“النيران ما زالت مشتعلة”.. من أحرق المسجد الأقصى قبل 54 سنة؟ (شاهد)

غولدا مائير: عندما حُرق الأقصى لم أنم تلك الليلة واعتقدت أن إسرائيل ستُسحق، لكن عندما حلَّ الصباح أدركت أن العرب في سبات عميق

إحراق المسجد الأقصى قبل 54 عامًا (وكالة الأنباء الفلسطينية)

تحل اليوم الاثنين 21 أغسطس/ آب الذكرى الـ54 لإحراق المسجد الأقصى المبارك، حين اقتحم يهودي متطرف أسترالي الجنسية يدعى مايكل دينيس المسجد الأقصى في مثل هذا اليوم من عام 1969، وأشعل النيران عمدًا في الجناح الشرقي للمسجد.

وأتت النيران على واجهات المسجد وسقفه وسجاده وزخارفه النادرة وكل محتوياته من المصاحف والأثاث، وتضرر البناء بشكل كبير، ما تطلب سنوات لإعادة ترميمه وزخرفته كما كان.

وأحرقت النيران معالم، منها مسجد عمر الذي كان سقفه من الطين والجسور الخشبية، ويمثل ذكرى دخول عمر بن الخطاب رضي الله عنه مدينة القدس وفتحها، إضافة إلى تخريب محراب زكريا المجاور لمسجد عمر، ومقام الأربعين المجاور لمحراب زكريا.

والتهمت النيران أيضًا منبر المسجد التاريخي الذي أحضره صلاح الدين الأيوبي من مدينة حلب، وذلك عندما استعاد المسلمون بيت المقدس عام 1187، وقد كانت لهذا المنبر الجميل مكانة خاصة، حيث إن السلطان نور الدين زنكي هو الذي أمر بإعداده ليوم تحرير الأقصى.

قطع الماء عن المصلى

وشبّت النيران في 3 أروقة من أصل 7 ممتدة من الجنوب إلى الشمال مع الأعمدة والأقواس والزخرفة، وجزء من السقف الذي سقط على الأرض خلال الحريق، وعمودين مع القوس الحجري الكبير بينهما تحت قبة المسجد، و74 نافذة خشبية وغيرها.

وتضررت أجزاء من القبة الداخلية المزخرفة والجدران الجنوبية، وتحطمت 48 نافذة في المسجد مصنوعة من الجبص والزجاج الملون، واحترقت الكثير من الزخارف والآيات القرآنية.

وتبين أن المادة الحارقة الشديدة الاشتعال سكبت من داخل المصلى القبلي ومن خارجه، بينما قام الاحتلال بقطع الماء عن المصلى القبلي ومحيطه، وتباطأ في إرسال سيارات الإطفاء.

وهرع الفلسطينيون إلى إخماد النيران، بملابسهم وبالمياه الموجودة في آبار المسجد الأقصى، وكشف مقدسيون لاحقا أن “إخماد الحريق بالطرق البدائية ساهم في انتشاره في أجزاء واسعة من المصلى”.

هرع المقدسيون لإطفاء النيران عند إحراق المسجد الأقصى قبل 54 عامًا (وكالة الأنباء الفلسطينية)

منبر بديل

وبعد عام واحد، وضع حاجز من الطوب يفصل ربع المصلى القبلي المحروق عن باقي الأروقة التي لم تتأذَّ.

ووضع بدل منبر نور الدين زنكي منبر حديدي، واستمرت أعمال الترميم حتى عام 1986، فأزيل الطوب واستؤنفت الصلاة في الجزء الجنوبي من المسجد، وبقي المنبر الحديدي حتى عام 2006، ريثما يُصنع منبر على شاكلة الذي حرق.

وقد أعد الأردن منبرا بديلا يماثل منبر نور الدين زنكي ووُضع في الأقصى عام 2006.

مزاعم الاحتلال وتعليق غولدا مائير

زعم الاحتلال الإسرائيلي أن الحريق “كان بفعل تماس كهربائي”، وبعد أن أثبت المهندسون العرب أنه تم بفعل فاعل، ذكرت أن شابا أستراليا اسمه دينيس مايكل روهان هو المسؤول عن الحريق وأنها ستقدمه للمحاكمة، ولم يمض وقت طويل حتى ادعت أن هذا الشاب معتوه ثم أطلقت سراحه.

وعلّقت غولدا مائير رئيسة وزراء الاحتلال حينذاك على الموقف العربي قائلة “عندما حُرق الأقصى لم أنم تلك الليلة، واعتقدت أن إسرائيل ستُسحق، لكن عندما حلَّ الصباح أدركت أن العرب في سبات عميق”.

الرد العربي

اجتمع قادة الدول العربية والإسلامية في عاصمة المغرب الرباط يوم 25 سبتمبر/ أيلول 1969 وقرروا إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي التي ضمت في حينها 30 دولة عربية وإسلامية، وأنشأت صندوق القدس عام 1976.

وفي العام التالي، أنشأت لجنة القدس برئاسة ملك المغرب الراحل الملك الحسن الثاني، للمحافظة على مدينة القدس ومقدساتها الإسلامية ضد عمليات التهويد التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلية.

بن غفير يقود اقتحام الأقصى رفقة وزير الجليل والنقب يتسحاق فسرلاوف (إدارة جبل الهيكل المزعوم)

“ما زالت مشتعلة”

وقال قاضي قضاة فلسطين محمود الهباش إن التهديدات والأخطار المحدقة بالمسجد الأقصى المبارك “ما زالت قائمة، وتنذر بعواقب وخيمة في ظل الحرب الدينية التي تمارسها دولة الاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني، وأرضه، ومقدساته كافة”.

وأوضح الهباش، في بيان اليوم الاثنين أن “النيران التي أشعلها الإرهابي اليهودي مايكل دينيس ما زالت مشتعلة بأدوات مختلفة، وعلى يد شخوص أكثر إجرامًا وإرهابًا، من أي وقت مضى، في ظل وجود حكومة استيطانية متطرفة توفر الغطاء الكامل للإرهابيين الذين يستهدفون المسجد والمصلين، وتسعى بكل السبل للسيطرة عليه، ونزع الصفة الإسلامية عنه بشتى الوسائل”.

ودعا الهباش العرب والمسلمين إلى “القيام بواجبهم الديني والأخلاقي والتاريخي لحماية وإنقاذ المسجد الأقصى المبارك من براثن الاحتلال، ومحاولاته لطمس هويته واختراع واقع تهويدي إسرائيلي على المسجد الأقصى المبارك”.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالة الأنباء الفلسطينية