هل يفسد الذكاء الاصطناعي حياة الإنسان؟

إنتاج روبوتات تشبه البشر في شركة بهونغ كونغ

جلس الرسام أمام لوحته التي سهر عليها ما يقرب من عامين، يغدق عليها بفرشاته الرفيعة الأنيقة، ويتأملها في إعجاب، يهز رأسه مع الموسيقى، ويطلق دخان سيجارته، فرحًا بانتهاء العمل الرائع، استسلم لنوم عميق بعد عناء شهور لم يذق فيها النوم سوى سويعات قليلة، رأى في الحلم لوحته التي تعرض في أحد المتاحف العالمية، وقد وضع أحد المعجبين ثمنًا باهظًا لها، وقبل أن يمد يده لأخذ الشيك، جاء شخص ثانٍ بلوحة مماثلة، وأكد له أنها الأصلية ثم ظهر ثالث باللوحة نفسها، حتى احتار المشتري ورحل دون أن يعرف أيها الأصلية، بينما بقى الرسام حزينًا غاضبًا مذهولًا من هؤلاء اللصوص الذين سرقوا إبداعه وأضاعوا قيمة لوحته الفنية، قالوا له إنهم رسموها في دقائق عدة، لكنه أخذ يتأمل اللوحات المقلدة ولا يصدق، فهي تشبه لوحته تمامًا، نهض من حلمه مفزوعًا.. لقد كان كابوسًا مفزعًا، لكنه قد تحول إلى واقع بسبب ذلك الوحش القادم من الغرب.. وهو تقنية “الذكاء الاصطناعي” التي بالفعل حولت كابوس الرسام المجتهد إلى مشهد حقيقي درامي لا يمكن أن تفرق فيه بين الأصلي والمقلد.

فما تلك التقنية؟ وهل هي مفيدة ورائعة حقًا كما يقول البعض؟ أم أنها وحشًا مخيفًا قد يقضي على كل ما هو جميل حتى الإبداع والعلاقات الإنسانية؟ كما يؤكد المعسكر المناقض للفكرة.

الذكاء الاصطناعي هو أحد أكثر الموضوعات التي نوقشت في السنوات الأخيرة، إنه مجال من مجالات علوم الحاسوب التي تركز على تطوير آلات ذكية وبرامج يمكنها أداء المهام التي تتطلب ذكاء بشريًا.

أحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في مختلف جوانب حياة الإنسان بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم وقطاع الأعمال وتصميم المباني، وامتد أيضًا للإبداع والفكر حيث يمكنه صنع لوحة فنية دقيقة بأسلوب بيكاسو في ثوانٍ معدودة، أو كتابة رواية بها أسس القصة المتعارف عليها من بداية وذروة وعقدة وحل في دقائق، وهذا هو المخيف في الأمر!! ليصبح عاملًا أساسيًا في تحول العالم نحو مستقبل آلي.

مساهمات الذكاء الاصطناعي في حياة الإنسان

لقد أحدث الذكاء الاصطناعي تأثيرًا كبيرًا في حياتنا، ويستمر بالقيام في ذلك من تسهيل مهامنا اليومية إلى مساعدتنا في اتخاذ قرارات أفضل، وتوفير حلول مخصصة للاحتياجات الفردية.

كما قدّم الذكاء الاصطناعي أيضًا مساهمات كبيرة لتحسين نظام الرعاية الصحية في العالم حيث يمكن للخبراء الطبيين استخدام الذكاء لتحليل مجموعات كبيرة من البيانات وتحديد المشكلات الصحية المحتملة والتنبؤ باحتمالية الإصابة بأمراض معينة ووضع خطط علاج مخصصة، كما يساعد في تطوير أدوات طبية مفيدة مثل الروبوتات الجراحية التي حسنت دقة إجراءات الجراحات المعقدة.

