بايدن ونتنياهو والعمى الاختياري والمسافة صفر

نتنياهو وإنكار ما بعد الصدمة (رويترز)

 

أعلنت هيئة البث “الإسرائيلية” إصابة 100 جندي صهيوني بالعمى التام أو الجزئي، ولم تعلن حتى الآن عن اختيار بايدن ونتنياهو العمى الاختياري الذي يمنعهما عن رؤية الواقع في غزة كما هو وليس كما يتوهمان أو يحلمان بأحلام اليقظة، وسيفيقان “رغمًا عنهما” على كابوس يُلقي بهما في الجحيم الذي ينتظرهما.

كرر نتنياهو “تخاريفه” عن القضاء تمامًا على “حماس” ونزع سلاحها وإنشاء حكم في غزة “تحت” سيطرة الاحتلال.

أكد ضابط الاستخبارات الأمريكي السابق جيلن كارل أن هدف القضاء الكامل على “حماس” مستحيل، ومن العمى رفض الاعتراف بأن الصهاينة الذين فشلوا في شهرين من تحقيق أي صورة للنصر رغم المجازر الوحشية كلها لن يتمكنوا من النصر ولو بعد سنوات، وتجاهل احتفاظ فصائل المقاومة بقدراتها ومواصلة إلقاء الصواريخ على الصهاينة ووصولها لمقر قيادتهم في جنوب غزة، وتسبب العمى في تجاهل الغليان في الضفة الغربية والقدس، وأن الاعتقال “بجنون” للفلسطينيين يضاعفه ولا يقتله، ومطالبة بلينكن للسلطة الفلسطينية في الضفة ببذل الجد الأكبر لمنع العنف ضد الصهاينة.

وتجاهل ما يقوله إعلام العدو إن عناصر المقاومة تخرج من بين الأنقاض للقتال، وهذا يعني استحالة انتصار الصهاينة في حرب المدن.

صفعة وإنكار

في علم النفس من يتعرض لصدمة عنيفة تنتابه أعراض الإنكار لبعض الوقت ويرفض تصديق ما يراه “بوضوح”، ونلتمس العذر لنتنياهو فقد تعرض لصفعة قوية في السابع من أكتوبر ولم يفق منها هو ولا بايدن وكثيرون غيرهم حتى الآن.

نتوقف عند العمى الصهيوني الأمريكي عن عمليات “حزب الله” المكثفة واستمرارها ضد الصهاينة وتوسيعها وتجاهله للأساطيل الأمريكية وفقدان تأثيرها، وتعرض القواعد الأمريكية في العراق وسوريا للهجوم فضلًا عن قيام الحوثيين بمهاجمة سفن صهيونية والتحفظ على واحدة، وإجراء أمريكا لمحادثات مع حلفائها لتشكيل قوة بحرية لمرافقة السفن التجارية في البحر الأحمر لحمايتها من اليمنيين مما ينذر بقرب اتساع المواجهة مع التمادي في العمى بأنواعه.

من العمى الاختياري للرئيس بايدن ما أعلنته إدارته عن نجاح جهودها لتكون العمليات العسكرية الصهيونية الأكثر جراحية لتقليل الخسائر في المدنيين، وقد تم تدمير أكثر من 61% من منازل غزة، وإعلان الخارجية الأمريكية أن الجيش الإسرائيلي من أكثر الجيوش احترافًا في العالم ولا نعتبر ما يحدث في غزة إبادة جماعية، وتناقضهما مع قول وزير الدفاع الأمريكي: “الدعم الأمريكي لإسرائيل غير قابل للتفاوض، لكنها تخاطر باستبدال نصر تكتيكي بهزيمة استراتيجية إذا لم تفعل المزيد لمنع مقتل مدنيين”.

وتجاهل ما قاله النائب الأمريكي سيث مولتون: مقابل كل مدني يقتل سيتم تجنيد 10 مقاتلين جدد، وستجند “إسرائيل” 100 ألف من أتباع “حماس” الجدد وهذه أخبار سيئة “لإسرائيل”، وأنهم استطاعوا تحويل معظم الفلسطينيين ضد “إسرائيل”.

