مكون رئيسي لصناعات عديدة.. الصراع في السودان يهدد إمدادات الصمغ العربي

مزارع يحمل ما جمعه من الصمغ العربي من شجرة أكاسيا في ولاية شمال كردفان (رويترز)

دفع الصراع في السودان، الشركات الدولية المصنعة للسلع الاستهلاكية إلى الدخول في سباق لتعزيز إمدادات الصمغ العربي الذي يعد من أهم المنتجات المرغوب فيها بالبلاد.

ويعد الصمغ العربي، مكونا رئيسيا في صناعة مواد كثيرة بدءًا من المشروبات الغازية إلى الحلوى ومستحضرات التجميل، ويمتد حزام الصمغ في السودان على عدة ولايات.

والولايات التي تنتج الصمغ هي شمال وجنوب وغرب دارفور، وشمال وجنوب كردفان، وولاية الوحدة وأعالي النيل، وسنار، والنيل الأبيض، وولاية القضارف. وتمثل غابات الهشاب والطلح ربع مساحة البلاد، ويمثل الصمغ مصدر رزق لنحو 10 ملايين سوداني.

ويأتي نحو 70% من إمدادات العالم من الصمغ العربي -الذي لا توجد له بدائل كثيرة- من أشجار (الأكاسيا) في منطقة الساحل التي تضم السودان الذي يمزقه القتال الدائر بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.

ونقلت رويترز عن مصدرين وعن مصادر من الصناعة، قولهم إن الشركات التي تخشى من استمرار انعدام الأمن في السودان وتعتمد على المنتج، مثل كوكاكولا وبيبسيكو، عملت على تخزين إمدادات وبعضها لديه مخزون يغطي ما بين 3 و6 أشهر كي لا تعاني من النقص.

وقال ريتشارد فينيجان مدير المشتريات في مجموعة (كيري) التي تورد الصمغ العربي لمعظم شركات الأغذية والمشروبات الكبرى “بناء على الفترة التي سيستغرقها الصراع، قد تكون هناك تداعيات على السلع المُصنعة المعروضة على الرفوف والتي تحمل علامات تجارية شهيرة”.

وقدر فينيجان أن المخزونات الحالية ستنفد في غضون 5 أو 6 أشهر، واتفق معه (مارتين بيركامب) الشريك في شركة توريد هولندية، فقال إن المخزونات تكفي لفترة تتراوح بين 3 و6 أشهر.

صمغ بمدينة الأبيض مهيّأ للتصدير (رويترز)

“مخزون وافر”

وقال متحدث باسم شركة كلويتا إيه بي السويدية المتخصصة في صناعة الحلوى، ومن بينها مستحلبات (لاكيرول) التي تستخدم الصمغ العربي، في رسالة بالبريد الإلكتروني إن الشركة لديها مخزون وافر من الصمغ العربي.

ووفقًا لتقديرات نقلتها مجموعة كيري، يبلغ الإنتاج العالمي من الصمغ العربي نحو 120 ألف طن سنويا، بقيمة 1.1 مليار دولار، ويأتي معظم هذا المكون من منطقة “حزام الصمغ” التي تمتد 500 ميل من شرق أفريقيا إلى غربها حيث تلتقي الأراضي الصالحة للزراعة بالصحراء.

وقال 12 من المصدرين والموردين والموزعين الذين اتصلت بهم رويترز إن التجارة في الصمغ، الذي يساعد على تماسك مكونات الطعام والشراب، توقفت.

وقال محمد النور مدير شركة الصمغ العربي في الولايات المتحدة، التي تبيع المنتج للمستهلكين على شكل مكمل غذائي، إنه “من المستحيل” الآن الحصول على كميات إضافية من الصمغ العربي من المناطق الريفية في السودان بسبب الاضطرابات وإغلاق الطرق.

الصمغ مكون رئيسي في صناعة المشروبات الغازية (رويترز)

“لا يمكن الاستمرار بدون الصمغ”

وقالت مجموعة كيري وموردون آخرون من بينهم شركة (غام سودان) السويدية إن التواصل مع الأشخاص على الأرض في السودان صعب، وأضافوا أن ميناء بورتسودان الذي يستخدم لشحن المنتج يعطي الأولوية حاليا لعمليات إجلاء المدنيين.

وقال العضو المنتدب لشركة للاستيراد -ومقرها مومباي- “يكافح الموردون لتأمين الضروريات بسبب الصراع، ولا يعرف أي من المشترين أو البائعين متى ستعود الأمور إلى طبيعتها”.

وذكر الوليد علي، الذي يملك شركة لتصدير الصمغ العربي، أن العملاء يبحثون عن دول بديلة يحصلون منها على الصمغ العربي، مشيرا إلى أنه يبيع الصمغ لشركات تصنيع في فرنسا والولايات المتحدة.

عمال يجهزون الصمغ العربي للتصدير في إحدى الشركات بولاية شمال كردفان (رويترز)

وقال داني حداد مدير التسويق والتطوير في شركة تعد واحدة من أكبر 10 موردين في العالم “بالنسبة لشركات مثل بيبسي وكوكاكولا، فإنها لا يمكن أن تستمر بدون وجود الصمغ العربي في تركيباتها”.

وفي إشارة إلى أهمية الصمغ العربي بالنسبة لصناعة السلع الاستهلاكية، استثنته الولايات المتحدة من العقوبات التي تفرضها على السودان منذ التسعينيات؛ لأنه سلعة مهمة، وخوفا من نشوء سوق سوداء.

ووفقا لشركة (غام سودان) يستخرج البدو السودانيون الصمغ من أشجار الأكاسيا، ثم تجري تنقيته وتعبئته في جميع أنحاء البلاد، ويمثل الصمغ مصدر رزق لآلاف الناس ويمكن أن يبلغ سعر طنّ من أغلى أنواعه حوالي 3000 دولار.

مزارع يتسلق شجرة أكاسيا لجمع الصمغ العربي في بلدة بغرب السودان (رويترز)

وهناك صمغ أرخص وأقل جودة خارج السودان، لكن المكون المفضل موجود فقط في أشجار الأكاسيا بالسودان وجنوب السودان وتشاد.

وذكر (فواز أبارو) المدير العام لشركة في الخرطوم أن لديه طلبات شراء وكان يعتزم تصدير ما بين 60 و70 طنا من الصمغ العربي لكنه يشك في أنه سيتمكن من ذلك بسبب الصراع.

وقال إنه “لا يوجد استقرار حتى في الحصول على الطعام أو الشراب، لن يكون الوضع مستقرا للعمل”، وأضاف أن “كل المعاملات يسودها الارتباك في الوقت الحالي”.

المصدر : رويترز