عادوا إلى الكهوف بعد أن طردهم منها الطاعون.. قصة قرية تحت سفح جبل في ليبيا (فيديو)

على سفح جبل في الشمال الغربي لليبيا تقع قرية “الكليبة”، التي بُنيت منذ مئات السنين وأصبحت اليوم من المعالم السياحية في البلد، والتي تروي جزءًا من تاريخ عريق يعاني الإهمال.

رصدت كاميرا الجزيرة مباشر منازل هُدم نصفها بينما يقاوم ما تبقى منها، وقال أحد سكانها إن القرى في المنطقة كانت تبنى في أعالي الجبال، وفي القمة يقام منزل كبيرها أو ما يسمى القصر.

ويروي الشيخ علي أن القصر كان يتوفر على مكبّر صوت، يُستخدم لإبلاغ الأهالي بالعودة إليها أو لزوم منازلهم تحذيرًا من خطر يحيط بها “قد يكون اقتحامًا أو سطوًا من عدو”، وذلك منذ مئات السنين.

كانت تعرف جدران القصر الخارجية فتحات يُخرج منها رجال القبيلة فوهات بنادقهم لمواجهة العدو قبل الوصول إلى القرية، وكانت تقام في أعلى الجبل لمراقبة الوافد بسهولة، إن كان عدوًّا فتسهل مواجهته.

تتكدس منازل القرية بمساحات صغيرة ومعمار يُشبه الكهوف، لكنها لا تفتقر إلى جمالية خاصة إذ تتزين جدران بعضها بالنقوش، وقد يصل عدد أدوارها إلى 3 أدوار.

قرية “الكليبة” في غريان بليبيا (الجزيرة مباشر)

يقول الشيخ علي إن أهالي قرية “الكليبة” هجروها في القديم بسبب انتشار داء الطاعون، وفرّوا إلى السهول حيث سكنوا منازل كبيرة ومتباعدة، لكنها تشهد في السنوات الأخيرة هجرة عكسية.

قال المتحدث للجزيرة مباشر، إن السكان الآن يرممون القرية بشكل مستمر وإن انهار جزء كبير من منازلها، معتبرًا أنه من الخطأ البناء فيها بالشكل المعماري الحديث، وهو ما “يجب على الجهات المسؤولة توقيفه لأنه يشوّه تاريخها”، على حد تعبيره.

وحث (الشيخ علي) على إجراء دراسات عن عدد هذا النوع من القرى في ليبيا وطريقة البناء والمواد التي استُخدمت فيها، إذ تعرَّض بعضها للطمس و”استُعملت في ردم أودية أو تشييد طرق وهو ما يدعو للأسف”.

ومضى المتحدث قائلًا بحرقة “لم تهتم الدولة والمسؤولون فيها -لا في السابق ولا الآن- بهذه القرى”، مضيفًا “هذا تاريخنا لا ينبغي التفريط فيه”، قبل أن يستدرك “تضم هذه القرى حضارة كاملة وفن عيش الليبيين منذ سنين مضت”.

وتحدثت عجوز من القرية لكاميرا الجزيرة مباشر عن فن عيش أهالي القرية في القديم، قائلة إنهم كانوا يعيشون على الزراعة ورعي الماعز وعصر الزيتون، وكانوا يُنتجون غذاءهم وكسوتهم وغطاءهم بأنفسهم.

قرية تاريخية في ليبيا (الجزيرة مباشر)

وعن ذلك يقول الشيخ علي “لو حوصرت القرية 100 عام لما جاع أهلها، إذ كانوا منتجين”. تحيط بالقرية العالية أشجار الزيتون من كل ناحية وكانت تتوفر على 4 معصرات، بينما ما زالت نسوتها يحِكن السجاد والأغطية.

وقال عجوز من أهالي “الكليبة” للجزيرة مباشر”، إن سكانها انحدروا من جد واحد، بينما تكاد تكون الوحيدة التي ما زالت متماسكة ومحافظة على شكلها الطبيعي الذي أنشئت عليه منذ البداية، مطالبًا المسؤولين بالاهتمام بها.

ومضى المتحدث إلى أن قريته التي عاد أغلب أهلها إليها، تحتاج إلى صيانة أثرية، معبّرًا عن أمله أن تصبح منارة سياحية، وتحوي القرية متحفًا يضم مقتنيات للأهالي تعود إلى مئات السنين، بينما جف مصدر المياه فيها الذي كان واديًا مجاورًا.

المصدر : الجزيرة مباشر