مليء بالرسائل.. اختصاصي يستخلص دروسا في علم النفس من “لعبة الحبار”

نوادل مقهى في إندونيسيا يرتدون أزياء لعبة الحبار ويحملون حلوى قرص العسل (رويترز)

قال أستاذ علم النفس الاجتماعي الدكتور ألان جيرن إن مسلسل “لعبة الحبار” بالإضافة إلى كونه لعبة مسلية بإنتاج ضخم من شبكة نتفليكس هو أيضا ملخص لمفاهيم علم النفس والاجتماع.

وحاول من خلال مقال له على مجلة (سيكولوجي توداي) الطبية تسليط الضوء على بعض الطرق التي يلتقط بها المشاهد بعض المبادئ النفسية الأساسية بدقة.

الضغط يحسن الأداء

ورأى جيرن في قانون اللعبة الأساسي -التي تدور فكرتها حول لاعبين يدخلون المسابقة للفوز والخاسر “يُقتل”- مثالا لتوضيح قانون كلاسيكي يتعلق بالضغط والأداء يُعرف باسم قانون “يركيس دودسون”، الذي سمي على اسم روبرت يركيس وجون دودسون، اللذين حدداها لأول مرة منذ أكثر من 100 عام.

واعتبر جيرن أن جميعنا اجتاز هذا الاختبار في مرحلة ما يصبح فيها أداؤك أفضل تحت ضغط امتحان أو مسابقة لأن الضغط أو الإثارة الإضافية ستجعلك أكثر تركيزًا وتحفيزًا، قبل أن يستطرد “لكن إذا كان هذا الضغط كبيرًا جدًا فقد تختنق وتبدأ في ارتكاب أخطاء لا ترتكبها عادةً”.

وبسّط دكتور علم النفس الفكرة بالقول إن العلاقة بين الضغط أو الإثارة والأداء تشبه حرف “U” إذ يزداد الضغط عندما يرتفع الأداء.

ولمتابعي المسلسل قال جيرن “في اللعبة الثانية من المنافسة عندما يقوم اللاعب بنقش شكل مختوم على قطعة حلوى” موضحا “هذه ليست مهمة تافهة” إنما بسبب ضغط الوقت والتهديد بالموت بسبب الفشل يمكن أن تصبح هذه المهمة فجأة شبه مستحيلة.

الهوية والمجموعة

ومضى أستاذ علم النفس الاجتماعي إلى الدرس الثاني الذي استخلصه من المسلسل معتبرا أن عدم الكشف عن هوية الشخص يمكنه القيام بأشياء مروعة.

وقال الاختصاصي إن وجود حراس اللعبة الذين يضعون قوانينها خلف أقنعة يشجعهم على طلب تحديات مُميتة من اللاعبين ويقنعونهم بالموافقة عليها.

ووصف الدكتور جعل مخرج المسلسل هوانج دونغ هيوك (وهو أيضًا كاتب) جميع اللاعبين والحراس يرتدون ملابس متطابقة، ووضع نفس الأقنعة ما يجعلهم مجهولين بشكل أساسي ولا يمكن تمييزهم بـ”القرار الذكي”.

ورأى أن للأمر أيضا جذورا في علم النفس وهي نظرية تُعرف باسم تفكيك الهوية الاجتماعية وتستند على فكرتين أولهما: أن هويات الأشخاص وقيمهم تستند جزئيًا على المجموعة التي ينتمون لها (مجتمع أو عائلة أو قبيلة).

أما الفكرة الثانية: فإنه عندما يشعر الناس بأنهم مجهولو الهوية (أي أنهم أقل تفردًا) فإنهم سيتعرفون أكثر على المجموعات التي ينتمون إليها وتميل معايير المجموعة إلى التغلب على القيم الشخصية للأشخاص.

وفي إحدى الدراسات لاختبار هذه النظرية -استند إليها جيرن- شاهد 70 من طلاب العلوم و38 من طلاب العلوم الاجتماعية مقطع فيديو عن تشريح الأحياء يشير إلى أن العلماء كانوا يؤيدونه بشكل عام فيما عارضه علماء الاجتماع ثم ارتدى الطلاب أقنعة فاختلفت تقييماتهم، وأن تأثير المجموعة دفع الطلاب المجهولين إما للتأكيد على قيمهم الشخصية أو لتعزيز المعايير الظاهرة للمجموعة.

وفي (لعبة الحبار)، يقول المقال “حتى لو كان لدى اللاعب بعض الهواجس بشأن تنفيذ الأعمال الوحشية الموكلة إليه فيصعب عليه تجاوز القواعد القوية للمجموعة في بيئة مجهولة تمامًا (ناهيك عن التهديد بالقتل نفسه)”.

وخلص دكتور علم النفس إلى أنه من السهل فهم شعبية (لعبة الحبار) لكونه مشوق و”يعتمد على سفك الدماء”، لكنه أيضًا يتضمن الكثير من الرسائل حول علم النفس التي ستعطي المسلسل تأثيرًا دائمًا.

نجاح كبير

وقبل 10 سنوات وضع مؤلف المسلسل الأشهر حاليا (سكويد غايم) أو (لعبة الحبار) سيناريو المسلسل الذي بات ظاهرة نقلتها منصة (نتفليكس) من كوريا الجنوبية إلى العالم.

هذا النجاح الملفت لمسلسل كوري جنوبي يعود إلى قصته التي تتناول شخصيات من الفئات الأكثر عرضة للتهميش، بينها مهاجر هندي وهارب من كوريا الشمالية.

ويشارك المتسابقون في (سكويد غايم) في ألعاب الأطفال التقليدية أملاً في الفوز بـ 45,6 مليار وون (38,1 مليون دولار). ويقتل الخاسرون في هذه الألعاب.

ورأى النقاد أن نجاح المسلسل يعود أيضا إلى تسليط الضوء على تجاوزات الرأسمالية والتي تجد صدى عالميا.

ويمزج (سكويد غايم) بين الرمزية الاجتماعية والعنف الشديد من خلال رؤية بائسة لمجتمع مستقطب.

واستقطب المسلسل المصنف لما هم فوق 18 عاما بسبب المحتوى الدموي والعنيف، جمهورا واسعا بفضل مجموعة عوامل، أحدها جمعُه بين التسلية الطفولية وعواقبها المميتة، إضافة إلى الإنتاج المتقن والسينوغرافيا الضخمة.

الانتشار الواسع للمسلسل ظهر أيضا في المشاهدات المرتفعة ليس فقط لحلقات المسلسل بل في كل ماهو مرتبط به من مقاطع مصورة أو مواقف كوميدية أو حتى التعليقات والمنشورات التي تحمل تحديات مشابهة لما تم عرضه في المسلسل.

وأعلنت (نتفليكس) في فبراير/ شباط الماضي عن خطة لاستثمار 500 مليون دولار خلال السنة الجارية وحدها، في مسلسلات وأفلام منتجة في كوريا الجنوبية.

وبدأ تصوير مسلسل (سكويد غايم) عام 2019، لكن بسبب انتشار فيروس كورونا تم إيقاف التصوير واستكمل مجددًا في مطلع هذا العام.

المصدر : الجزيرة مباشر + مواقع أجنبية