سامية علي تكتب: قصة الأنهار المقدسة في الهند!

تعتبر الأنهار مصدرًا رئيسيًا للحياة في الهند. وللمياه عند الهنود أهميتها الدينية الخاصة وتلعب دورا محوريا في العديد من الاحتفالات والطقوس.. يتبع.

سامية علي*

تعتبر الأنهار مصدرًا رئيسيًا للحياة في الهند. وللمياه عند الهنود أهميتها الدينية الخاصة وتلعب دورا محوريا في العديد من الاحتفالات والطقوس.
تستخدم الأنهار للاستحمام كأهمية دينية حيث يعتقد أن الاستحمام في الأنهار المقدسة تُبرئ من كل الذنوب وتزيل من النفوس الخوف من الموت.

ويوجد بالهند العديد من الأنهار المقدسة أشهرهم سبعة أنهار وكل نهر له أهميته الخاصة ورمزيته الدينية فمثلا ” 
 
1نهر الجانج :

هو قلب الديانة الهندوسية وهو رمز للثقافة والحضارة الهندية.  وتاريخه قديم قدم الحضارة الهندية وهو شاهد علي كل تغييرات الحياة وشهد صعود وسقوط العديد من الإمبرطوريات.
وهناك قصص تروى عن كيفية سقوط نهر الجانج من السماء إلى الأرض ووفقا للكتب الهندية القديمة كان الملك ساجار لديه 6000 من الأبناء الذين احترقوا وتحولوا إلى رماد بسبب غضب القديس “كابيل موني” لأن الملك اتهمه بسرقة حصان من أحصنته، وسمع الملك “ساجار” اقتراحات من مختلف القديسين بشأن الخلاص لأبنائه، واقترحوا جميعا أنه إذا تم إحضار نهر “الجانج” من السماء إلى الأرض ووضع رماد أبنائه فيه فإن أرواحهم ستكن في أمان.
تقول الأسطورة إن الملك طلب من ابنه “باجيراث” أن يعبد الإله “براهما” وهو نفسه فعل ذلك لسنوات عديدة وعندما كان “براهما “مسرورا طلب منه أن يطلق له “الجانج” والسماح له بالتدفق علي الأرض.
قال “براهما” إنه سيفعل إلا أن الأرض لن تكون قادرة علي تحمل السرعة القصوى لنهر الجانج
وهذا هو السبب الذي جعل الإله “شيفا” يحمل نهر الجانج فوق رأسة وفعل ذلك” شيفا” إلا أن الجانج ظل عالقا في شعرة. ومرة أخرى طلب الملك من  “شيفا” إطلاق سراح النهر ومنذ ذلك الحين والجانج يتدفق علي الأرض ويعبد من قبل ملايين البشر.
يبلغ طول النهر 2510 كيلو مترات، وينبع من جبال الهمالايا علي طول الطريق إلي خليج البنغال، وهو واحد من أطول الأنهار في العالم وأعظم ممر مائي في الهند، يوفر المياه للعديد من الأماكن، وهو أكثر من مجرد مياه متدفقة، فهذا النهر هو الحياة والنقاء وإله لشعب الهند  وهو (النهر الوطني) وقبلة الحجاج الهندوس . 
إنه  أيضا “جانجا ما” أي “الأم جانج ” وتروي الأسطورة كيف أنها سكبت نفسها (نزلت من السماء) علي رماد أبناء الملك “سارج”ا ومياهها رفعتهم لأعلي ليسكنوا في السماء بسلام.
ويقال إن من يلمس هذه المياه النقية ينقي من جميع الذنوب، وهذا النهر مدرج في كتب الفيدا المقدسة وفي اثنتين من الملاحم الهندية (الرامايانا، والماهابهاراتا) وعندما يموت شخص بعد حرقة يأخذون رماده إلي الجانج من أجل الخلاص .
ويذهب إليه كل عام ملايين الحجاج لغسل خطاياهم في مياهه. 
 
2-  نهر يامونا :

عن طريق الاستحمام في يامونا يستطيع أي شخص أن يقلل من ردود الفعل لنشاطات ذنوبه “كتاب كريشنا الفصل 38”.
وفقا للأسطورة فإن “يامونا “هي ابنة “سوريا وشارانايا” وشقيقها التوأم “يام” إله الموت، ووفقا لهذا الاعتقاد فإن  الذين يسبحون في مياهه لا يخافون الموت، ويشار إلي أن نهر يامونا متصل بعمق مع ميلاد الرب كريشنا، بعد ميلاد أبيه “فاشوديفا” عبر نهر يامونا وكان يحمله في سلة، عندما سقط منه كريشنا في المياه أصبح ” يامونا ” نهرا مقدسآ مرة أخري بغبار قدمية اللوتستين.
يبلغ طول النهر 1376 كيلومترا—855 ميلا.
ويعتبر يامونا أكثر ورعا من الجانج لأنه كان هنا الإلة ” كريشنا ” يلعب ويسبح وتم تحريره من كل ما تقدم من ذنوب.

3- نهر ساراسفاتي أو ساراسواتي :

 ويسمي بالنهر الأسطوري ويعتقد المؤرخون أن هذا النهر هو نسج من الخيال، لكن يبقي السؤال: هل هو حقا أسطورة، أم أكان يوجد بالفعل نهر يسمي ساراسفاتي؟
إن الكتاب المقدس للهند (الفيدا) يتحدث عن نهر اسمه ساراسفاتي ويصفه بأنه أعظم من كل الأنهار وأنه أكبر من السند ونهر الجانج، وكثيرا ما يرفض وصف ساراسواتي علي أنه مجرد أسطورة او نسج خيال شعري، ومع ذلك في السنوات الأخيرة بذلت محاولات من قبل بعض علماء الجيولوجيا والمؤرخين وعلماء الأثار لتحديد ما إذا كان ساراسواتي موجودا بالفعل أم لا؟
والاهتمام بالبحث عن هذا النهر يرجع إلى نصوص الفيدا، حيث ذكرت أن هذا النهر كان قويا جدا ومهيبا، ما مكنه من الارتقاء لمستوى الآلهة ، فساراسواتي كما هي معروفة إلهة المعرفة والموسيقي والفنون والحكمة والطبيعة وهي جزء من ثالوث (ساراسواتي، لاكشمي، بارفاتي) جميع الأشكال الثلاثة تساعد ثالوث الآلهة براهما، فيشنو، شيفا، في الخلق والصيانة وتدمير الكون، وهو نهر قديم جدا تدفق في شمال الهند في عهد الفيدا. علي الرغم من أن النهر ليس له اليوم وجود مادي فإن له إشارات في الأدب الهندي القديم.
 
4- نهر جودافارييبلغ طولة 1465 كم
ينبع بالقرب من مدينة تريمباك في مقاطعة ناشيك بولاية ماهاراشترا ويتدفق شرقا عبر هضبة الدكن  ويدمج أخيرا في خليج البنغال، وهو ثاني أكبر الأنهار وواحد من الأنهار السبعة المقدسة، وهو أيضا مركز للحج في الهند.
تقول الأسطورة إن  “سيج غوتاما “عاش علي تلال براهما مع زوجتة “أهاليا “وأبقي مخزونه من الأرز في مخزن الحبوب، ومرة وأحدة دخلت بقرة المخزن وأكلت الأرز ، عندما حاول إبعاد البقرة عن العشب رماها بشيء، وكانت البقرة نحيلة فوقعت ميتة، وهذا يمثل إثما وخطيئة كبيرة في الديانة الهندوسية، وكان جايا هو صديق الإلهة بارفاتي والتي أخذت شكل البقرة وأراد غوتام أن يتخلص من خطيئته، فترك مخزنه وأخذ زوجته لإجراء دورة شاقة من التوبة التي تتضمن الطواف حول جبل براهما جيري معترفا بذنوبه للجميع.
أخيرا ظهر لة الإلة “شيفا” وجوتاما يسأله أن يكون بلا خطيئة، وطلب جوتاما من شيفا أن  يقوم بإحضار الجانج ليأخذ حماما فية لتنقية نفسة من خطاياه ووافق الجانج علي البقاء هناك كنهر جديد ودعي أولا باسم جوتاما لكنه الآن يعرف بأسم جودافاري  .
ومن بعدها ونهر جودافاري مقدس عند الهندوس ويحتوي علي عدة مراكز للحج علي ضفافه، وقد اغتسل فيه العديد من الشخصيات الهامة بما في ذلك ( بلاديفا ) منذ 5000 سنة ومؤخرا تشيتانيا قبل 500 سنة في المياه كعمل من أعمال العبادة.
5- كافيري او كاوفري :

وهو نهر مقدس جدا في المنطقة الجنوبية من الهند  كان مصدره تل براهماجيري في البوابة الغربية ويتدفق نحو خليج البنغال، وهذا النهر منصوص علية في الأدب التاميلي لأهميتة وقدسيتة.
هناك العديد من القصص حول ولادة هذا النهر منها: أنه في العصور القديمة حدثت حالة من الجفاف في جنوب الهند، شهد هذا “ساجي أجاستي” وشعر بالحزن الشديد وصلى للرب براهما أن يساعد البشرية للخروج من هذا الوضع ، فقال الإله براهما إذا ذهبت الي المكان الذي يعيش فية الإله شيفا وجمعت بعضا من الثلج الذي لا ينتهي ستكون قادرا علي بدء نهر جديد.
وبالفعل ذهب ساجي إلي جبل كايلاش وملأ وعاء من الماء المثلج وعاد، وبدأ بالبحث عن مكان جيد للبدء بالنهر في منطقة  كورغ الجبلية وأصبح متعبا من البحث عن المكان المناسب وسلم الوعاء إلى ولد صغير كان يلعب هناك، وكان هذا الصبي الصغير في الواقع هو الإله “غانيشا” الذي اختار المكان المناسب للبدء بالنهر ووضع الوعاء أسفل واختفي، وبعد مرور بعض الوقت ناداه ساجي: أيها الولد الصغير ما رأيك؟ ولم يحصل علي أي جواب.
وسرعان ما لاحظ وجود غراب سكب الثلج من الوعاء علي الأرض، وبعد مرور بعض الوقت ظهر الرب غانيشا بدلا من الغراب بوجه مبتسم وقال لم أفعل شيئا سيئا لقد ساعدتك في العثور علي المكان المناسب فابتسم الحكيم واختفي غانيشا.
وهذه هي الطريقة التي أجرت نهر كافيري في جبال الهمالايا . 
 
6- نارمادا
هو أيضا واحدة من أكثر الأنهار قدسية. منشؤه من نطاقات ميكالا في أماركانتاك في ولاية ماديا براديش
يتدفق نارمادا بين فيندايا وساتبورافي باتجاة الجنوب الغربي وأخيرا يلتقي في خليج كامباي
ويعتقد أن نارمادا نزل من السماء بأمر من الإله شيفا ووفقا للأساطير الهندوسية أن نهر نارمادا يطهر النفس من جميع الذنوب ويجعلها نقية ببساطة عن طريق رؤية مقدسة.
الالاف الحجاج يطوفون في النهر خلال الذكري السنوية لنارمادا باريكارما ويرتبط النهر بشكل وثيق مع شيفا، وهناك العديد من القصص التي تصف أصل النهر، وفقا لإحدى القصص فإن النهر تشكل من عرق شيفا أثناء قيامه بالـ” تانافا” وهي رقصة شيفا الكونية.
 
7- نهر كشبور: يُذكر أنة ليس له نصوص مقدسة في النصوص الهندية فقط بل وأيضا في البوذية وتقول الإسطورة إنه بمجرد أن ذهب الاله شيفا ليتسول الصدقات باستخدام جمجمة الرب براهما كوعاء لجمع الصدقات، فإنه لم يتمكن منه من الحصول علي الصدقات في أي مكان في العوالم الثلاثة، وفي نهاية المطاف ذهب الي ” فايكوينث” أو دار الإله فيشنو، وسأل الإله فيشنو إعطاءه صدقة، في المقابل أشار له الإله فيشنو بالسبابة، ما أثار غضب شيفا وجعله يستخدم السكين الخاص بة وقطع إصبع فيشنو، وبدأت أصابع فيشنو تنزف بغزارة وتراكم الدم في جمجمة براهما وأصبح يتدفق تيارا وأخير نهراً.

___________________________

*كاتبة مصرية تكتب من الهند 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه