الدراسة في ألمانيا

صلاح سليمان*
يرغب الكثيرون في تكملة دراساتهم  الجامعية في ألمانيا،  لما تحظى به الجامعات الألمانية من سمعة جيدة تفتح أمام خريجيها آفاقا عالمية كبيرة. وبسبب هذا الإقبال المتزايد من الداخل والخارج، بدأت الحكومة الألمانية بعد موافقة وزراء البحث العلمي في مختلف الولايات في تنفيذ إجراءات مشروع كبير يعمل علي توفير المزيد من الأماكن الدراسية للطلاب الراغبين في الالتحاق بالجامعات الألمانية .
هذه التوسعة الدراسية سترفع عدد أماكن الدراسة إلى 760 ألف مقعد إضافي بحلول عام  2020، وهو الأمر الذي سيسمح  مستقبلا بتوفير التدريب العملي والنظري في جميع التخصصات الجامعية،  كما لم تبخل الحكومة الألمانية في إطار هذه التوسعات أو الإصلاحات باعتماد مبلغ إضافي قدره 25.3 مليار يورو لتنشيط برامج البحث العلمي والابتكارات العلمية الحديثة في الجامعات.
لحصول الطالب علي مقعد للدراسة في ألمانيا ينبغي عليه أن يلبي كافة الشروط التي تضعها الجامعات الألمانية وأهمها بيانات بنكية تفيد تغطية نفقات الطالب الدراسية فترة الدراسة في ألمانيا،  والتي قد تصل إلى 600 يورو شهريا،  إذ أن على الطالب أن يوفر إيجار مسكن فترة الدراسة  وهو يتراوح بين 300 إلى 600 يورو في الشهر،  إضافة إلى نفقاته المعيشية الأخرى.
 الشرط المهم الآخر هو شرط إتقان اللغة بالنسبة للطلاب من خارج ألمانيا،  وهو شرط أساسي للحصول علي تأشيرة دخول دراسية إلى ألمانيا وبموجبه يتم منح التأشيرة الدراسية للطلاب .
أمام الطلاب المتفوقين فرصة الحصول علي منح دراسية ويتم دفع 600 يورو لطلاب البكالوريوس والماجستير و 1200 يورو لطلاب الدكتوراه في الشهر ، وبما أن التنافس شديد جدا على المقاعد الدراسية في ألمانيا فينبغي علي جميع الطلاب المتقدمين جمع المعلومات اللازمة والصحيحة بوقت كاف وتعبئة الاستمارات الضرورية وإرسالها إلى الجامعات في المواعيد المحددة.
من أهم و أكثر الجامعات الألمانية شهرة علي سبيل المثال هي جامعة لودفيج-  ماكسيميليان في ميونيخ، وهي مصنفه من جامعات  النخبة في ألمانيا،  وهي مشهورة بتوفير كل شيء للطالب، أما عراقة هذه الجامعة فيرجع إلى سنة تأسيسها في عام 1412 ، وهناك الكثير من طلاب العالم ممن يرغبون في الدراسة في هذه الجامعة التي تضم نحو 150تخصصا موزعين علي كلياتها الثمانية عشر والتي يدرس فيها حوالي 40 ألف طالب .
في أغلب الجامعات الألمانية مكاتب خاصة لمساعدة الطلاب الأجانب،  فمثلا في الجامعة التقنية في ميونيخ مكتب خاص بالعلاقات الخارجية مهمته الترحيب بالطلاب الأجانب ورعايتهم،  ويقوم المكتب بتنظيم شؤون الطلاب والباحثين الأجانب ولدى جامعة لودفيج- ماكسيميليان أيضا برنامج رعاية موسع،  أما الهيئة الطلابية في ميونيخ فتقدم مجموعة خدمات للدارسين الأجانب القادمين كعروض للسكن والرعاية وغيرها.
من جامعات النخبة أيضا في ألمانيا جامعة جوتينجين وهي تعتبر أكبر وأقدم جامعة في ولاية سكسونيا السفلى تأسست في عام 1737 ويدرس فيها 24 ألف طالب بينهم  2500 طالب وطالبة من الخارج أغلبهم من الصين وبولندا وتركيا وهم يفضلون دراسة الرياضيات وعلوم الغابات وكذلك الفلسفة.
تشتهر جامعة جوتينجين بأن هناك 12  باحث من خريجي هذه الجامعة العريقة حصلوا جائزة نوبل مقابل اكتشافاتهم التي توصلوا إليها أثناء عملهم ،  ومنهم على سبيل المثال فيرنر هايزن بيرج الذي حصل عام 1932 على جائزة نوبل للفيزياء مقابل أعماله في النظرية الكمية،  و بيرت ساكمان الذي حصل علي جائزة نوبل للطب عام 1991 مقابل اكتشافاته حول وظيفة القنوات الأيونية داخل الخلايا.
من جهة أخرى يرغب الكثير من طلاب الطب العرب تكملة دراستهم في ألمانيا، أو علي الأقل التدريب في أحد مستشفياتها الجامعية،  وتشجع ألمانيا الأطباء الشبان وتمنحهم  فرص للعمل بالنظر إلى النقص الشديد في عدد الأطباء في هذا البلد.
في ألمانيا يعمل أطباء مثلا من رومانيا، وبلغاريا ،واليونان ، وروسيا وأخيرا مصر وسوريا، وفي المستشفيات الجامعية يأتي طلاب عرب لاسيما من مصر للتدريب.. ففي مستشفى “جروز هادرن” الكبير الواقع في قلب مدينة ميونيخ عاصمة ولاية بافاريا يأتي طلاب السنوات النهائية في كليات الطب للتدريب وقال لي أحد هؤلاء المتدربين المصريين: ”  إنها ظاهرة أصبحت مألوفة هنا أن يأتي إلى ألمانيا طلاب الطب المصريين للتدريب في مستشفياتها، وهم يأملون بعد إنهاء الدراسة الجامعية والفترة التدريبية في الحصول علي فرصة عمل كأطباء في المستشفيات الألمانية ”
يحصل المتدربون من الأطباء أو طلاب السنوات النهائية في كليات الطب في الجامعات المصرية علي فرصة التدريب في ألمانيا بشكل سهل وميسر، فيكفي أن يراسل الطالب المستشفيات المختلفة ليحصل في النهاية علي رد يفيد بالموافقة علي طلبه، وهو أمر سهل ويسير خاصة إذا اقتنعت المستشفيات بكفاءته وكفاءة الجامعة التي درس أو تخرج منها.  أحد طلاب الطب الذين حصلوا علي فرصة التدريب قال لي: ” إنني حصلت علي فرصة تدريب هنا لمدة شهرين تحملت فيها نفقات السفر والسكن مقابل التدريب المجاني وهي فرصة جيدة لم نكن نتوقعها علي الإطلاق، لأنها تفتح آفاقا جيدة أمامنا فيما بعد”.
قرب ألمانيا الجغرافي من الدول العربية يشجع طلاب الطب علي فرصة التدريب أو العمل فيها لأنها قريبة جغرافيا بالمقارنة بأمريكا وكندا واستراليا المواطن ،  لكن ربما العقبة الوحيدة التي تقابل المتدربين الراغبين في العمل هي اللغة الألمانية التي يجب توافرها في الطبيب الذي يصرح له بالعمل في المستشفيات الألمانية،  ذلك أن الحصول علي شهادة B2 في اللغة الألمانية من معهد جوته في مصر مثلا تسمح له بالعمل ،  لذلك يواصل أغلب المتدربين دراسة اللغة الألمانية بالتوازي مع ما تبقي لهم من سنوات دراسة الطب حتي يصبحون مؤهلين للعمل في ألمانيا إذا جاءتهم الفرصة في المستقبل.

__________________________

*صحفي مصري مقيم في ألمانيا 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه