دارك ماتر الإماراتية.. تاريخ من القرصنة اللاأخلاقية وقمع الحريات

من المهم الحفاظ على يقظتك في مواجهة بعض الهجمات السيبرانية الأقل شهرة

تواصل الإمارات نشاطها المريب في التجسس السيبراني على الدول والأفراد من خلال شركاتها المكرسة لهذا الغرض والتي تستقطب عبرها عشرات من الجواسيس وقراصنة المعلومات من مختلف أنحاء العالم.

من بين من تستقطبهم الإمارات موظفون ومسؤولون كبار سابقون بالأجهزة الأمنية الأمريكية والإسرائيلية.

ومن الشركات التي برزت بشدة خلال السنوات القليلة الماضية شركة دارك ماتر التي أثارت الجدل بحجم أنشطتها التجسسية، خاصة اللاأخلاقية منها، والتي كان على رأسها “مشروع ريفين” الذي افتضحت تفاصيله في بدايات 2019.

نبذة عن شركة دارك ماتر
  • أسسها عام 2015 فيصل البناي الذي عمل والده سابقا لدى الأجهزة الأمنية الإماراتية وتقاعد برتبة لواء.
  • تتحدث الشركة عن نفسها بصفتها شريكا استراتيجيا لحكومة الإمارات، وتشكل الهيئات والمنظمات والوكالات الحكومية الإماراتية ما يعادل 80% من حجم زبائنها والمتعاملين معها.
  • يقع مقرها الرئيسي في أبو ظبي في نفس المبنى الذي يقع فيه مقر جهاز استخبارات الإشارة الإماراتي، على بعد طابقين فقط منه، كما تمتلك فرعا في دبي.
  • تعد من أهم الشركات التي تعتمد عليها حكومة الإمارات في مجال الأمن السيبراني.
  • لا يعد وجودها في نفس المبنى الذي يوجد فيه جهاز استخبارات الإشارة ضربا من المصادفة، حيث تعد الشركة ذراعا فعالا للدولة امتد لاختراق الوزارات والحكومات في العديد من الدول، وكذلك التجسس على المعارضين الإماراتيين والنشطاء والساسة الأجانب لصالح الهيئة الوطنية للأمن الإلكتروني التي أصبحت فيما بعد جهاز استخبارات الإشارة.
  • للشركة مراكز أبحاث وتطوير في كل من الصين وفنلندا وتورنتو بكندا.
  • الرئيس التنفيذي لدارك ماتر هو كريم صباغ، وهو الرئيس التنفيذي السابق لأكبر مالكي ومشغلي الأقمار الاصطناعية في العالم: الشركة الأوربية للأقمار الاصطناعية Societe Europeenne des Satellites (SES)، والتي تتخذ من لوكسمبورغ مقرا لها.
  • النائب الأول لرئيس الشركة لشؤون أبحاث التكنولوجيا احتل نفس المنصب سابقا في الهيئة الوطنية للأمن الإلكتروني التي أصبحت فيما بعد جهاز استخبارات الإشارة.
فيصل البنّاي مؤسس ومدير الشركة، ووالده جنرال في الجيش الإماراتي
توظيف الشركة لخبرات ومواهب أجنبية برواتب ضخمة
  • وظفت الشركة عددا من الخبراء الأمنيين السابقين بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بمن في ذلك أحد من كانوا يحملون تصريحا أمنيا رفيع المستوى.
  • وظفت كذلك عددا من محللي وكالة الاستخبارات المركزية CIA ووكالة الأمن القومي NSA السابقين، بمن في ذلك أحد كبار المستشارين التقنيين سابقا لدى وكالة الأمن القومي.
  • وظفت كذلك عددا من الخبراء التقنيين من كبار الشركات العالمية مثل غوغل وسامسونغ وكوالكوم ومكافي وشركة خدمات الرسائل المشفرة “ويكر”.
  • استقطبت الشركة أيضا عددا من موظفي الشركة الأمريكية “سايبر بوينت” الخبيرة في تطوير اختبارات الاختراق السيبراني والتقييمات الأمنية، والتي عملت قبل ذلك مع العديد من الوكالات الحكومية الأمريكية، بما في ذلك “وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة (داربا Darpa)”، وشاركت قبل ذلك أيضا في تدريب عناصر مخابرات إماراتية تابعين للهيئة الوطنية للأمن الإلكتروني.
  • وظفت كذلك ضباط موساد سابقين حسبما ذكرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية مؤخرا.
  • شملت عقود التوظيف الحصول على رواتب ضخمة تعدت في بعض الحالات أكثر من 500 ألف دولار سنويا معفاة من الضرائب، علاوة على توفير سكن وخدمات تعليمية وطبية للموظفين وأسرهم مجانا.
المجالات المعلنة التي تركز عليها دارك ماتر
  • تطوير “مراكز عمليات الأمن SOC”، وهي إدارات تضم فرقا لأمن المعلومات مسؤوليتها مراقبة وتحليل الموقف الأمني للمؤسسة بشكل مستمر، وهدفها اكتشاف حوادث الأمن السيبراني وتحليلها والاستجابة لها باستخدام مزيج من الحلول التكنولوجية ومجموعة قوية من العمليات.
  • مجال أمن مشغلي ومزودي خدمات الحوسبة السحابية الرئيسة في العالم، مثل: خدمات أمازون ويب، وجوجل، وميكروسوفت أزور، وأوراكل، وHP.
  • مجال أمن إنترنت الأشياء (IoT)، والذي كان يضم حوالي 18 مليار جهاز متصل بحلول عام 2017، ومن المتوقع أن يرتفع العدد إلى 75 مليار جهاز متصل بحلول عام 2025.
  • مجال التكنولوجيا اللاسلكية.
  • إعداد تقارير استخباراتية بشأن التهديدات المتوقعة جراء الهجمات السيبرانية. ويعد هذا المجال جزءا مهما من مهامها المهيأة لاحتلالها موقعا متميزا ضمن مجتمع أبحاث الأمن السيبراني، وليس مجرد ممارسة مهام الأمن السيبراني.
تاريخ من التجسس اللاأخلاقي
  • أكبر مشروع تجسس قامت به الشركة وتسبب في افتضاح عملها في التجسس اللاأخلاقي هو مشرع ريفين.
  • بدأ المشروع في الأساس عام 2011 بعد بداية ثورات الربيع العربي، واستلمت الشركة إدارته عام 2016.
  • استهدف المشروع التجسس على أشخاص وأفراد صنفتهم الإمارات كمعارضين ومنتقدين لنظامها، بما في ذلك شخصيات إماراتية وقطرية وتركية وإيرانية وبريطانية وأمريكية، منهم نشطاء سياسيون ونشطاء في مجال حقوق الإنسان وصحفيون.
  • لم يتوقف المشروع على التجسس على النشطاء فقط من أمثال الناشط الحقوقي الإماراتي أحمد منصور المعتقل بالإمارات منذ 2017 والمحكوم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات، بل امتد كذلك لزوجته السيدة نادية التي تعاني من عزلة اجتماعية كبيرة بسبب خوف من حولها من التعامل معها حتى لا يقعوا تحت طائلة قمع الأجهزة الأمنية الإماراتية.
  • عمليات التجسس طالت شخصيات حكومية غير إماراتية رفيعة المستوى، وبخاصة خلال عامي 2016 و2017 باستخدام برمجية تجسس تدعى “كارما”.
  • بخلاف مشروع ريفين؛ استعانت دارك ماتر كذلك في 2016 بشركة إسرائيلية للمشاركة في منظومة مكرسة لمراقبة مواطني الإمارات، عبر نظام أنتجته الشركة يدعى “فالكون آي”.
  • ركزت دارك ماتر كذلك على استقطاب الخبراء في اختراق حسابات تويتر وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي، وحققت نجاحات، بما في ذلك اختراق أجهزة نشطاء من عدة جنسيات عن طريق زرع برمجيات خبيثة بها.
  • اختصاصي الأمن السيبراني الإيطالي سيمون مارغريتلي الذي حاولت دارك ماتر توظيفه في 2016 عبر عن صدمته مما تقوم به الشركة من سعيها للسيطرة على “دولة بأكملها” عن طريق اختراق كل الحواسيب والهواتف الإماراتية وجعلها “روبوتات تابعة للحكومة”، وقال إن ما تقوم به الشركة ليس طموحا ولكنه “جنون مطبق”.
  • مارغريتلي كتب كذلك عن كيفية محاولة المخابرات الإماراتية توظيفه للتجسس على شعبها فاضحًا طرفا مما تقوم به دارك ماتر بنشرها فريقا من المتسللين العاملين لصالح جهاز أمن الدولة الإماراتي في جميع أنحاء الإمارات، والذي يمكنه على سبيل المثال أن يخترق جميع الحواسيب التي تعمل في حيز مكاني معين بكبسة زر واحدة.
شركات إنترنت كبرى تتخذ إجراءات ضد دارك ماتر
  • شركة غوغل حذرت متصفحي كروم من ارتياد مواقع ويب معينة، وأعدت قائمة لمواقع الويب المعتمدة من قبل دارك ماتر وصنفتها كمواقع غير آمنة.
  • شركة موزيلا حجبت كذلك المواقع المعتمدة لدى دارك ماتر، كما رفضت مساعي حكومة الإمارات لأن تصبح واحدة من حراسها المعترف بهم دوليا في مجال أمن الإنترنت أو أن تكون مفوضة للتصديق على سلامة المواقع لمستخدمي متصفح فايرفوكس التابع لموزيلا.
  • عللت الشركتان إجراءاتهما بسبب تقارير بعض وسائل الإعلام الموثوقة عن عمليات القرصنة التي دأبت شركة دارك ماتر على القيام بها تحت إدارة دولة الإمارات.
  • قالت سيلينا ديكلمان مديرة القطاع الهندسي في شركة موزيلا: إن “وضع ثقتنا في دارك ماتر وإغفال أدلة موثوقة سيعرض كلا من الشبكة والمستخدمين للخطر”.
الإمارات تحاول إعادة دارك ماتر إلى الظل لكن دون جدوى
  • حاولت الإمارات إعادة دارك ماتر إلى الظل منذ عدة أشهر من خلال إعادة هيكلة أجهزة وشركات الأمن السيبراني التابعة للدولة ومنها دارك ماتر، لاسيما بعد افتضاح أدوارها.
  • من ضمن إعادة الهيكلة؛ كان الإعلان عن عدم تجاوز مهام الشركة حدود الدفاع السيبراني، وأنه ليس لها مهام هجومية.
  • لكن يبدو أن جهود الإمارات وشركتها كانت دون جدوى بسبب الافتضاح المستمر لأنشطة دارك ماتر، وآخرها ما أعلنت عنه صحيفة هاآرتس الإسرائيلية الأربعاء 16 أكتوبر/تشرين الأول الجاري من توظيف الشركة لضباط موساد سابقين للعمل ضد صحفيين ونشطاء حقوقيين غربيين.
المصدر : الجزيرة مباشر