حرب روسيا على أوكرانيا.. زيلنسكي يتهم دول الناتو بالخوف من ضم بلاده للحلف وأوربا بالتباطؤ في الدعم ويدعو بوتين للتفاوض

صورة تظهر آليات عسكرية مدمرة على طريق في خاركيف بأوكرانيا (رويترز)

دارت معارك، اليوم الجمعة، في الأحياء الواقعة في شمال كييف ويبدو أن القوات الروسية تشدد الخناق حول العاصمة الأوكرانية.

وغرّد وزير الخارجية الأوكراني “إطلاق مروّع لصواريخ بالستية روسية على كييف. آخر مرة شهدت فيها عاصمتنا أمرًا مماثلًا كانت في 1941 عندما تعرّضت لهجوم من ألمانيا النازية. انتصرت أوكرانيا على هذا الشيطان وستنتصر أيضًا على ذلك”.

الوضع الميداني

وأفادت الوكالة الفرنسية للأنباء في كييف سماع انفجارات وإطلاق مضادات جوية في المدينة.

ونقلت الوكالة عن الجيش الأوكراني أن القوات الروسية تتقدم نحو العاصمة من ناحيتي الشرق والشمال الشرقي.

ونقلت الوكالة عن وزارة الدفاع الروسية قولها إن الجيش الروسي عزل كييف من ناحية الغرب، مشيرة إلى أنها لن تقصف المناطق السكنية في العاصمة.

وقالت وزارة الدفاع الأوكرانية إن خسائر القوات الروسية منذ بدء العملية بلغت 2800 قتيل.

وأضافت أن قواتها شنت هجوما مضادا على القوات الروسية في منطقة بيلوفودسك في لوغانسك، بينما قال الانفصاليون في لوغانسك إنهم أسروا جنودا أوكرانيين في الجانب الشرقي من لوغانسك، وبحوزتهم صواريخ محمولة.

وذكرت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية أن نظام دفاعها الجوي دمر عدة صواريخ باليستية وطائرتيْن روسيتيْن على الأقل.

وأفادت أن الروس يُدخلون المستوى الثاني من المجموعات في بعض المناطق، حيث لوحظ نشر وحدات إضافية في اتجاه سكادوفسك.

وكشف نائب وزير الدفاع الأوكراني أن القوات الروسية تكبدت خسائر فادحة بسقوط 10 مقاتلات و7 مروحيات وأكثر من 500 آلية عسكرية.

وقال رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو إن عاصمة أوكرانيا دخلت مرحلة الدفاع ضد الغزاة الروس.

وأوضح أن أحياء مختلفة في كييف شهدت إطلاق نار وانفجارات، وأضاف أن الجيش الأوكراني يحيّد من أسماها “مجموعات التخريب الروسية”.

وشهدت منطقة أوبولون في العاصمة كييف تصاعدا في حدة القصف المدفعي، حيث تحاول القوات الروسية فرض سيطرتها عليها.

وذكر مصدر أمني أوكراني أن قتالا عنيفا وقع في المنطقة بين القوات الروسية والأوكرانية، وأن سكان أوبولون شاركوا في التصدي لتقدم المدرعات الروسية، وكان الجيش الأوكراني قد نشر دباباته في المنطقة قبل وصول القوات الروسية إليها.

وأفاد شهود عيان أن الجيش الأوكراني فجّر جسرا بالقرب من كييف لوقف رتل من الدبابات الروسية كان متجها إلى مدينة (إيفانكيف) على بعد 80 كيلومترا شمال العاصمة الأوكرانية.

وأفادت قوات حراس الحدود الأوكراني بمقتل 13 جنديا أوكرانيا خلال احتلال القوات الروسية لجزيرة الأفعى، قبالة أوديسا بالبحر الأسود، وأكدت روسيا من جانبها سيطرتها على هذه الجزيرة.

من ناحية أخرى، ذكرت وكالة ملاحة مولدوفا أن ناقلة تحمل علم مولدوفا أصيبت بصاروخ قرب مرفأ أوديسا، وأصيب اثنان من طاقمها.

