إبادة غزة.. أمريكا والغرب: لماذا يكرهوننا؟

بوش الابن لم يكن أول من سأل: لماذا يكرهوننا؟ (فرانس برس)

لو رغبت أمريكا في إيقاف الحرب لفعلت ولكنها تريد تهجير الغزيين أو قتلهم وإنهاء قضية فلسطين. قال مكسيم جوركي: “هؤلاء الأمريكان لديهم كل ما يتمناه الإنسان إلا شيئا واحدا هو الإحساس بالإنسانية”، وربما لو عاش أيامنا لأضاف ومعظم المسؤولين بالغرب.

في كل انتفاضة فلسطينية يتسابق الغرب وأمريكا في تأييد المذابح الصهيونية، ويتنافسون في تقديم الدعم بالأسلحة وبالسياسة وبالإعلام المتعطش للدم الفلسطيني والمنتفض “بهلع” على أي نقطة دم صهيونية وبالفيتو الأمريكي “لمنع” وقف إطلاق النار، ويشاركون في إبادة غزة وتجويعها بوقف تمويل الأونروا “للاشتباه” في مساعدة 12 موظفا بها للمقاومة في غزة!! ويدعمون الإجرام المتوحش للصهاينة وتدمير المنازل على رؤوس السكان وقتل النساء والأطفال وتدمير المستشفيات في حين يرقص وزير الخارجية الأمريكي السابق بومبيو مع جنود الاحتلال الصهيوني في غلاف غزة.

أمريكا والإرهاب

من “نفاق” أمريكا والغرب إعلان اتصال بايدن هاتفيا بنتنياهو ليطالبه بضمان “أمن” سكان رفح قبل الهجوم! وإعلان فرنسا فرض عقوبات على 28 مستوطنًا صهيونيًّا في الضفة الغربية لتبدو “وكأنها” ساندت فلسطين وكأنه لا يوجد الآلاف من المتطرفين، وكأن الصهاينة لا يبيدون غزة ويستخدمون أسلحة فرنسية ويتمتعون بدعم فرنسي متنامٍ.

صرخ جورج بوش بعد أحداث 11 سبتمبر: لماذا يكرهوننا؟ فرد عليه نعوم تشومسكي بمقال في “الجارديان” قائلًا: هذا السؤال سأله الرئيس أيزنهاور بعد تنامي كراهية العرب لأمريكا في الخمسينيات، وجاءته الإجابة: السبب رفض أمريكا التقدم الاقتصادي للعرب، وكانت نفس الإجابة لبوش، وأكد نعوم أن كراهية العرب والمسلمين لأمريكا سببها سياستها ضد الفلسطينيين، وقد أسأنا لأنفسنا باعتقادنا أنهم يكرهوننا لكراهيتهم حرياتنا، والكثيرون في العالم يرون أمريكا نظامًا إرهابيًّا.

يتنفس الغرب وأمريكا مقولة “بن صهيون”: “ليس ثمة شعبان هنا؛ يوجد شعب يهودي وسكان عرب، لا يوجد شعب فلسطيني، ولا حل سوى القوة والحكم العسكري القوي”.

اعترض البيت الأبيض على لقاء تلفزيون أمريكي مع الرئيس الروسي وقال: “المقابلة لم تكن ضرورية ليدرك الشعب الأمريكي وحشية بوتين”، أما جون كيربي المتحدث باسم المجلس القومي الأمريكي الذي بكى عند حديثه عن قتلى الصهاينة؛ فقال: “بوتين يحاول تبرير أفعاله بأوكرانيا بأسباب وهمية وسخيفة، وحقيقة ما يفعله بأوكرانيا يجب أن تكون واضحة للجميع”.

وقال السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز: “كيف يمكن لواشنطن إدانة القصف الروسي لأوكرانيا بينما تمول آلة حرب نتنياهو؟”.

كتب الصحفي الصهيوني جدعون ليفي: “إذا كان هجوم واحد دفع الإسرائيليين ليصبحوا غير إنسانيين.. تخيل ما يفعله بالفلسطينيين الذين يعيشون تحت هذه الهجمات لعقود من الزمن ونحن نتساءل دائما: لماذا يكرهوننا؟ لماذا يتعاملون بعنف إلى هذا الحد؟”.

تحت سرير

يكره الغرب والأمريكان إصرارنا على مقاومة المحتلين ويبغضون شجاعة المقاومين التي تظهر جبن جنود الاحتلال. كتب مراسل صحيفة نيويورك تايمز: شاهدنا تسجيلًا مصورًا لمقاتلين من القسام اتجهوا لقاعدة إسرائيلية وقتلوا جنديًّا ثم فجروا بابها المحصن ودخلوا إلى حجرة مليئة بالحواسيب والأجهزة وتحت سرير الغرفة وجدوا جنديين إسرائيليين مختبئين”.

تتعاطف نسبة كبيرة من الشعوب في الغرب وأمريكا مع غزة، ويواصل الحكام والمسؤولون المشاركة في سفك الدماء وفي الإبادة والتجويع، ويعنيهم فقط إدانة احتجاز الأسرى “والنواح” على قتلى الصهاينة وكأن العرب “يستحقون” القتل والإبادة، ولن يجرؤ مستقبلًا أمريكي ولا غربي على الحديث عن حرية الإنسان وعن تحضرهم ومدينتهم ومن يمتلك “الوقاحة” للحديث فليتلق ما يستحق.

سئل براين ماست عضو الكونغرس عن قتل أطفال غزة فقال: “لا يوجد في غزة مدنيون”، ورد على القول بوجود نصف مليون جائع في غزة قائلا: “فليشكلوا حكومة لا تهاجم إسرائيل”، وطالب بتدمير المزيد ورفض منح دولار واحد للأونروا.

أثارت نانسي بيلوسي النائبة بالكونغرس السخرية لقولها إن بعض الاحتجاجات في أمريكا على إبادة غزة قد تكون لها صلة بروسيا، وطالبت مكتب التحقيقات الاتحادي “إف بي آي” بالتحقيق في تمويل هذه المظاهرات.

قالت رشيدة طليب نائبة الكونغرس الفلسطينية الأصل: “نواب كثيرون يقولون لي إنهم يكرهون نتنياهو ثم يصوتون لإرسال الأسلحة للصهاينة”، وقال بلينكن إنه أخبر نتنياهو أنه سيظل يفكر طوال حياته في آلاف الأطفال الذين قتلوا في غزة.

من حقنا التساؤل عن أسباب كراهية نساء المنظمات الغربية والأمريكية لأطفال ونساء غزة، وإلا فأين الخطاب النسوي المتشنج “المتربص” الذي يقيم الدنيا ولا يقعدها عند أي هفوة في أي مجتمع عربي؟ ألم يسمع بمعاناة نساء غزة: 50 ألف حامل بمعدل 180 ولادة يوميًّا في ظروف غير أدمية ومعظمها بلا تخدير؟ ومعدل وفيات الأطفال المتزايد بشكل غير مسبوق في الحروب في العالم والحصار والتجويع الممنهج.. يُقال إن الخطاب النسوي الغربي مشغول جدا بترشيح فيلم “باربي” للأوسكار الذي يشجع الشذوذ الجنسي بين النساء.

لم يعترض رئيس فرنسا عندما قال له نتنياهو: “هذه حرب حضارة بيننا وبين مجموعة من الهمج والحيوانات المتوحشة وإذا انتصرت حماس فسنخسر جميعا وسيكون الأوروبيون والحضارة في خطر”، والمؤكد أن الهمج هم من احتلوا ويشجعون ويدعمون غيرهم على احتلال بلدان الغير واستباحة دمائهم ونهب ثرواتهم وتاريخ الغرب وأمريكا ملوث بالدماء على مدى قرون طالت بأكثر مما ينبغي ويجب قطع أيديهم.

لم ينتفض أحد من دعاة التحضر وحقوق الإنسان لوصف الفلسطينيين بالحشرات من وزير صهيوني ثم اعتراض آخر بأنهم أقل من الحشرات وتحريض جنرال صهيوني على القتل وقوله: “اقتلوا كل شيء ترونه، أطفالا نساء مسنين، إنهم مجرد حيوانات”.

تحتاج أمريكا والغرب إلى الاستماع “بالعقل” وليس بالعنجهية والعنصرية والكراهية المقيتة لما قاله إيهود أولمرت رئيس وزراء الصهاينة الأسبق: “أوهمنا أنفسنا بأن المشكلة الفلسطينية ليست موجودة حتى انفجرت في وجوهنا في 7 أكتوبر بشكل لا يطاق”.

المصدر : الجزيرة مباشر