أما في قطاع التعليم فقد تم استخدامه لتطوير أنظمة التعليم المتخصصة مما يسمح للطلاب في التعلم بالسرعة التي تناسبهم، ويمكن أيضًا أن يساعد أنظمة التعلم المخصصة للمعلمين في إنشاء دورات تفاعلية تعزز حافز الطلاب على التعلم.

كما يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي أن تساعد أيضًا في تقدم الطلاب وتحديدًا في المجالات التي قد يحتاجون فيها إلى الدعم أو التوعية.

وفي قطاع الأعمال فقد أظهرت تطبيقات الذكاء الاصطناعي نموًا وتطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي بطرائق عدة، بدءًا من خدمة العملاء إلى المساعدة في الحملات التسويقية والتنبؤات والتحليلات، التي يمكن أن تساعد الشركات على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن عملياتها واستراتيجيتها من خلال التنفيذ الصحيح للذكاء الاصطناعي، ويمكن للشركات زيادة إنتاجيتها وربحيتها مع تقليل التكاليف وتحسين رضا العملاء.

كما يساعد الذكاء الاصطناعي على اتخاذ قرارات أفضل في مدة زمنية قصيرة لأي موقف يتطلب تحليلًا منطقيًا. أفضل جزء هنا هو أنه ليس له جانب عاطفي مما يجعل العمل أسهل لأنه لا يؤثر في الحالة المزاجية، وبالتالي يمكن إنجاز العمل في وقت أقل وبطريقة أكثر كفاءة.

مخاوف تفوق الفوائد

حذّر العديد من الخبراء من تطوير تقنيات الذكاء الصناعي حتى لا يشكل تهديدًا محتملًا للبشر، ومنهم عالم الفيزياء البريطاني ستيفن هوكينغ حيث أشار إلى “إن تطوير الذكاء الاصطناعي الكامل قد يعني نهاية الجنس البشري”.

فعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي تقنية ثورية ستغير العالم بطرائق لا يمكننا تخيلها إلا أن هناك مخاوف كبيرة ربما تفوق فوائده، من بين هذه المخاوف هي قدرته على العمل بشكل دائم بينما يعمل الإنسان عدد ساعات عمل تتراوح بين 8 إلى 10 ساعات يستمر الذكاء الاصطناعي في العمل طالما يتوفر له مورد طاقة، ويتم الاعتناء به بشكل صحيح.

الذكاء الاصطناعي يرتكب أخطاء أقل من البشر خاصة في الصناعات التي تتطلب دقة عالية التي ربما تقلل من فرص العمل للبشر، وفقدان الوظائف للمهن التي تتميز بمهامها المتكررة مما يؤدي إلى البطالة لا سيما في قطاعات الصناعة.

من المخاطر الجسيمة استخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض خبيثة مثل صنع الأسلحة، لذلك من المهم مراعاة الآثار الأخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي قبل تنفيذ أي تقنية جديدة.

هذه ليست سوى مجرد أمثلة يسيرة على كيفية عمل الذكاء الاصطناعي الذي تغلغل في حياتنا.

 هل يقضي الذكاء الاصطناعي

على العلاقات الإنسانية الطبيعية؟

خرج علينا الملياردير المثير للجدل، صاحب الأفكار والتقليعات الغريبة إيلون ماسك، بخبر زواجه من روبوت! مزودة بتقنية الذكاء الاصطناعي، وتم تدعيم الخبر بصور له مع عروسته الإلكترونية، ليفتح بابًا آخر مثيرًا للجدل حول مستقبل العلاقات الإنسانية، وهل يمكن للإنسان أن يختار (روبوت) ليشاركه حياته الزوجية؟ فما مدى خطورة ذلك على الحياة الاجتماعية بين البشر، والحفاظ على النوع؟ وهذه التقاليع تحتاج الى تدخل لمنع مثل تلك المهازل التي قد تقود العالم إلى مصير مظلم.

المصدر : الجزيرة مباشر