أما في منطقة غوستوميل، شمال غرب العاصمة الأوكرانية فقد شهدت مواجهات عنيفة بين القوات الروسية والأوكرانية.

وأفاد مراسل الجزيرة أن الجيش الروسي تمكن من السيطرة على مدينة مليتوبول جنوبي أوكرانيا.

من جانب آخر، أفاد مراسل الجزيرة أن آلاف الجنود من القوات الروسية يتقدمون باتجاه مدينة ماريوبل، على بحر أزوف.

وأضاف أن القوات الروسية تتقدم من الشرق قادمة من الأراضي الروسية، ومن الغرب قادمة من شبه جزيرة القرم.

وقالت وزارة الدفاع الروسية إن القوات الروسية سيطرت على مطار غوستوميل، وأضافت أن القوات الروسية أطبقت الحصار على مدينة تشيرنيغوف من جميع الجهات.

وفي شمال البلاد، أفادت وزارة الدفاع الروسية أن وحدات الإنزال المظلي سيطرت على محطة تشيرنوبل النووية.

وقالت وزارة الدفاع الروسية إنها اتفقت مع القوات الأوكرانية على تأمين حماية مشتركة للمحطة.

لكن الوكالة النووية الأوكرانية أعلنت لاحقا تسجيل ازدياد في مستويات الإشعاع في تشيرنوبل، بينما أكدت وزارة الدفاع الروسية أن مستويات الإشعاع طبيعية.

لا أحد يريدها في الحلف

سياسيا، دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للجلوس إلى طاولة المحادثات.

واتهم زيلنسكي أوربا بالرد بصورة غير كافية على الهجوم الروسي على بلاده، وبالبطء في تقديم المساعدة لأوكرانيا.

وتابع “أوجه كلامي لبوتين: هناك معارك على كل الأراضي الأوكرانية لإنهاء قتل الناس. يجب علينا أن نتحدث. وأوجه كلامي إلى القوات المسلحة الأوكرانية أنتم شجعان وأنتم كل ما عندنا. المجد لأوكرانيا”.

وكان زيلنسكي قال، صباح اليوم، إن الجميع خائف من إعطاء بلاده ضمانات بالانضمام للناتو وإن الحقيقة أنه لا أحد يريدها في الحلف.

وأضاف أنه توجه بالسؤال لقادة أوربا عما إذا كانت أوكرانيا ستنضم لحلف شمال الأطلسي دون أن يتلق أي إجابة.

وأوضح “سألت اليوم 27 من القادة الأوربيين عما إذا كانت أوكرانيا ستنضم إلى حلف الناتو. لقد توجهت بالسؤال بطريقة مباشرة، الجميع خائف، ولا أحد يجيب”.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي

وتابع “لسنا خائفين، ولا نخاف من أي شيء. لسنا خائفين من الدفاع عن بلدنا، لسنا خائفين من روسيا، لسنا خائفين من الحديث مع روسيا، لسنا خائفين من الحديث عن أي شيء، عن الضمانات الأمنية لبلدنا، لسنا خائفين من الحديث عن الحياد، لسنا أعضاء في الناتو في الوقت الحالي. لكن ما هي الضمانات التي سنحصل عليها؟ والأهم من ذلك ما هي الدول التي ستعطينا تلك الضمانات؟”.

بدوره، قال ميخائيلو بودولياك المستشار الرئاسي الأوكراني إن بلاده تريد السلام ومستعدة لإجراء محادثات مع روسيا، بما في ذلك ما يتعلق بالوضع المحايد في موضوع حلف شمال الأطلسي.

وأضاف إذا كانت المحادثات ممكنة فيجب إجراؤها، وإذا قالوا في موسكو إنهم يريدون إجراء محادثات، بما في ذلك حول الوضع المحايد، فالأوكرانيون لا يخشون ذلك، ويمكنهم التحدث عنه أيضا.

وتابع بودولياك أن استعداد بلاده للحوار جزء من سعيها الدؤوب لتحقيق السلام.

