أفغانستان.. طالبان تدخل العاصمة كابل وتسيطر على القصر الرئاسي وغني يغادر البلاد (فيديو)

مقاتلو طالبان يتجولون في العاصمة كابل
مقاتلو طالبان يتجولون في العاصمة كابل (غيتي)

أعلن المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد أن عناصر حركته بدأت بالسيطرة على العاصمة الأفغانية كابل ومبانيها الحكومية، إثر مغادرة القوات الأمنية للعاصمة.

وأوضح مجاهد في تغريدة على تويتر، اليوم الأحد، أن الحركة ترغب في بسط سيطرتها على العاصمة كابل بشكل سلمي، وأنها لا تستخدم القوة لتحقيق هذا الهدف.

وأكد أن عناصر الحركة سيتولون فرض الأمن في العاصمة لمنع وقوع أي حالات نهب وسرقة.

وشدد على أن الحركة لن تسمح باقتحام منازل المدنيين.

ونقلت وكالة رويترز عن قادة في الحركة إنهم سيطروا على قصر الرئاسة الأفغاني.

وذكر مسؤول كبير بوزارة الداخلية الأفغانية، اليوم، أن الرئيس أشرف غني غادر العاصمة كابل إلى طاجيكستان.

وطلبت وكالة رويترز من مكتب الرئيس التعليق، فأجاب “لا يمكننا الإفصاح عن أي شيء بخصوص تحركات غني لأسباب أمنية”.

وأفاد ممثل لطالبان التي دخلت العاصمة أن الحركة تتحقق من مكان وجود غني.

الرئيس الأفغاني أشرف غني (رويترز)

وفي وقت سابق اليوم، أمرت طالبان مسلحيها بدخول العاصمة كابل منعا لحدوث فوضى وحالات سرقة بعد انسحاب قوات الأمن، في وقت أكد رئيس لجنة المصالحة أن الرئيس أشرف غني غادر البلاد.

وأضافت الحركة في بيان أن الشرطة والمسؤولين في كابل لاذوا بالفرار مما يمثل مشكلة أمام حفظ القانون والنظام.

بدوره أكد رئيس لجنة المصالحة عبد الله عبد الله أن الرئيس غني غادر البلاد وورطها وورط الشعب بهذه الحالة، وأضاف أن الشعب سيحكم على الرئيس السابق وسيحاسبه الله.

وقال عبد الله في مقطع فيديو على فيسبوك “غادر (الرئيس السابق) لأفغانستان البلاد”، دون أن يقدم تفاصيل عن المكان الذي فر إليه غني.

وقال القائم بأعمال وزير الدفاع بسم الله خان محمدي إن غني “قيد أيدينا وراء ظهورنا وباع الوطن” وغادر البلاد.

ومنذ مايو/أيار الماضي، بدأت طالبان بتوسيع رقعة نفوذها في أفغانستان، تزامنا مع بدء المرحلة الأخيرة من انسحاب القوات الأمريكية المقرر اكتماله بحلول 31 أغسطس/ آب الجاري.

وتمكنت حركة طالبان حتى اليوم من السيطرة على 31 ولاية أفغانية من أصل 34 ولاية بينها العاصمة كابل.

انتقال سلمي للسلطة

وصرّح أحد المتحدثين باسم حركة طالبان لشبكة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، اليوم، أن مقاتلي طالبان يريدون تسلم السلطة “في الأيام المقبلة” عبر انتقال “سلمي”.

وقال المتحدث سهيل شاهين -الموجود في قطر ضمن وفد يجري مفاوضات مع الحكومة الأفغانية- “في الأيام المقبلة، نريد انتقالًا سلميًا للسلطة”.

وعرض شاهين الخطوط السياسية العريضة المقررة من جانب طالبان بهدف عودة الحركة إلى الحكم، بعد 20 عامًا على طردها من السلطة بيد تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة إثر اعتداءات 11 سبتمبر/ أيلول 2001.

وصرّح سهيل شاهين “نريد حكومة إسلامية جامعة، ما يعني أن جميع الأفغان سيكونون ممثلين في هذه الحكومة، سنتحدث عن ذلك في المستقبل، عندما يحصل الانتقال السلمي”، مؤكدًا في الوقت نفسه أن طالبان تريد الآن فتح “فصل جديد” من التسامح.

وتابع “نريد العمل مع جميع الأفغان، نريد فتح فصل جديد من السلام والتسامح والتعايش السلمي والوحدة الوطنية للبلد والشعب الأفغاني”.

وأكد أن السفارات الدولية وموظفيها لن تكون مستهدفة من جانب مقاتلي طالبان وأن بإمكانها البقاء في البلاد.

وقال “ليس هناك أي خطر على الدبلوماسيين والمنظمات الإنسانية ولا على أي شخص. عليهم جميعا أن يواصلوا عملهم كما كانوا يفعلون حتى الآن. لن يتعرّضوا لأي أذى، يجب أن يبقوا”.

وبينما توجه عدد كبير من المسؤولين والجنود والشرطيين إلى أماكن بعيدة أو غادروا مراكزهم خشية عمليات انتقامية من كل الأشخاص الذين عملوا لصالح الحكومة الحالية أو القوات الغربية، أكد شاهين أن هذه المخاوف لا أساس لها.

وقال “نريد من جديد أن نؤكد أنه لن يكون هناك أي انتقام من أي شخص. إذا حصل ذلك، سيُفتح تحقيق”.

وأوضح المتحدث أخيراً أن الحركة ستعيد النظر قريباً بعلاقاتها مع الولايات المتحدة والتي اتسّمت بعقدين من النزاع.

باكستان: سنعترف بطالبان في الوقت المناسب

في السياق، قال وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي إن بلاده ستعترف بحكومة طالبان الأفغانية عندما يحين الوقت المناسب، وذلك وفق الاتفاقات الدولية والحقائق على أرض الواقع.

وأضاف في تصريحات صحفية، اليوم، بالعاصمة إسلام أباد أنهم يرغبون بعلاقات جيدة مع الجارة أفغانستان، مؤكدًا ضرورة ألا يكون الحل عسكريًا في أفغانستان، واللجوء بدلاً من ذلك إلى الحوار.

ومع تسارع وتيرة الأوضاع، قال وزير الخارجية الكندي مارك جارنو في بيان، اليوم الأحد، إن بلاده ستعلق مؤقتا عملياتها الدبلوماسية في العاصمة الأفغانية كابول وإن أفرادها في طريق العودة لبلادهم.

وأضاف البيان “الوضع في أفغانستان يتطور بسرعة ويشكل تحديات خطيرة لقدرتنا على ضمان أمن وسلامة بعثتنا”، وأضاف أن الكنديين هناك “في طريقهم حاليا للعودة إلى كندا بأمان”.

وفي أمستردام، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الهولندية، اليوم الأحد، إن بلاده نقلت سفارتها في العاصمة الأفغانية كابل لموقع قرب المطار الدولي بالمدينة مع تحركها سريعا لإجلاء الباقين من مترجميها الأفغان وموظفيها المحليين.

وقالت وزارة الدفاع الهولندية أيضا إنها أرسلت طائرة عسكرية إلى كابل في إطار جهودها لإجلاء الجنود الباقين.

وتقول الحكومة الهولندية إنها ستبقي على السفارة في كابل تعمل لأطول مدة ممكنة في ضوء المكاسب السريعة التي حققتها حركة طالبان على الأرض.

ودفع قرار الولايات المتحدة بالانسحاب من أفغانستان بعد 20 عاما من التدخل، الدول الأخرى في حلف شمال الأطلسي بما فيها بريطانيا، إلى أن تحذو حذوها. لكن لندن وجهت انتقادات صريحة إلى حليفها الأمريكي في الأيام الأخيرة.

ومساء الخميس الماضي، أعلنت لندن عن إرسال حوالي 600 جندي خلال أيام لإجلاء رعاياها من البلاد.

وبحسب صحيفة (صنداي تايمز) نقلا عن مصادر حكومية، تعتزم المملكة المتحدة نقل سفيرها لوري بريستو وجميع موظفيها إلى خارج كابل خلال هذه العملية، دون الإبقاء على أي وجود دبلوماسي في العاصمة الأفغانية.

والجمعة الماضية، تعهّد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بـ”عدم إدارة الظهر لأفغانستان” التي تواجه تقدم طالبان، داعيا الدول الغربية الى العمل مع كابل لتجنب “أن تصبح مجددا تربة خصبة للإرهاب”.

وأعلن جونسون عبر قنوات تلفزيونية بريطانية إثر اجتماع أزمة حكومي أن بلاده تعتزم “ممارسة الضغط” عبر القنوات الدبلوماسية والسياسية، مستبعدا حتى الآن فرضية “حل عسكري”.

في حين، دعا توبياس إلوود -رئيس لجنة الدفاع في مجلس العموم- رئيس الوزراء إلى “التفكير مرتين” والتدخل، وقال “يمكننا قلب الوضع لكن الأمر يتطلب شجاعة”، مضيفًا أن الأمريكيين لن يفعلوا ذلك ويجب علينا الالتزام بهذا الحكم خصوصا إذا كانوا مخطئين، وإلا فإن التاريخ سيحكم علينا بقسوة شديدة”.

وانتقد رئيس لجنة الشؤون الخارجية توم توغندات -وهو من حزب المحافظين مثل جونسون- الحكومة أيضا، قائلاً إنه لم يجر أي أتصال مع وزير الخارجية دومينيك راب لمدة أسبوع “رغم أن هذه أسوأ كارثة في السياسة الخارجية منذ السويس في 1956”.

موقف روسي

وفي موسكو، أعلن مسؤول في وزارة الخارجية الروسية أن بلاده تعمل مع دول أخرى لعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي حول أفغانستان، حيث باتت طالبان على وشك الاستيلاء الكامل على السلطة.

من جهته، صرّح رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الروسي ليونيد سلوتسكي أن “الوضع يتطلب تدخلاً فورياً لمجلس الأمن الدولي. من المهمّ تجنّب كارثة إنسانية جديدة وتهديد متزايد للأمن والاستقرار في المنطقة”.

ودعا إلى “تكثيف الجهود الدبلوماسية من جانب مجمل المجتمع الدولي” لتثبيت استقرار الوضع في أفغانستان، الدولة الواقعة قرب جمهوريات سوفياتية سابقة في آسيا الوسطى تعدها موسكو ضمن نطاق نفوذها.

وقال سلوتسكي “لا يمكن أن نسمح بإقامة بؤرة إرهاب جديدة بمحاذاة الحدود الروسية وشركائنا”.

الحل السياسي ضروري

وقال حلف شمال الأطلسي، اليوم، إن التوصل إلى حل سياسي للنزاع في أفغانستان “ملحّ اليوم أكثر أي وقت مضى”، في وقت سيطر فيه مقاتلو طالبان على العاصمة.

وقال مسؤول في الحلف لوكالة فرانس برس “ندعم جهود الأفغان لإيجاد حلّ سياسي للنزاع، وهو أمر ملحّ اليوم أكثر أي وقت مضى”.

جنود يطلبون عفو طالبان

واحتشد آلاف الجنود الأفغان يرتدون ملابس مدنية بمكتب الحاكم في مدينة هرات (غربي البلاد)، أمس السبت، بحثا عن مقاتلي طالبان، ليس لمحاربتهم في محاولة للحصول على مذكرة عفو.

وسقطت ثالث أكبر المدن الأفغانية من دون قتال، الخميس الماضي، مع انسحاب القوات الحكومية واحتجاز المقاتلين إسماعيل خان أمير الحرب الشهير في هرات.

ومع تزايد المخاوف من أعمال انتقامية عنيفة مع اقتراب طالبان من السيطرة الكاملة على البلاد، تجمع جنود أفغان في هرات لطلب العفو.

وقال نجيب الله كاروخي وهو أحد أفراد طالبان إن حوالي ثلاثة آلاف شخص حصلوا على عفو، وأضاف أن “الأشخاص الذين ينتمون إلى ولايات أخرى سيحصلون على مذكرة عفو تصلح لمدة ثلاثة أيام حتى يتمكنوا من الوصول إلى ولاياتهم الأصلية حيث سيحتاجون إلى الحصول على مذكرة عفو أخرى طويلة الأجل من مسؤولينا هناك”.

وقبل أسابيع فقط، كان إسماعيل خان الذي حكم هرات بقبضة من حديد على مدى عقود، يعد بالدفاع عن المدينة بميليشياته ويدعو القوات الحكومية إلى إظهار المزيد من الشجاعة.

لكن دفاعات المدينة تبخرت بين ليلة وضحاها مع انسحاب القوات الحكومية إلى قاعدة خارج المدينة ما مكّن طالبان من أسر خان.

وقال الناطق باسم أمير الحرب السابق إنه سمح له بالعودة إلى مقر إقامته بعد محادثات مع طالبان، لكن لم يتضح ما هي الصفقة التي تم التوصل إليها بين الطرفين.

وصرح مصدر أمني حكومي كبير من هرات لفرانس برس “اضطررنا لمغادرة المدينة من أجل منع حصول مزيد من الدمار”.

ومنذ مايو/أيار الماضي، تصاعد العنف في أفغانستان مع اتساع رقعة نفوذ طالبان، تزامنا مع بدء المرحلة الأخيرة من انسحاب القوات الأمريكية المقرر اكتماله بحلول 31 أغسطس/آب الجاري.

وتمكنت حركة طالبان حتى اليوم من السيطرة على 30 ولاية أفغانية من أصل 34، ووصلت مشارف العاصمة كابل، وفق رصد للأناضول.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات