ماذا تعرف عن المنطقة الخضراء في العراق؟

المنطقة الخضراء في بغداد

اعتاد الملوك في الأزمنة السالفة أن يحموا مدنهم التي ينشئون بأسوار تقيهم من صولة العدو الخارجي.

فمن الرباط إلى القيروان إلى الإسكندرية إلى القدس، إلى حلب انتهاء ببغداد، كانت هذه الحواضر الإسلامية نموذجًا يُحتذى لبناء المدن وتحصينها.

وحين بنى أبو جعفر المنصور مدينة السلام (اسم بغداد قديمًا) بناها داخل سور دائري، وكانت أول مدينة في الإسلام تبنى بشكل دائري (فقد بنيت الفسطاط بشكل مستطيل وصنعاء بشكل بيضاوي والقاهرة بشكل مربع)، وبنى في قلبها، قصر الخلافة والمسجد ودواوين الإمارة. كان هذا عام 146 للهجرة.

المنطقة الخضراء في مراحلها الثلاث

مرحلة حكم صدام

لم تختلف هذه التقاليد في بناء المدن الإدارية على مر القرون. فحين استلم صدام حسين وحزب البعث الحكم في العراق، اتخذوا من منطقة الكرخ التي تقع في الجزء الغربي من بغداد مركزًا إداريًا لهم.

وقد عرفت هذه المنطقة من الكرخ بأسماء عدة منها “كرادة مريم” و “الحي الدولي” و”المنطقة الخضراء” وهي منطقة تمتد على مساحة 10 كيلومترات مربعة. تضم الحيّ الدولي وبه القصر الجمهوري حيث كان يقيم الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، والمباني الإدارية وبعض الوزارات بالإضافة إلى سفارة الولايات المتحدة، وسفارة المملكة المتحدة بالإضافة إلى بعض المجمعات السكنية للعاملين والموظفين التابعين لهذه المؤسسات. كان هذا الحيّ منعزلا ومحصنا عن بقية أحياء بغداد، وكانت التدابير الأمنية فيه على مستوى عال جدًا.

بعد الغزو الأمريكي للعراق

في الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 كان المخطط الأمريكي يتبع خطة “الصدمة والرعب” بالإنجليزية ” shock and awe” وهي خطة تقتضي تكثيف القصف على المناطق الحيوية لإخضاع العدو في وقت قياسي. ورغم اتباع هذه الخطة في السيطرة على بغداد، لم يتم استهداف هذه المنطقة في الحرب بشكل مباشر، كما أنها لم تسلم من بعض الأضرار الناتجة عن أطنان المتفجرات التي سقطت على المدينة إبّان الغزو الغاشم.

بعد سقوط بغداد في أوائل شهر أبريل/ نيسان عام 2003، دخلت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية إلى بغداد، وكانت تبحث عن أكثر المناطق أمنًا لتتخذه مقرًا لها.

وقع اختيار قيادة التحالف على منطقة الحي الدولي كأكثر المناطق أمنا حبث يمكن للقوات الغازية التمترس فيه.

وقام جاي غارنر رئيس فريق إعادة الإعمار، بإنشاء مقره في القصر الجمهوري السابق؛ كما تم أخذ البيوت الأخرى من قبل مجموعات من المسؤولين الحكوميين والمقاولين من القطاع الخاص.

حين دخلها الأمريكيون لم تكن المنطقة خاليةً فقد وجدوا في المنطقة نحو 3 آلاف وحدة سكنية مأهولة، قامت قوات الاحتلال الأمريكية بطرد أصحابها لتأسيس ما يسمى بالمنطقة الخضراء، ومنحت الحكومة أصحاب تلك المنازل مبالغ مالية كبدل إيجار ثمنًا لإشغال منازلهم.

في النهاية استقر حوالي 5 آلاف مسؤول ومقاول مدني في المنطقة الخضراء.

تجهيزات وتأمين المنطقة الخضراء

كانت المنطقة الخضراء محاطة بالكامل بجدران خرسانية مقاومة للانفجار وأسوار عالية وشائكة. وكانت المنافذ المؤدية إليها محدودة جدًا وتشرف عليها نقاط مراقبة مسلحة، تتبع لسيطرة قوات التحالف.

أضاف هذا الحزام الأمني للمنطقة الخضراء المزيد من التأمين، وأعطاها وصفا أصبح يطلقه سكان بغداد عليها وهو “الفقاعة” حيث يعبر عن عزلة المنطقة وانقطاعها عن محيطها.

يحمي نهر دجلة الجانب الجنوبي والشرقي من المنطقة، وتحميها الأسوار المرتفعة من الجوانب المتبقية، يعتبر المدخل الوحيد للمنطقة من جانب دجلة هو جسر 14 تموز أو (14 يوليو) وهو اسم يشير إلى التاريخ الذي وصل فيه النظام السابق إلى السلطة.

تعرضت المنطقة بعد غزو العراق واستقرار قوات التحالف والحكومة الانتقالية فيها إلى سلسلة متواصلة من التفجيرات والقصف الصاروخي والمدفعي من قبل العديد من الجماعات المسلحة العراقية. فقد كان تجمع قوات الاحتلال والحكومة الموالية لهم في منطقة واحدة مغريًا لحركات المقاومة العراقية، وأصبح أكثر الأحياء استهدافًا في بغداد.

بعد انسحاب القوات الأمريكية وتولي الحكومة العراقية

بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق في نهاية عام 2011، تم تحويل العديد من المنشآت في المنطقة الخضراء إلى الحكومة العراقية الجديدة. مع بقائها قاعدة للمتعاقدين العسكريين الغربيين، ومقرًا للسفارات الأمريكية والبريطانية والأسترالية والمصرية. بالإضافة إلى الموظفين الدبلوماسيين الدوليين وأسرهم وفيلات الموظفين المهمين الآخرين، بما في ذلك رئيس الوزراء العراقي وأعضاء مجلس البرلمان وكبار الشخصيات والشركات الخاصة والحكومية المهمة.

ويتولى الجيش العراقي الآن تأمينها وحمايتها مع مساعدة من بعض القوات الخاصة. ولا يمكن دخول المنطقة الخضراء إلا إذا كان لديك تصريح دخول صادر عن الحكومة العراقية.

تواريخ مهمة للمنطقة الخضراء

في 1 يناير/كانون ثاني 2009 تم تسليم السيطرة الكاملة على المنطقة الخضراء لقوات الأمن العراقية.

في 4 أكتوبر/ تشرين أول 2015، تم فتح المنطقة الخضراء لعموم الشعب العراقي مع بعض القيود.

في 10 ديسمبر/كانون اول 2018، تم فتح أجزاء من المنطقة الخضراء أمام الشعب دون قيود للمرة الأولى منذ أكثر من 15 عامًا

المصدر : الجزيرة مباشر