بوتين يدعو الجيش الأوكراني لتولي السلطة

من جهته، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجيش الأوكراني إلى تولي السلطة في كييف والإطاحة بالرئيس فولوديمير زيلنسكي والمقربين منه الذين وصفهم بوتين بأنهم زمرة مدمنين ونازيين جدد.

وقال بوتين إنه من الأسهل التفاوض بينه وبين الجيش الأوكراني، مؤكدا أنه لا يحارب وحدات من الجيش الأوكراني بل تشكيلات قومية تتصرف كإرهابيين وتستخدم المدنيين “دروعا بشرية”، وفق قوله.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

كان الكرملين قال في وقت سابق إنه أخذ بعين الاعتبار التصريحات القادمة من كييف بشأن التفاوض على حياد أوكرانيا وإنه يحللها، مشيرا إلى أنه يعد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي رئيسا لأوكرانيا.

وأشار إلى أن تطبيع الوضع مع المجتمع الدولي سيكون ممكنا عندما يدرك ضرورة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.

وبشأن العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على روسيا، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إنّ موسكو ستفرض عقوبات انتقامية على الدول الغربية، على أساس المعاملة بالمثل، مشيرا إلى أنّ العقوبات ستسبب مشاكل لروسيا لكن يمكن احتواء تأثيرها، وقللت اعتماد موسكو على الواردات الأجنبية.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إنّ موسكو مستعدة للتفاوض مع أوكرانيا فقط عند تنفيذ شروط الرئيس فلاديمير بوتين، بأن تلقي السلاح ويعود جنودها إلى بيوتهم، وتشكل حكومة ممثلة للجميع.

وأضاف في مؤتمر صحفي أن الرئيس الأوكراني لم يلتزم باتفاقية مينسك، وهو غير صادق في قوله إنّه مستعد لبحث الوضع المحايد لبلاده.

وتابع لافروف “الرئيس الأوكراني غير صادق عندما يقول إنه مستعد لبحث الوضع المحايد، وهو لم يلتزم باتفاقية مينسك وتحالف مع الناتو وسعى لامتلاك أسلحة نووية. روسيا سعت لحل دبلوماسي منذ التوقيع على اتفاقيات مينسك التي كان يمكن أن تضمن سيادة أوكرانيا. حاولنا إقناع كييف والغرب بتنفيذ اتفاقيات مينسك لكن محاولاتنا لم تلق صدى. الولايات المتحدة تستخدم أوكرانيا لردع روسيا ونحن مهتمون بأن يصبح الشعب الأوكراني مستقلا وأن تكون لديه حكومة تمثل تنوعه المختلف”.

في السياق، أعربت الخارجية الروسية عن أسفها لإعلان كييف قطع العلاقات مع موسكو.

وقالت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن الجانب الأوكراني أوقف خلال السنوات الأخيرة عددا كبيرا من اتفاقيات التعاون مع روسيا، واتهمت حكومة كييف بتنفيذ أوامر دول أخرى ليست في صالح الشعب الأوكراني.

في المقابل، أكدت ثقة بلادها بإعادة العلاقات الودية بين الشعبين الروسي والأوكراني واستعداد موسكو لإرسال وفد يضم ممثلين عن الخارجية والدفاع إلى كييف، لعقد مباحثات مع الرئيس الأوكراني زيلنسكي.

من جانب أخر، قال رئيس الاستخبارات الخارجية الروسي سيرغي ناريشكين إن روسيا لن تسمح بتحوّل أوكرانيا لخنجر في يد واشنطن، على حد وصفه.

وأضاف ناريشكين عبر قناة روسيا 24 أن العملية العسكرية الخاصة ستؤدي إلى استعادة السلام في أوكرانيا.

وتابع “العملية العسكرية الخاصة ستؤدي إلى استعادة السلام في أوكرانيا بوقت قصير وكذلك منع نشوب صراع عسكري محتمل على نطاق واسع في أوربا. نحن مجبرون على الدفاع عن أنفسنا وحلفائنا. لا يمكننا السماح لأوكرانيا بالتحول إلى خنجر مرفوع ضدنا في يد واشنطن، الطريق الوحيد هو نزع سلاح أوكرانيا واجتثاث النازية وأن تكون الدولة محايدة”.

ردود فعل دولية

في ردود الفعل، وعد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بتعزيز الدعم البريطاني لأوكرانيا بعد استهداف روسيا كييف، وفق ما أعلنت رئاسة الحكومة البريطانية.

وأكد جونسون للرئيس الأوكراني خلال اتصال هاتفي التزامه بتقديم مزيد من الدعم لبلاده، قائلا إنّ العالم يواصل إثبات أنّه لا يمكن للرئيس الروسي فلايديمر بوتين التصرف دون عقاب.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنّ رد فعل الناتو على الهجوم الروسي كان ينبغي أن يكون أكثر حزما، والإدانة وحدها لا تكفي، مشيرا إلى أنّ الاتحاد الأوربي -وما وصفها بـ”العقلية الغربية”- لم يظهرا موقفا حاسما بشأن أوكرانيا.

وقالت ليز تروس وزيرة الخارجية البريطانية إنّ الهجوم الروسي على أوكرانيا همجي ولا مبرر له، ويظهر استخفافا قاسيا بالحياة البشرية، وفق وصفها.

وأكد وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير أنّ الاتحاد الأوربي يريد قطع كل الروابط بين روسيا والنظام المالي العالمي وعزلها ماليا وتجفيف تمويل الاقتصاد الروسي.

وقال وزير المالية الألماني كريستيان ليندنير إنّ كلّ الخيارات مطروحة على الطاولة فيما يخصّ فرض عقوبات جديدة على روسيا.

وبشأن العقوبات على روسيا، قال متحدث باسم الحكومة الألمانية إنّ تعليق العمل بنظام (سويفت) المالي ستكون له آثار كبيرة على الاقتصاد الألماني، مشيرا إلى أنّ عددا من الدول رفضت أي عقوبات تتعلق بالغاز وإمدادات النفط.

الصين تدعو لمحادثات

ودعا الرئيس الصيني، خلال محادثات هاتفية مع نظيره الروسي إلى إجراء مفاوضات بين روسيا وأوكرانيا لإنهاء التصعيد العسكري.

وذكر التلفزيون الرسمي الصيني أن بوتين أبلغ الرئيس الصيني أنه ينوي إجراء محادثات عالية المستوى مع أوكرانيا.

وأكد الكرملين أن الرئيس الصيني وبوتين أكدا في الاتصال رفضهما لاستخدام العقوبات غير الشرعية لتحقيق ما وصفت بـ”أهداف خبيثة” من بعض الدول.

من جانبها، أدانت الأمم المتحدة عمليات اعتقال طالت أكثر من 1800 شخص في روسيا تظاهروا ضد الحرب في أوكرانيا، وقالت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان رافينا شامداساني للصحفيين إن اعتقال أفراد لممارستهم حقهم في حرية التعبير أو التجمع السلمي يشكل حرمانا تعسفيا من الحرية، داعية إلى “الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين تعسفيا”.

وقالت مصادر صحفية إن الاتحاد الأوربي يخطط لفرض عقوبات تشمل تجميد أرصدة على بوتين ولافروف وإن وزراء الخارجية يناقشون التفاصيل، اليوم.

من جهة أخرى، قال مسؤول بالاتحاد الأوربي إن قادة الاتحاد ناقشوا، أمس الخميس، كيفية التخلص من واردات الفحم من دونباس، التي تحتلّها روسيا.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إن روسيا تستخدم دونباس مبررا لشن هجوم عنيف على سيادة أوكرانيا.

وأضاف لودريان -على هامش مشاركته في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوربي- أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يهاجم أوكرانيا فقط، وإنما يوجه حربه ضد الديمقراطية والحرية، حسب قوله.

وأشار إلى أهمية أن يشعر الأوكرانيون بالدعم على المدى الطويل.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات