الغارديان: عواقب وخيمة تهدد مصر لانعدام الشفافية بشأن كورونا

أحد أفراد فرق التعقيم يرش حائط عليه صورة الرئيس السيسي بمحطة الشهداء لمترو الأنفاق

ذكر تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية، أن حملة النظام المصري على أي شخص يتحدى الخط الرسمي لا يؤدي إلا لتأجيج مزيد من التكهنات، خاصة حينما يتعلق الأمر بأزمات كبرى كجائحة كورونا.

وخلال أزمة تتعلق بالصحة العامة، تعد مصداقية الحكومة ميزة فائقة الأهمية. وينبغي على المسؤولين إعلام الجمهور وإرشاده بشكل مقنع من أجل إبطاء انتشار الوباء. 

وللقيام بذلك، يجب أن تكون الحكومة مصدرًا للثقة “الثقة بأنها تتبع العلم، وتتصرف من أجل مصلحة السكان، وتفرض إجراءات من شأنها أن تساعد في الحفاظ على سلامة الجمهور”. 

وتعتمد هذه الثقة على الشفافية. فإذا كانت الحكومات تخفي الحقيقة، أو تحجب المعلومات، فقد تنهار مصداقيتها بسرعة.

ولطالما اعتبرت الحكومة المصرية الشفافية نقطة ضعف، وقامت بحراسة المعلومات كما لو كانت تهديدًا للأمن القومي.

وبدا رد فعل السلطات المصرية بشأن تقارير نشرت عن العدد التقديري للعدوى بفيروس كورونا بمصر كما لو كان هجومًا شخصيًا، بدلاً من أن تنظر إليه كأزمة صحية يكافح العالم بأسره لاحتوائها.

وكل شخص ينشر “الشائعات” حول فيروس كورونا بمصر يواجه الآن السجن والغرامات. ولا تزال مواقع – مثل البي بي سي وقناة الحرة الإخبارية الناطقة بالعربية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها – تخضع للرقابة.

مصر فرضت حظر تجوال وعلقت الدراسة وحركة الطيران بسبب كورونا (رويترز)

كما سعت الحكومة إلى إسكات الصحفيين، وقام المسؤولون المصريون مؤخرًا بطرد الصحفية البريطانية من الغارديان روث مايكلسون بعد تقريرها عن الإحصاءات الرياضية التي أشارت إلى أن عدد الإصابات الفعلية في مصر قد يكون أعلى بكثير من الأرقام الرسمية.

وفي وقت تقرير مايكلسون، كانت وزارة الصحة المصرية تقول إن هناك ما مجموعه 126 إصابة مؤكدة بفيروس كورونا. وبدلاً من الرد على ادعاء الدراسة الكندية، أدان المسؤولون المصريون صحيفة الغارديان لنشرها عنها، وطردوا مايكلسون ووجهوا اللوم لرئيس مكتب نيويورك تايمز بالقاهرة، ديكلان والش، لمجرد تجرئه على نشر تغريدة حول الدراسة.

هذه البيئة من التعتيم والشك تجعل الحكومة المصرية أسوأ عدو لنفسها، وتفاقم من أكثر ما يخشى منه المسؤولون المصريون وهو: أن يشك العالم في أنهم يخفون الحجم الحقيقي للعدوى. فمن خلال طرد الصحفية التي تحدثت عن حالات الإصابة بفيروس كورونا في البلاد، تسببت الحكومة المصرية في زرع الشك حول ما تخفيه.

ربما لا يكون لديها ما تخفيه على الإطلاق. فلا يوجد دليل حتى الآن على التستر المنسق للعدوى من قبل السلطات المصرية، كما أنها استجابت بشكل أسرع وأكثر حدة من المملكة المتحدة على سبيل المثال، وأغلقت المدارس والجامعات منذ أسابيع. وكذلك أوقفت رحلات الطيران وتعهدت بتخصيص 100 مليار جنيه مصري لمكافحة الفيروس.

وعلاوة على ذلك، فلا يمكن لأي دولة أن تدعي مثالية الإجراءات التي قامت بها لمكافحة الوباء، كما أن اكتشاف حقيقة الفيروس علميا لا يزال يجري، ولا أحد يعرف حتى الآن مقدار الدمار الذي سيلحقه في نهاية المطاف. غير أنه كان من الممكن أن تعترف مصر أن معظم البلدان لديها إصابات أكثر من الأرقام المعلنة رسميا، لأن الاختبارات لا تزال محدودة.

وبدلاً من تعقيد الموضوع بشكل أكبر، أو مناقشة الادعاءات، أو شرح وجهات نظرها بشأن هذه المسألة، انتقدت الحكومة المصرية التقارير، مما زاد من الشكوك في أن لديها ما تخفيه.

والواقع أن كره السلطات المصرية المستمر للشفافية دفع العديد من المراقبين والحكومات الأجنبية إلى النظر إلى معظم الادعاءات الرسمية المصرية بدرجة من الشك. فعندما أسقط تنظيم الدولة طائرة ركاب روسية فوق سيناء عام 2015، ظلت مصر تنكر لعدة أشهر ما خلصت إليه حكومات كثيرة بالفعل: وهو أن تنظيم ولاية سيناء هو المسؤول. لكن المحققين المصريين استمروا في إصرارهم على أنه لا يوجد دليل على أنه حادث إرهابي بالأساس.

وبعد أشهر عدة من الهجوم اعترف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في معرض حديثه عن الاقتصاد، أن الطائرة أسقطها إرهابيون بالفعل.

لم يتم الإعلان عن نتائج التحقيق حتى اليوم. ويبدو أن إصرار الحكومة الصارم على عدم التصريح بأي شيء حتى يتم نشر نتائج التحقيق، ما هو إلا محاولة رسمية لتأجيل المناقشة حتى يتم نسيان الأمر برمته.

نفس القصة تتكرر الآن مع فيروس كورونا. سيكون أداء الحكومة أفضل بكثير من خلال الرد بشفافية على المخاوف والتساؤلات، والانفتاح على الإجراءات التي تتخذها. فخلال الجائحة، لا تعد الشفافية رفاهية ليبرالية، بل إنها سمة حيوية للحكم الفعال.

اقرأ أيضا: “العدوى تتضاعف”.. هل تطبق مصر خطة “مناعة القطيع” لمواجهة كورونا؟

المصدر : الغارديان