إله كرة القدم!

” وهذه الحالة التي كانت أشبه بالهوس العام هي التي جعلت إثنين من الصحفيين هما أليخاندرو فيرون وهيرنان آميس يقدمان على خطوة إنشاء ديانة بإسم مارادونا يكون هو إلإله المعبود “

 

التوقف الإجباري الذي فرضه انتشار وباء كورونا على النشاط الرياضي في العالم كله، جعل الإعلام الرياضي ينبش وينقب عن أي أخبار يمكن أن تلفت انتباه الجمهور الرياضي الذي انصرف بطبيعة الحال عن متابعة الإعلام التقليدي إلى قنوات اليوتيوب لمشاهدة المباريات لإعادة مشاهدة مباريات وأهداف قديمة..

النبش الإعلامي أسفر عن تجدد الكلام حول ظاهرة اعتناق بعض مهاويس كرة القدم ديانة تسمى الديانة المارادونية نسبة إلى النجم الأرجنتيني السابق دييغو أرماندو مارادونا، تلك الظاهرة التي ظن الكثيرون أنها توقفت واندثرت مع اعتزال مارادونا اللعب وابتعاده عن الملاعب، لكن اتضح الآن أنها مازالت مستمرة، بل تنمو وتتسع حتى أصبح عدد معتنقيها حوالي مليون شخص!!

في تقرير نشره القسم الرياضي بوكالة الأنباء الأمريكية “أسوشيتد برس” قال إن أعداد معتنقي الدين المارادوني في ازدياد مستمر، بل اللافت في الأمر أن اعتناقه لم يعد مقصورا على المشجعين الأرجنتينيين فحسب، وإنما ضم أناسا من جنسيات أخرى من مهاويس الكرة ومن عشاق النجم الأرجنتيني..

البداية  

التألق الكبير لمارادونا في كأس العالم 1986 بالمكسيك وقيادته لمنتخب بلاده للفوز باللقب، ترك في نفوس الجماهير الأرجنتينية حالة من الهوس والجنون باللاعب وصلت إلى حد الاعتقاد بأنه ليس من جنس البشر وإنما هو مخلوق خارق أرسلته السماء إلى الأرض، وكان هناك شبه إجماع بين كل الأرجنتينين على أن الهدف الشهير الذي أحرزه بيده في مرمى المنتخب الإنجليزي بهذا المونديال كانت اليد التي أحرزته هي يد الله وليست يد الإنسان، وبرهنوا على ذلك بأن خدعة إحراز الكرة باليد دخلت على كل الذين شاهدوه بمن فيهم حكم المباراة الذي احتسبه دون تردد، كما رأى الأرجنتينيون أن الهدف الذي أحرزه مارادونا في المنتخب نفسه بالمباراة ذاتها وهو الهدف الذي جاء بعد أن راوغ مارادونا سبعة لاعبين ومعهم الحارس، هو هدف أعاد الكرامة ورد الاعتبار للأرجنتين من الهزيمة التي تعرضت لها في حرب جزر الفوكلاند 1982..

وهذه الحالة التي كانت أشبه بالهوس العام هي التي جعلت اثنين من الصحفيين هما أليخاندرو فيرون وهيرنان آميس يقدمان على الدعوة لديانة جديدة بإسم الإله الجديد مارادونا، وبدأ التنفيذ الفعلي للفكرة عام 1998، وبالتحديد يوم الثلاثين من أكتوبر لأنه اليوم الذي يوافق ميلاد مارادونا، وهو اليوم الذي اعتبروه عيدا لديانتهم الجديدة.

الكنيسة المارادونية

وأي دين لابد له من دور عبادة، لذا فقد قرر صاحبا الفكرة إنشاء كنيسة تحمل إسم مارادونا، وهي الكنيسة التي أصبح أسمها لاحقا الكنيسة المارادونية، وسبق تلك الخطوة وضع أركان العبادة وقواعدها وضوابطها، ووضعت لها عشر وصايا منها التبشير بكلمات قالها مارادونا، والصلاة في الأماكن التي ذهب إليها، وغير ذلك من الوصايا، فيما كان نص دعاء الصلاة هو “دييغو، الذي في الملاعب، لتتقدس يدك اليسرى، لتجلب لنا سحرك، لتكن أهدافك كما في السماء كذلك على الأرض، أعطنا بعض السحر كل يوم، اغفر للإنجليز كما نحن غفرنا لمافيا نابولي” كما وضعا قانونا للإيمان أهم ما فيه هو الإيمان بدييغو، لاعب كرة القدم العظيم، خالق السحر والعاطفة.. ليس هذا فحسب بل وضعا مناسبات وأعياد لمعتنقي الديانة وهما عيدان، الأول كما قلنا يكون هو اليوم الذي يوافق يوم مولد الإله 30 أكتوبر من كل عام ويسمى رأس السنة المارادونية، وطقوسه أن يتجمع المارادونيون في الكنيسة ويتغنون بإسمه ويسجدون لصوره وتماثيله، والعيد الثاني يوم 22 يونيو من كل عام وهو اليوم الذي يوافق الفوز على إنجلترا في كأس العالم!

وهذه القصة وإن كانت تعكس الخلل العقلي لأصحابها، إلا أنها قابلة للزيادة والتكرار مع ظهور ألهة آخرين في ملاعب الكرة، ثم يسألونك عن سبب الوباء الذي نحن فيه؟!

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه