هل تساعد الكتب التحفيزية على تجاوز أزمة منتصف العمر؟

من معرض القاهرة الدولي للكتاب

الحياة ليست طريقا مفروشا بالورود، بل بالعكس، هي رحلة مليئة بالتحديات والصعاب، نمر فيها على محطات الفرح والحزن، ساعات الانتصار والإخفاق، نشعر فيها للحظات أننا قد أمسكنا السحب بأيدينا، وصعدنا إلى قمم الجبال، قد نسقط فجأة إلى قيعان الوديان السحيقة، ولذلك فالشعور بالإحباط والإخفاق، هو شعور طبيعي، وهو جزء من طبيعة وديناميكية الرحلة العجيبة، لذلك نحتاج دوما إلى استراحة محارب، حتى نستعيد توازننا مرة أخرى، نشحذ هممنا، لنعيد قوتنا، ونبدأ من جديد.

يرجح لنا خبراء الحياة، أصحاب المسمى الحديث “مدربين الحياة” أو “لايف كوتشز”، مجموعة من النصائح التي تعيننا على تجاوز أزماتنا لا سيما في فترة منتصف العمر.

وبالطبع يضعون ممارسة الرياضة، واتباع السلوك الصحي الجيد في التغذية والنوم الهادئ، من أهم القواعد التي تُعَد طوق نجاة لرواد تلك المرحلة، والمواظبة على الصلاة والعبادة، كحجر أساس للسلامة والصحة النفسية، ويرشح بعضهم السفر واكتشاف العالم، لفئة أكثر اقتدارا، فالسفر وسيلة رائعة للخروج من الأفق الضيق الذي عاش فيه الشخص فترة طويلة من عمره، انطلاقا إلى آفاق أرحب وأوسع. أو تجربة هواية جديدة، وتبقى القراءة هي أحد أهم الوسائل قديما وحديثا لاجتياز أزمة منتصف العمر، لا سيما الكتب التحفيزية، التي تساعد الأشخاص على تجاوز تلك الفترة الحرجة من حياتهم.

أزمة منتصف العمر

ونظرا لتجوالي كثيرا في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2023، رصدت العشرات من عناوين الكتب الرائعة والمفيدة التي تقدّم بطريقة جيدة طرقا وأساليب للتعافي من تلك الأزمة، من تلك الكتب القيمة لفت انتباهي بعنوانه الجذاب وطبعته شديدة الأناقة كتاب يحمل اسم “متعة أن تكون في منتصف العمر”، وهو كتاب يضم مجموعة من المقالات من اختيار وترجمة علا ديوب.

يتناول الكتاب مرحلة الأربعينيات والخمسينيات من العمر، والتحديات التي يمر بها الفرد مع نفسه، ومع أفراد عائلته وأصدقاء الدراسة والعمل، وكل الذين سيخوضون مرحلة منتصف العمر.

يقدّم الكتاب مجموعة من الطرق والآليات الجيدة، التي تحفز الفرد لاجتياز تلك المرحلة الصعبة بسلام، وعلى غير عادتي، التي لا ترجح القراءة في الزحام، وجدتني أجلس على كرسي، في أحد أركان جناح دار النشر المصدرة للكتاب، وأخذت أقلّب في الكتاب، وأبحر في طياته، لأنقل بعض القيم والنصائح المهمة التي قد تكون نافعة لي، ولكل القراء الأحبة الذين سيخوضون معنا مرحلة منتصف العمر.

في الفصل الثاني من الكتاب، يقول الكاتب مارك ستيبيتش: كيف تزيد سعادتك إلى أقصى درجة؟

ارفع مستوى سعادتك من خلال تجاهل الفكرة السائدة في المجتمع بأن الشباب = السعادة. اسمح لنفسك بأن تشعر بالسعادة وأنت تتقدم في العمر، لا تدع نفسك تقع فريسة للقلق بشأن الأمور الصغيرة. اعتن بصحتك جيدا، والأمر الأهم اسمح لنفسك بالانطلاق. لا تفكر في أن عليك أن تتصرف وفقا لما قرره المجتمع بشأن عمرك.

وإليك هذه النصائح لتبقيك نشيطا وسعيدا ومرحا وأنت تتقدم في العمر.