يتعامى بايدن عن رؤية رفض “الكونجرس” إقرار مساعدات بقيمة 106 مليارات “لإسرائيل” وأوكرانيا، ومن العمى الاختياري لنتنياهو وبايدن رفض رؤية زيادة المظاهرات ضد الصهاينة في العالم وأوروبا وأمريكا وتحول نسبة كبيرة من الشباب ضد إسرائيل ونشرهم “فيديوهات” على وسائل التواصل الاجتماعي و”تيك توك” لمناصرة فلسطين والمطالبة بوقف المجازر في غزة وهجرة مئات الآلاف من إسرائيل بعد الحرب.

من العمى “الهستيري” ما أعلنه وزير خارجية الصهاينة من إلغاء تأشيرة دخول إسرائيل لمنسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية لأنها لم تعلن إدانتها لـ”حماس”!!

تفتيش قائد الجيش

من العمى رفض رؤية إنجازات المقاومة من المسافة صفر، وتمكنها من نصب الكمائن المتعددة للصهاينة والثبات “النفسي” الرهيب والشجاعة المطلقة التي يدفع المقاتلين للاقتراب من الصهاينة ومن دباباتهم للالتحام المباشر بلا أية سواتر، وتصوير الهجوم ومنها قتل 60 جنديًا صهيونيًا بعد تصويرهم بوضوح وهم يتناولون الشاي ويتحدثون قبل القضاء عليهم وتفجيرهم، وليس كما “يختبئ” جنود الصهاينة ومرتزقتهم خلف السواتر، وفي الطائرات التي تُلقي بفجور أطنان المتفجرات أو الصواريخ التي تخترق البيوت وتمزق أجساد الأطفال والنساء في “خسة” وتدمرها حتى تفجرت المياه من باطن الأرض أحيانًا.

يقاتل الفلسطينيون من المسافة صفر، ويخاف نتنياهو من جيشه فيأمر بتفتيش قائد الجيش ذاتيًا قبل لقائه، ربما خوفًا من تسجيله لما يقوله نتنياهو “بعيدًا” عن “الكاميرات” و”الميكرفونات”.

من العمى الصهيوني تجاهل ملف أسراهم والغليان الشعبي واتهام نتنياهو بالتضحية بهم للإبقاء على حكمه هربًا من الخضوع للمحاكمة بالفساد بعد انتهاء الحرب وغيره، والمثير أيضًا خضوعه لجلسات التحقيق في الفساد أثناء الحرب.

يتعامى بايدن عن أكثر من 40 متدربًا في البيت الأبيض أرسلوا رسالة إليه ولنائبته رفضًا لدعمه للصهاينة وتزايد الانقسام في أمريكا ورفضًا لانحيازه للصهاينة، ووصل إلى الجامعات العريقة مثل هارفارد وتم استجواب بعض منهم في اتهامهم بالمعاداة للسامية، ولأول مرة تفقد إسرائيل تعاطف العالم معها، وتصريح الأمين العام للأمم المتحدة أن الغزاويين ليس لديهم أي مكان آمن، وليس لديهم سوى القليل للغاية للبقاء على قيد الحياة.

تكشف لغة الجسد عند المتحدث العسكري الصهيوني بوضوح كذبه وعدم اقتناعه بما يقول وتمثيله الركيك، وكما تجسد لغة الجسد عند كل من أبو عبيدة وأبو حمزة القوة والصدق، “وتفضح” نظرات نتنياهو وأعضاء حكومة الحرب ما يحاولون إخفاءه بالغطرسة الكاذبة والتهديدات التي يعلمون أنهم لا يستطيعون الاقتراب من تنفيذها، والصراخ وترديد أكاذيب اغتصاب النساء في محاولة ساذجة لابتزاز العالم وتسول تعاطفه، وسخف الكذب بالعثور مع المقاومين على ترجمة عبرية لكلمتي “اخلعي سروالك” وكأن من الصعب حفظها!!

سئل جلعاد شاليط لماذا لم تطلق النار على جنود “حماس” بدلًا من الوقوع في الأسر؟ فرد: “لم أفكر في أي شيء لأنني كنت في حالة صدمة”، وأضاف: “يبدو لي أن الدبابة مكان أكثر حماية من الخارج”، ويبدو أن بايدن ونتنياهو مثله.

 

 

 

 

المصدر : الجزيرة مباشر