انتخابات البلديات التركية وآثارها المتوقعة

أكرم إمام أوغلو (يمين) ومراد قوروم مرشح حزب العدالة والتنمية لرئاسة بلدية إسطنبول في الانتخابات القادمة
أكرم إمام أوغلو (يمين) ومراد قوروم مرشح حزب العدالة والتنمية لرئاسة بلدية إسطنبول في الانتخابات القادمة (الجزيرة مباشر)

تركيا على أعتاب أجواء انتخابات محلية جديدة، وقد يرى البعض للوهلة الأولى أنها انتخابات محلية لا تحمل أهمية كبيرة، لكن نتائج تلك الانتخابات في المدن الكبرى، وعلى رأسها إسطنبول، لها معنى وجودي في السياسة الداخلية والخارجية.

فقد عانت المعارضة في تركيا كما هو معلوم من هزيمة تاريخية غير متوقعة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية السابقة، مما تسبب في خسارة زعيم المعارضة الرئيسية حزب الشعب الجمهوري لمنصبه.

وفي الوقت نفسه، تركت انتخابات العام الماضي ألمًا عميقًا وإحباطًا واسع المدى بين ناخبي المعارضة، وبدأت الأمة كلها ترى أن أردوغان شخصيةً وفكرًا لا تمكن هزيمته.

الآن هناك انتخابات جديدة. ويبدو أن زعماء المعارضة حريصون على إيجاد صورة جديدة من الإثارة، لكنهم في الحقيقة لا يملكون رؤية جديدة ولا أملًا حقيقيًّا في الشارع؛ لأن نشاط أردوغان الواسع وإستراتيجياته الصحيحة قد نجحت في تفكيك كتلة المعارضة.

ألا تملك المعارضة أملًا في الفوز؟!

في الواقع، ليس لدى المعارضة أملٌ حقيقي في الفوز اليوم. إذن ما الجديد؟!

بالنظر إلى الوضع في إسطنبول المدينة الأكثر حساسية، يترأس أكرم إمام أوغلو البلدية منذ سنوات، ويحاول تكرار قصة نجاح أردوغان الذي قلده وسلك طريقه أحيانا كثيرة. وبعبارة أخرى، يريد أن يسير من رئاسة البلدية إلى أنقرة (أي إلى رئاسة الجمهورية).

ومع ذلك، فإن هذا الجهد الذي يقوم به إمام أوغلو غير حقيقي ولا يبدو له أثر واقعي؛ لأن خدمات أردوغان في البلدية من رئاسة بلدية إسطنبول إلى أنقرة ورئاسة الجمهورية لا جدال فيها، ولا يمكن تجاهلها بأي شكل من الأشكال. فهل من الممكن أن يمضي إمام أوغلو في نفس الطريق؟ ليس من زاوية المعارضة والحكومة!

يبدو أن المعارضة ستخسر معظم المدن الكبرى التي تسيطر عليها. ومن المرجح أن يكون لهذا نتيجتان في الواقع.

أولا: ستؤدي خسارة المدن الكبرى التي تسيطر عليها المعارضة وخاصة إسطنبول إلى استبعاد جميع قادة المعارضة والوصول للتغيير الكامل لهيكل المعارضة وإستراتيجيتها. ومن وجهة نظر ناخبي المعارضة، سيكون أردوغان مقبولًا باعتباره المؤسس الثاني، وستتم مناقشة إمكانيات ممارسة السياسة مع أردوغان، وليس رغمًا عنه.

ثانيًا: عندما تستولي الحكومة على جميع المدن الكبرى، ستتحول إلى سياسة الخدمة والعمل الحقيقي للأمة، وتحول دون فقدان الأصوات في المدن الكبرى مرة أخرى. وهذه النتيجة ستعني أن حزب العدالة والتنمية سيبقى موجودًا في السياسة التركية سنوات عديدة أخرى، وبالتالي يواصل حياته السياسية ويصبح أقوى.

وعندما ننظر إلى الحدث من زاوية الجغرافية القريبة والمتوسطة والبعيدة، وخاصة العالم العربي، فإن نتائج الانتخابات وفوز أردوغان مرة أخرى بكل جوانبه، وكذلك عدم إجراء الانتخابات في تركيا لمدة 4 سنوات تقريبًا، كلها أمور ذات أهمية حيوية في توازنات القوى الجديدة التي تمت إقامتها مع دول الجوار.

ففي حالة النجاح المطلق المحتمل لأردوغان، فإن الجهود العاملة على إغراق الشرق الأوسط في الفوضى ستذهب سدى أيضا، وستعيش المنطقة فترة مهمة من الاستقرار والتنمية.

بالطبع، أنت لا تعرف كيف ستجري الانتخابات وماذا ستكون نتائجها، ومع ذلك، فمن المؤكد أن أردوغان سيخرج من هذه الانتخابات بما يعزز قيادته، ومن ثم فإن تعزيز زعيم مثل أردوغان لسلطته سيكون له تأثير واضح على كل السياسة العالمية.

المصدر : الجزيرة مباشر