النصيحة الأولى:

تمرّن لمزيد من الطاقة، حيث ترفع الرياضة القدرة الجسدية للإنسان، وتزيد من إفراز هرمون (السيروتونين) المشهور بهرمون السعادة.

النصيحة الثانية:

كن اجتماعيا حتى تتقدم في العمر بطريقة صحية، حيث يرجح الكتاب للأشخاص الذين تجاوزوا الأربعين من العمر تكوين المزيد من العلاقات الاجتماعية وتحسين العلاقات الأسرية، التي تشكل طوق نجاة للخروج من دوامة الوحدة والاكتئاب.

النصيحة الثالثة:

عش وامرح واستمتع بوقتك، حيث تقلل من مستويات الضغوط في جسدك، وتحسّن من نشاطك العام.

النصيحة الرابعة:

مارس ألعابا تنشط الدماغ، وذلك يدعم المخ، ويرفع مستويات الذاكرة، ويقلل من فرص الإصابة بالأمراض الدماغية كالسكتة الدماغية وغيرها.

كتب تحفيزية

كما لفت نظري أيضا كتاب يحمل عنوان (الراحة) للكاتب البريطاني مات هيغ، وهو عبارة عن تأملات عن الأمل، النجاة والمعجزة الفوضوية للحياة، وكيف يمكننا تقبّلها والمضي قدما فيها عبر رحلة يأخذنا فيها الكاتب ليذكّرنا بأهمية الاعتناء بأنفسنا وسط ضجيج العالم، وتحويل الأيام السيئة إلى أيام أفضل، والشعور بالدفء والطمأنينة من خلال تجاربه الشخصية ومشاركة أفكاره مع الناس.

هناك العديد من الكتب لمؤلفين بدأوا الكتابة منذ زمن في هذا المجال، مثل كتاب (دع القلق وابدأ الحياة) للكاتب الأمريكي الشهير ديل كارنيجي، الذي يوضح لنا في هذا الكتاب كيفية التغلب على القلق، وكتاب (قوة العزيمة) للكاتب واين داير، وكتاب (العادات السبع للناس الأكثر فعالية) للكاتب والمحاضر العالمي ستيفن كوفي صاحب أعلى مبيعات لهذه الكتب، كما أن كتاب (الراهب الذي باع سيارته الفيراري) للكاتب والمحاضر روبن شارما، من الكتب القوية والرائدة في مجال التوازن بين العمل والحياة.

تسهم هذه الكتب التحفيزية في تغيير حياة الأشخاص الذين يبحثون عن مُحفز للاستمرار في بذل جهدهم بشكل يومي، وذلك لكونها تساعد أيضا على التركيز على المستقبل، وعدم التفكير في ما فاتك من وقت، إنها توسع رؤيتنا، وتجعلنا ندرك مدى قوتنا، واستعادة إيماننا بأنفسنا، وإدراك أن العمل الجاد يؤتي ثماره، وأن المعجزات تحدث، وأن قطار العمر لم يَفُتنا حتى لو وصلنا إلى الشيخوخة. كذلك تساعدنا على إدراك أننا لسنا وحدنا، وأن هناك أشخاصا مثلنا يمرون بما نمر به، يشاركوننا المشاعر ذاتها، فمشاعر السعادة -وحتى الحزن- يتم مشاركتها من قِبل الآلاف من الناس، وإدراك هذا قد يواسينا. إنها نافذة على حياة الآخرين، تجعلنا نتعلم منهم ومن أخطائنا، فالتعلم بعد ارتكاب الأخطاء هو أفضل أنواع التعلم، وهو درس مدى الحياة.

وهناك بعض النظريات الرافضة لمثل هذه الكتب، بدافع أن الأديان بها التعاليم نفسها التي تحث على التوازن والراحة والحياة الأفضل، وهي وجهة نظر جديرة بالاحترام، نقبلها ولا ننفيها، وهنا نترك دوما حرية النهل من مصادر المعرفة للإنسان، ينهل منها كيفما شاء، المهم أن يحافظ على صحته النفسية والجسدية، وأن يكمل رحلته الإنسانية بلا خلل، جسدي أو نفسي، وهذا هو الهدف الأسمى للإنسانية.

المصدر : الجزيرة مباشر