاستثمارات في 76 قطاعا أخرى على مدى السنوات الـ3-5 المقبلة.

واشتملت الوثيقة على عدد من بدائل تنفيذ “سياسة ملكية الدولة” وتشجيع القطاع الخاص، من بينها طرح الأصول المملوكة للدولة من خلال البورصة، وضخ استثمارات جديدة للقطاع الخاص في هيكل ملكية قائم للدولة عبر دخول مستثمر استراتيجي، أو زيادة مشاركة القطاع الخاص في هيكل الملكية، وكذلك عقود الشراكة مع القطاع الخاص.

يُذكر أن الحكومة باعت في عام 2022 ما يزيد على 4 مليارات دولار من أسهم الشركات المملوكة للدولة إلى صناديق الثروة السيادية الخليجية، ويعمل صندوق مصر السيادي على خطة لتسويق أكثر من 40 مشروعا بقيمة 140 مليار جنيه (5.2 مليارات دولار).

وقال رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي إنه من المقرر تشكيل لجنة لتنفيذ الاستراتيجية، بما في ذلك تحديد آلية التخارج من الصناعات والإطار الزمني.

وذكرت صحف محلية أنه من المقرر أن يُعقد، يوم الثلاثاء المقبل 10 يناير/كانون الثاني الجاري، أول مؤتمر قانوني اقتصادي عن الجوانب القانونية والتشريعية والاقتصادية للوثيقة الجديدة، بعنوان “الإطار القانوني والرقابي لوثيقة ملكية الدولة”.

وينعقد المؤتمر على مدار يوم واحد، حيث سيتحدث أحمد كوجك، نائب وزير المالية للسياسات المالية والإصلاح المؤسسي والمتحدث الرسمي باسم وثيقة سياسة ملكية الدولة، وأيمن سليمان، الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي، وعدد من الخبراء القانونيين والاقتصاديين.

وقد تمهد الموافقة على وثيقة سياسة ملكية الدولة الطريق لمزيد من بيع الأصول المملوكة للدولة لصناديق الثروة السيادية الخليجية.

وقادت صناديق الثروة السيادية الخليجية موجة شرائية في السوق المصرية مدفوعة بالأزمة الاقتصادية، مما أدى إلى تعزيز الدور المحوري لدول الخليج في الاقتصاد المصري.

ومن بين 66 صفقة دمج واستحواذ تمت في مصر خلال عام 2022، شاركت شركات ومؤسسات من السعودية والإمارات في 40 صفقة، بينما شاركت الكويت وقطر في عدد قليل منها.

لماذا الآن؟

بغية الحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، اتفقت مصر مع صندوق النقد الدولي على القيام بإصلاحات مالية واقتصادية، بهدف تعزيز مرونتها في مواجهة الصدمات الخارجية، واستعادة احتياطي العملة الأجنبية، وتعزيز النمو بقيادة القطاع الخاص.

واشترط صندوق النقد على مصر قائمة من الإجراءات شملت:

  • التحول الدائم إلى نظام سعر الصرف المرن، وهو ما قامت مصر بتطبيقه عبر خفض كبير لقيمة الجنيه للمرة الثالثة خلال عام لتتراجع العملة المحلية إلى 27.2 جنيها مقابل الدولار، وبنحو 70% مقارنة بسعر صرف 15.78 جنيه للدولار قبل التخفيض الذي أُجري في شهر مارس/آذار من العام الماضي
  • تنفيذ سياسة نقدية تهدف إلى تخفيض معدلات التضخم تدريجيا تماشيا مع أهداف البنك المركزي، بما في ذلك إلغاء دعم برامج الإقراض، وهو ما نفذه البنك المركزي مع رفع أسعار الفائدة بنسبة 8% خلال عام واحد.
  • الضبط المالي وإدارة الدين لضمان تراجع نسبة الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي واحتواء إجمالي الاحتياجات التمويلية، مع زيادة الإنفاق الاجتماعي وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي لحماية الفئات الضعيفة.
  • إجراء إصلاحات هيكلية واسعة النطاق لتقليص دور الدولة في الاقتصاد، وهو ما تكفلت به وثيقة سياسة ملكية الدولة.

وطرح بنكا مصر والأهلي المصري الحكوميان شهادات ادخار جديدة لأجل عام واحد، بفائدة 25% تُصرف بنهاية فترة الاستحقاق، وأخرى بـ22.5% تُصرف شهريا.

وقفز معدل التضخم السنوي في مصر إلى 19.2% خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، من 16.3% في أكتوبر/تشرين الأول السابق له.

ديون غير مسبوقة

وتدهورت الأوضاع المالية لمصر -التي تعاني بالفعل من ارتفاع الديون ونقص العملة الأجنبية- بشكل حاد، مما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب نحو 20 مليار دولار من البلاد في غضون أسابيع.

ووفق أرقام البنك المركزي المصري، فقد وصل حجم الدين الخارجي للبلاد إلى نحو 155.7 مليار دولار بنهاية يونيو/حزيران الماضي، مما يعني أنه زاد بنحو 5 أضعاف مقارنة بما كان عليه قبل 10 أعوام، حيث بلغ في نهاية يونيو عام 2012 نحو 34.4 مليار دولار.

ووصل إجمالي الدين المحلي حتى يونيو 2020 إلى 4.7 تريليونات جنيه (الدولار يعادل حاليا 27.15 جنيها).

وبحسب بيانات وزارة المالية المصرية، وصلت قيمة فوائد الدين بالموازنة العامة للدولة خلال العام المالي الحالي إلى نحو 690.2 مليار جنيه مقابل 579.6 مليار جنيه في العام  الماضي، بزيادة تصل نسبتها إلى 19%.

المصدر : الجزيرة مباشر + صحف ومواقع مصرية