فيديو مسرب.. “رايتس ووتش” توثق تعرض مئات المصريين لعقاب جماعي بسجن العقرب

صورة من القمر الصناعي لسجن العقرب أخذت في سبتمبر/أيلول 2016 (هيومن رايتس ووتش)

قالت منظمة  “هيومن رايتس ووتش” اليوم الخميس، يبدو أن  السلطات المصرية تفرض عقابا جماعيا على مئات السجناء في سجن العقرب وذلك عقب حرمانهم من التهوية والكهرباء والماء الساخن.

وكشفت عن قيام أجهزة الأمن المصرية  في منتصف نوفمبر الماضي؛ بإجراء تغييرات على “سجن 992 شديد الحراسة” في القاهرة، والمعروف بـ”سجن العقرب”، وحرمت النزلاء من التهوية الكافية والكهرباء والماء الساخن بشكل كامل تقريبا.

وأشارت المنظمة في تقريرها إلي أنها تلقت فيديو مسرب مدته 13 دقيقة من داخل السجن ورسائل من 3 صفحات تصف الوضع داخله.

يقع سجن العقرب داخل “مجمع سجون طرة” بالقاهرة وقد وصفه اللواء إبراهيم عبد الغفار، مأمور السجن ا السابق، في مقابلة تلفزيونية عام 2012: (لقد تم تصميمه بحيث لا يخرج من يدخله أبدا).

وذهبت هيومن رايتس؛  إلى أن تشديد القيود جاء في أعقاب ما وصفته بـ “الحادثة المشبوهة” التي وقعت ففي 23 سبتمبر/أيلول من العام الجاري خلال محاولة هروب بعض السجناء المحكوم عليهم بالإعدام مما أدي لقتل أربعة من أفراد  الأمن وأربعة نزلاء، وهو ما يرقى إلى مستوى العقاب الجماعي، بحسب تقرير المنظمة.

وتطابقت تقارير هيومن رايتس ومنظمات أخرى حول الانتهاكات داخل سجن العقرب،  الذي يُحتجز فيه حاليا ما بين 700 و800 سجين، مثل حظر الزيارات العائلية بالكامل منذ مارس 2018، والحرمان من ساعات التريّض والحبس لمدة 24 ساعة منذ مطلع 2019.

صورة مسرَّبة تبيّن النافذة الوحيدة في زنزانة في سجن العقرب قبل التغييرات الأخيرة. تُطل النافذة على ممر داخلي ولا تعتبر مصدرا للهواء أو ضوء النهار. (هيومان رايتس ووتش)

وتحول العقرب عقب الانقلاب العسكري في مصر عام ٢٠١٣ لمقر احتجاز عدد كبير من السجناء السياسيين.

وقال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “يبدو أن السلطات المصرية تفرض عقابا جماعيا على مئات السجناء في سجن العقرب، بعد عزلهم عن العالم قرابة ثلاث سنوات

مضيفا أن “الأوضاع في هذا السجن تتعارض تماما مع حقوق السجناء”. وقالت مصادر إن حراس السجن كثيرا ما يتركون زنزانة فارغة بين كل زنزانة وأخرى لجعل التواصل بين السجناء أكثر صعوبة.

السجناء جُردوا من كافة ممتلكاتهم، وتعرض عشرة سجناء للضرب وأُرسلوا إلى “زنازين التأديب” بعد أن اعترضوا على القيود الجديدة خاصة تسلم بطانية واحدة في هذا البرد القارس

ويقدم الفيديو المسرب لمحة نادرة عن ظروف العقرب؛ حيث يُظهر الفيديو ثلاثة سجناء يجلسون متراصين على الأرض في زنزانة صغيرة مضاءة بشكل خافت وشخص رابع يتحدث وهو يتحرك. لا يفصل المرحاض عن باقي الزنزانة أي حاجز أو ساتر.

وقال السجين الذي يتحدث، إنهم يغطون أنفسهم بالبطانية التي ينامون عليها أثناء استخدام المرحاض. يفصل بين المرحاض ومنطقة النوم أقل من متر.

وأشارت مصادر المنظمة؛ إلى أن التغييرات شملت إزالة مصادر التهوية والضوء والكهرباء من الزنازين وتعديل النافذة الوحيدة التي تطل على ممر داخلي وكذلك فتحة الباب (النضارة) في كل زنزانة لعرقلة أي اتصال بين السجناء، حتى قبل التغييرات، لم يكن هناك مصدر في الزنازين لضوء الشمس أو الهواء النقي.

وأشاروا إلي إن رجال أمن بملابس مدنية ويعتقد أنهم من مسؤولي “المخابرات الحربية” يعملون في السجن منذ عمليات القتل وأشرفوا على التغييرات.

من الجانب ذاته؛ قام عمال البناء، الذين تعتقد المصادر أنهم من “الهيئة الهندسية للقوات المسلحة”، بإزالة جهاز التهوية المثبت على الحائط في كل زنزانة في مباني السجن الأربعة (كل مبنى على شكل حرف ”H“)؛ كما تم إزالة المقبس الكهربائي، وهو المصدر الوحيد للكهرباء للاحتياجات اليومية مثل تسخين المياه في الأباريق الكهربائية للشرب أو الاستحمام، وتشغيل طارد البعوض الكهربائي.

صورة مُسرَّبة تُظهِر الباب الحديدي لزنزانة في سجن العقرب مع فتحة صغيرة (نضارة) في الباب قبل التغييرات الأخيرة. خاص (هيومان رايتس ووتش)

وقال أحد المصادر “اعتاد السجناء غلي الماء عندما يكون أحدهم مريضا لتحضير بعض المشروبات الساخنة”.

كما أزال عمال البناء أيضا شِباك البعوض الذي كان يغطي النافذة الوحيدة في كل زنزانة، التي تطل على ممر السجن، واستبدلوا قضبان النوافذ بشبكة فولاذية ، مما حد كثيرا من دخول الهواء إلى الزنزانة وتفشي البعوض داخل الزنازين.

كما أشاروا إلي نقل إدارة العقرب؛ السجناء  إلى زنازين مكتظة إلى حين انتهاء الأشغال في كل جزء من أجزاء السجن ومن ثمّ نقلهم إلى الزنازين المعدلة.

وذكر مصدر للمنظمة؛  إن السجناء جُردوا من كافة ممتلكاتهم، وأن  عشرة سجناء تعرضوا للضرب وأُرسلوا إلى “زنازين التأديب” بعد أن اعترضوا على القيود الجديدة خاصة تسلم بطانية واحدة خلال هذا البرد القارس.

مدير منظمة هيومن رايتس للشرق الأوسط يقول : أن الأوضاع في سجن العقرب تتعارض تماما مع حقوق السجناء”

ويصف الفيديو المرسل للمنظمة، حال السجناء والزنازين حيث يرصد ،قطرات الماء تتساقط أحيانا من السقف؛ كما أنهم يستخدمون ملاعق بلاستيكية وأربعة أطباق بلاستيكية صغيرة بالية، للأكل منذ تسعة أشهر.

ويصف أحد السجناء في الفيديو الوضع قائلا “كما إنهم يملؤون قربة  بالماء، ويضعون زجاجات تحتوي على طعام في الماء، ويدخلون قضيبين معدنيين موصولين بالكهرباء بأسلاك لتسخين الطعام… كما يتم تعليق ملابس النزلاء المبللة والبالية على حبال معلقة على الجدران حتى تجف؛ وتظهر مقتنياتهم القليلة في أكياس بلاستيكية معلقة على الحائط بمسامير”.

ويعرض سجين خلال الفيديو، لوح صابون ويقول إن كل نزيل يحصل على واحد كل خمسة أشهر؛ كما إن النزلاء اضطروا إلى إغلاق النافذة المطلة على الممر، لأن الجو كان شديد البرودة ولم يكن لديهم أغطية كافية.

وسبق أن وثقت هيومن رايتس ووتش في تقرير عام 2016 المعاملة القاسية واللاإنسانية من قبل ضباط سجن العقرب  التي ترقى على الأرجح إلى التعذيب، بما في ذلك العزلة المطولة والحرمان من التريّض والزيارات لأشهر أو سنوات والضرب. وتوفي 14 نزيلا على الأقل في سجن العقرب منذ 2015، وفقا لبحث أجرته هيومن رايتس ووتش وتقارير حقوقية وإعلامية أخرى.

المصدر : هيومن رايتس ووتش