جنى وفاطمة وأمينة.. البرد يحصد أرواح 3 طفلات خلال 24 ساعة بمخيمات إدلب (فيديو)

توفيت طفلتان في مخيمات الشمال السوري نتيجة البرد الشديد وفق تقريرين للمستشفى حصلت عليهما الجزيرة مباشر، ليلحقا بطفلة ثالثة سبقتهم إلى الرفيق الأعلى بفارق أقل من 24 ساعة.

وأفاد تقرير المستشفى ببلدة حربنوش الجبلية في ريف إدلب، بأن الطفلة فاطمة محمد الحسن البالغة من العمر 7 أيام فقط، وصلت متوفاة في الساعة الثانية بعد منتصف الليل مع برودة في الأطراف وعلامات نزف دموي من الفم والأنف يرجح أنه رئوي.

أما الطفلة أمينة محمد سلامة فقد وصلت إلى المستشفى ذاته، في حالة برودة شديدة وزرقة وهبوط شديد في السكر ثم تطور الأمر إلى نزيف رئوي أخذ في التصاعد ولم تفلح فيه محاولات الإنعاش التنفسي، وفق تقرير الوفاة.

فاطمة.. مخيم الليث

ورصدت كاميرا الجزيرة مباشر لحظة دفن الرضيعة فاطمة في مخيم الليث عندما تجمع عدد من الأشخاص حول والدها وهو يواريها الثرى.

يقول الأب المكلوم إنه فوجئ بطفلته التي وُلدت طبيعية وفي حالة جيدة للغاية قبل 7 أيام، وهي تعطس وتشهق ثم خرج الدم من أنفها وفمها، فهرع بها إلى المستشفى لكنها وصلت منتهية.

وأضاف باكيًا وهو يعرض صورًا لابنته عند ولادتها وبعد وفاتها “ابنتي ماتت نتيجة البرد. نحن نعاني بردًا يوقف القلب. لا دفء. الخيمات غير صالحة”.

والد فاطمة يجلس أمام قبرها بعدما وارى جسدها الثرى (الجزيرة مباشر)

وقال طبيب مستشفى الرحمن التخصصي في بلدة حربنوش الذي استقبل الطفلة، إن فاطمة جاءت متوفاة نتيجة “أزمة برد” وإن المعاينة الأولية بيّنت توقف القلب والتنفس مع نزف الأنف والفم بالإضافة إلى دلالات برودة شديدة كانت بحالة سيئة جدًا.

وأضاف الطبيب أن الطفلة ولدت بالمستشفى ذاته قبل 6 أيام وكانت حالتها جيدة لكنها في اليوم السابع للأسف تعرضت لظروف برد ووصلت متوفاة، لافتًا إلى أن حالتها من بين حالات سيئة عديدة يستقبلها المستشفى سواء من ناحية إصابات البرد أو التهاب القصبات الشعرية أو أزمات الربو.

وأشار إلى الظروف المأساوية لمخيمات المنطقة حيث التعداد الهائل ووجود عدد أطفال كبير وإصابة كثير منهم بالتهابات القصبات الشعرية وهي أغلب الحالات التي يستقبلها المستشفى، لكن الحواضن ممتلئة ولا مكان لاستقبال أطفال آخرين ويزيد الأمر صعوبة عدم توافر وسائل التدفئة أو حتى المواد الأولية اللازمة لها كالحطب والثياب والدواليب.

وناشد الطبيب المنظمات الدعم العاجل سواء للمستشفى أو المخيمات حيث تتفاقم الأزمة الشديدة، مطالبًا بدعم الوضع المعيشي قبل أن تتفاقم المأساة مع اشتداد موجات البرد وصعوبة تحويل الحالات إلى تركيا.

