محمد عبد الشكور يكتب: إعلام “جوبلز” يتكاثر في مصر

فقد انقلب السحر على الساحر وصارت قلوب المصريين تغلى كالمراجل في انتظار خروج الغضب الساطع. يتبع

محمد عبد الشكور*

“اكذب حتى يصدقك الناس”، ” كلما كبرت الكذبة كان تصديقها أسهل” ، “أعطني إعلامًا كاذبًا أعطك شعبًا بلا وعى”، تلك العبارات وغيرها نسبت إلى القائد الألماني “جوزيف جوبلز-وزير الدعاية النازية- الذى كان المحرك الفعلي لعقل ” أدوولف هتلر ” زعيم الحزب النازي في ألمانيا ، وهو الذى أشعل الحرب العالمية الثانية ، وتسبب في مقتل الملايين، حتى كانت نهايته ووزير إعلامه نهاية مأساوية بالانتحار.

وقد غالى البعض بنسبة بعض المقولات والعبارات لـ ” جوبلز”؛ ولكن العبارة المؤكدة عنه هي “كلما سمعت كلمة مثقف تحسست مسدسي”، وهي إشارة إلى أن الوعي هو السلاح المضاد لعمليات “غسيل الأدمغة” والدعاية عبر الإعلام وتوجيه الشعوب ، ولم تكن عملية غسيل الأدمغة إلا وسيلة الأنظمة القمعية والديكتاتورية لحكم الشعوب عبر كل العصور .

وتتجلى هذه الوسيلة التى كان “جوبلز ” قد رسخ لها وقام بتدشينها من خلال ” البروباجندا السياسية ” في الإعلام والنظام المصري الحالي أوضح ما تكون ، حيث عرف القائمون عليه من خلال هذا الأسلوب كيفية إدارة العمل الإعلامي.

وكما استطاع جوبلز وهتلر السيطرة على أوربا والعالم من خلال الحرب النفسية والدعاية المضللة عن طريق الخطابات الحماسية والكذب على شعبه ، يحاول الفشلة من الإعلاميين في مصر النجاح بنفس الطريقة التي فشل فيها السابقون، ونسوا أن الزمان غير الزمان، والوضع يختلف كليا وجذريا فقائدهم ليس “هتلر”، وإنما شخص أجوف كالطبل يصدر صوتا وفقط ، وأن هناك العديد من وسائل التواصل الاجتماعي والمعلوماتي والمواقع والفضائيات لنقل المعلومات ، وسائل إعلام موازية وتتقاطع مع إعلام الدولة الرسمي وإعلام الضلال الذى يسير في ركابه.

وكما قال جوبلز “إعطني إعلاما بلا ضمير أعطيك شعباً بلا وعى” يستمر الإعلاميون يكذبون على الشعب ويدلسون عليه حتى في الأمور الواضحة التي لا تحتمل كذبا ، بعد أن توهم بعضهم أنه فعلا يمارس مهنة الإعلام ، وهم لا يهمهم سوى رضا السيد الجنرال عليهم ، محاولين رفعه ونفخه بلا طائل ، وكما يقول المثل ” ماذا تفعل الماشطة ..؟” ، فلا كلامهم من الممكن أن يأتى بالدواء لمن يبحث عنه، ولا يجده وقد ارتفع سعره لأسعار خيالية ، ولا دفاعهم سيأتي بالطعام للأسر التي تعانى غلاء الأسعار ، ولا كذبهم سيأتي بالألبان للأطفال ، ولا بالعلاج للكبار فقد سحروا الناس لفترة ولكن لا يفلح الساحر حيث أتى ، فقد انقلب السحر على الساحر وصارت قلوب المصريين تغلى كالمراجل في انتظار خروج الغضب الساطع.
فهو آت بلا شك

____________________

* كاتب وصحفي مصري

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه