السودان.. هدوء حذر بعد اشتباكات عنيفة في مناطق عدة بالخرطوم والأمم المتحدة تحذر من وضع كارثي

ساد هدوء حذر، العاصمة السودانية الخرطوم صباح اليوم الثلاثاء بعد تجدد الاشتباكات مساء أمس بين الجيش وقوات الدعم السريع في محيط القصر الرئاسي وسط الخرطوم، رغم الهدنة السادسة التي اتفق عليها.

وشهدت الخرطوم مساء أمس الاثنين غارات جوية وانفجارات ورشقات نارية رغم هدنة جديدة وافق عليها الجيش وقوات الدعم السريع، في وقت حذّرت فيه الأمم المتحدة من أنّ السودان بات على شفا “كارثة” إنسانية.

ضمان أمن إجلاء الرعايا الأجانب

ويأتي ذلك بعد ساعات من إعلان الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، موافقتهما على تمديد وقف لإطلاق النار كان من المقرر أن ينتهي منتصف ليل الأحد-الاثنين (22:00 ليل الأحد بتوقيت غرينتش).

لكنّ الهدنة الأخيرة -الهدنة السادسة- بقيت هشّة كسابقاتها من محاولات التهدئة التي تمّ التوافق عليها منذ اندلاع النزاع بين الحليفين السابقين في 15 أبريل/نيسان والذي أغرق السودان في فوضى حصدت مئات القتلى ودفعت عشرات الآلاف للمغادرة أو النزوح.

ويرى الخبراء أن اتفاقات وقف النار تهدف خصوصا إلى ضمان أمن طرق إجلاء الرعايا الأجانب، والسماح بمواصلة بعض الجهود الدبلوماسية التي تقودها أطراف خارجية في ظل رفض القائدين العسكريين التواصل بشكل مباشر.

وتصطدم كل محاولات الحلّ، بصراع النفوذ الشخصي بين رئيس مجلس السيادة والقائد العام للجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان ونائبه قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) واللذين كانا قد أطاحا معاً في 2021 بشركائهما المدنيين بعدما تقاسما السلطة معهم منذ الاطاحة بنظام الرئيس عمر البشير عام 2019.

وحذرت الأمم المتحدة من تحوّل الوضع في السودان إلى مأساة إنسانية، وقال المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الأممية ستيفان دوجاريك إنّ “الأحداث في السودان تحصل بنطاق وسرعة غير مسبوقين” مبدياً قلقه الشديد.

وقال إنّ الأمين العام أنطونيو غوتيريش قرّر أن يرسل “فوراً إلى المنطقة” رئيس الوكالة الإنسانية للمنظمة الأممية مارتن غريفيث في ضوء التدهور السريع للأزمة الإنسانية في السودان، بحسب المتحدث.

وأكد غريفيث أنه في طريقه إلى المنطقة “لدراسة كيف يمكننا أن نقدّم مساعدة فورية” ورأى أنّ “الوضع الإنساني يقترب من نقطة اللاعودة” في حين قرّر برنامج الأغذية العالمي أن يستأنف أنشطته فورا بعد تعليقها عقب مقتل 3 من موظفيه خلال الأيام الأولى للنزاع.

وتحولت الأزمة الصحية التي كان يعانيها السودان قبل اندلاع القتال إلى “كارثة بكل معنى الكلمة”، بحسب المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في منطقة شرق المتوسط أحمد المنظري.

وقال المنظري إن هناك نقصا حقيقيا في الكادر الطبي وخصوصا بعد ظهور هذه الأزمة خلال الأسبوعين الماضيين، وخصوصا الكادر الطبي المتخصص في الجراحة والتخدير، وأشار إلى أن “23% من المستشفيات في الخرطوم تعمل بشكل جزئي في حين تعمل 16% فقط بكامل طاقتها”.

ومع دخول النزاع أسبوعه الثالث، تمكّنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر يوم الأحد من إيصال أول شحنة مساعدات إنسانية عن طريق الجو، وذلك إلى مدينة بورتسودان الواقعة على مسافة 850 كيلومترا شرق الخرطوم.

وقالت اللجنة إن الشحنة “ضمّت معدات جراحية لدعم مستشفيات السودان ومتطوعي جمعية الهلال الأحمر السوداني الذين يقدمون الرعاية الطبية للجرحى الذين أصيبوا خلال القتال” إلا أنها لن تكفي سوى لمعالجة “1500 جريح”.

وتطول الاشتباكات الجارية حاليا في السودان، 12 من الولايات الـ18 في السودان الذي يبلغ عدد سكانه نحو 45 مليون نسمة.

ويضطر سكان العاصمة غير القادرين على مغادرتها إلى الاحتماء من إطلاق النار والقصف، لكنهم يواجهون ظروفا تزداد صعوبة في ظل انقطاع الكهرباء وشحّ المواد التموينية والمياه والوقود.

ومنحت السلطات المحلية في الخرطوم موظفي القطاع العام “إجازة حتى إشعار آخر” وعلى مدى الأيام الماضية، أجلى العديد من الدول الغربية والعربية رعاياها توازيًا مع جهود دبلوماسية سعياً للحلّ.

اجتماع طارئ

وفي السياق أعلنت (منظمة التعاون الإسلامي) عقد اجتماع طارئ يوم غد الأربعاء، بمقرها في مدينة جدة السعودية، لمناقشة تطورات الأوضاع في السودان.

جاء ذلك تزامنا مع دخول المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية أسبوعها الثالث، بحسب بيان للمنظمة وتأكيد سعودي.

وأفادت المنظمة في البيان، بأن الاجتماع الطارئ في جدة جاء بناء على دعوة من السعودية رئيس القمة الإسلامية الحالية رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة، لمناقشة تطورات الأوضاع في السودان.

وأكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، أن الاجتماع الطارئ على مستوى اللجنة التنفيذية للمنظمة، يعكس اهتمام الدول الأعضاء (57 دولة) بالأحداث الجارية في السودان وحرصا منها على إعادة الأمن والاستقرار به.

المصدر : وكالات