الطبيب الذي استقبل حالة فاطمة في مستشفى الرحمن التخصصي (الجزيرة مباشر)

أمينة.. مخيم الجبل

أما أمينة ابنة مخيم الجبل البالغة شهرين من العمر، فقد قضت ليلة في المستشفى ذاته قبل أن يستقبل والدها خبر وفاتها فجرًا بسبب البرد الشديد أيضًا.

يقول والدها “بنلم أكياس من المكبات للتدفئة وتشغيل الصوبات. بنتمنى نرجع لبلادنا. نطلب مساعدات للمخيمات. الطقس برد كثير”.

ويكمل أحد المهجرين بالمخيم “وضعنا في فصل الشتاء مأساوي، بقالنا شهرين نعاني مع البرد ما في تدفئة مضبوطة، كيسين فحم فقط اللي وصلوا، بنلم أكياس بنحاول لأننا بمنطقة جبلية حتى الحطب أخضر صعب إشعاله. نتمنى المنظمات والجهات المعنية تساعدنا”.

جنى.. مخيم الأزرق

وفي ظروف مشابهة، توفيت أمس الطفلة “جنى” بسبب البرد القارس في مخيم الأزرق الواقع في ريف حلب الشمالي الشرقي بالقرب من مدينة الباب، حين أفاق والداها ليجدها متجمدة بسبب نقص التدفئة.

يقول والدها محمد طلاس “ابنتي توفيت بسبب البرد القارس. بقالنا هنا 7 أشهر. لما وصلت المستشفى ما كان فيه دكاترة ولا طبيب شرعي، الممرضين شافوها وعملوا اللي عليهم لكن فقدوا الأمل. ماتت”.

وتابع الأب “بقالنا نحو شهر محرومين من أي إعانات أو إغاثات وأمس المجلس المحلي ادّعى إنه يوم الحادثة جاب لنا فحم لكن هذا لم يحدث وما شفنا شيء. نطالب بحقوقنا قبل ما تتكرر حالة جنى مرة ثانية. حالنا حال كثير حوالينا”.

ويشكو محمود علي جانو أحد المهجّرين من حلب، صعوبة أوضاع المخيم مع موجات البرد القارسة في حين ترصد الكاميرا أن معظم البيوت بلا أبواب أو أغطية، ويؤكد النازح أن المساعدات التي تصل المخيم لا تُذكر وأن مطالبهم لا تتعدى أبسط أمور الحياة ومنها الدفء لكن لا فحم يتوفر ولا غيره.

ويقول أمين أبو إبراهيم مسؤول المخيم، إن المخيم يقع في منطقة جبلية وبالتالي فالبرد أكثر حدة وشدة، بالإضافة إلى مشكلات كثيرة أخرى داخل المخيم وعلى رأسها الصرف الصحي، فكلها عوامل زادت من المأساة في ظل غياب المساعدات لتوفير أبسط مكونات الحياة، لافتًا إلى أن المخيم يضم أكثر من 335 طفلا وطفلة.

صورة الطفلة جنى التي توفيت بردًا بمخيم الأزرق (الجزيرة مباشر)

ويعيش أغلب النازحين في مخيمات لا تتوفر فيها متطلبات التدفئة، إضافة إلى تلف الخيام نتيجة الطقس السيئ مما يزيد المخاوف من إصابة العديد من الأطفال وكبار السن بنزلات البرد والأمراض الصدرية والجلدية.

وتزداد المخاوف من حدوث حالات وفاة بين النازحين نتيجة انخفاض الحرارة واشتداد موجات البرد والصقيع، وفي مقدمتهم الأطفال، بحسب منظمات حقوقية وإنسانية.

وتعتبر 85% من مخيمات الشمال السوري أقدم من عمرها المتوقع وأكثر تعرّضًا للتلف، وأقل مقاومة للظروف الجوية، بحسب تقرير سابق للأمم المتحدة.

مخيم الأزرق يقع في الجبل مما يجعل البرد أكثر قسوة، ويضم 335 طفلًا وطفلة (الجزيرة مباشر)
المصدر : الجزيرة مباشر