“أغراضه سياسية”.. تصاعد ردود الفعل الرافضة لـ “ميثاق مبادئ شؤون المسلمين” الفرنسي

مسجد مدينة كولن المركزي التابع للاتحاد الإسلامي التركي (مواقع التواصل)

تتواصل ردود فعل الجماعات الإسلامية في فرنسا، الرافضة توقيع ميثاق مبادئ شؤون المسلمين في البلاد بصيغته الحالية، الذي تم إعداده بدعم من الحكومة.

وفي هذا الصدد قال بيان صادر عن جامع إقليم رون أمس الثلاثاء، إن ميثاق مبادئ شؤون المسلمين، جزء من مشروع الإسلام الفرنسي الذي ينكر مقومات الإسلام الأساسية، ويتنافى مع قيمه الأخلاقية.

وأوضح البيان أن الهدف من ذلك الميثاق تحريف الدين الإسلامي، مشيرًا أن الائمة الذين سيخالفونه سيتم إبعادهم عن المساجد التي يعملون بها.

كما لفت إلى أنهم سيتابعون بقلق بالغ مشروع مجلس الأئمة الوطنيين الذي سيتم تشكيله بإملاءات من الإدارة الفرنسية.

وأشار إلى أن المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، هو من وضع ذلك النص المسمى بقانون مبادئ الإسلام الفرنسي، موضحًا أن المجلس وهو يكتب هذا النص لم يستشر أئمة وقادة المنظمات الإسلامية في البلاد، رغم دعواتهم لذلك.

هذا وأصدر اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، بيانًا شدد فيه على ضرورة عدم استخدام الإسلام لأغراض سياسية.

وأكد كذلك أنهم معارضون تمامًا لـميثاق المبادئ، وقانون الإسلاموفوبيا المعروف باسم قانون مكافحة الانفصالية.

وذكر البيان أن الدولة يجب ألا تنتهك قانون العلمانية لعام 1905 بالسيطرة على المساجد والأئمة والجاليات الإسلامية والتدخل في عبادتهم.

المسجد الكبير في العاصمة الفرنسية باريس (رويترز أرشيفية)

والأحد الماضي، وافقت لجنة خاصة في الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان)، على مشروع قانون مبادئ تعزيز احترام قيم الجمهورية المثير للجدل، والذي جرى التعريف به لأول مرة باسم مكافحة الإسلام الانفصالي.

يضع المسلمين تحت الحصار

ويواجه مشروع القانون انتقادات من قبيل أنه يستهدف المسلمين في فرنسا ويكاد يفرض قيودًا على كافة مناحي حياتهم، ويسعى لإظهار بعض الأمور التي تقع بشكل نادر، وكأنها مشكلة مزمنة.

وينص على فرض رقابة على المساجد والجمعيات المسؤولة عن إدارتها، ومراقبة تمويل المنظمات المدنية التابعة للمسلمين.

 

كما يفرض قيودًا على حرية تقديم الأسر التعليم لأطفالها في المنازل، في البلاد التي يحظر فيها ارتداء الحجاب في مؤسسات التعليم ما قبل الجامعي.

ويحظر مشروع القانون على المرضى اختيار الأطباء وفق جنسهم، لاعتبارات دينية أو غيرها، كما يجعل التثقيف العلماني إلزاميا لكافة موظفي القطاع العام.

ومن المنتظر عرض مشروع القانون على الجمعية الوطنية في فبراير/شباط المقبل.

وكان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين قد أصدر بيانا طالب فيه الحكومة الفرنسية بالكف عن التدخل في خصوصية الإسلام، والتعامل معه بمثل معاملتها للأديان الأخرى وأكد على أن وثيقة المساجد تتناقض  مع ثوابت الإسلام، ومع حرية الاعتقاد المكفولة في جميع العالم بما فيها دولة فرنسا.

مشروع ماكرون

وفي 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، جرى التعريف بمشروع القانون من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحت اسم مكافحة الإسلام الانفصالي، وجرى تغيير اسمه لاحقًا إلى مبادئ تعزيز احترام قيم الجمهورية نتيجة اعتراضات.

وكان ماكرون قد طلب من المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية صياغة شرعة المبادئ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إثر توجيهه انتقادات لما أسماها “الانعزالية الإسلامية” و”الإسلام المتشدد”، ضمّنها مشروع القانون.

وطلب ماكرون من ممثلي المسلمين توضيح بعض “الالتباسات” وإنهاء نشاط 300 إمام أجنبي أرسلتهم تركيا والمغرب والجزائر خلال 4 أعوام.

وتزايد الضغط على الهيئات الإسلامية في فرنسا إثر اغتيال مدرس التاريخ صامويل باتي (47 عامًا)، قرب باريس بعد عرضه رسوما مسيئة للنبي على الطلاب في مدرسته، والهجوم الدامي بعد ذلك بأسبوعين على كنيسة في نيس، الذي أوقع 3 قتلى.

وتأتي تحركات الرئيس الفرنسي الأخيرة في وقت يعيش فيه مسلمو فرنسا حالة من الشعور بالاستهداف والإهانة، بعد أن صار أعلى هرم الدولة يستهدفهم بشكل مباشر، مستغلاً مشروعه الفضفاض الذي يريد به مواجهة الانعزالية أو الانفصالية الإسلامية، على حد تعبيره، غير أن معاناتهم تسبق ذلك بكثير، وتأخذ أبعاداً مختلفة تتأرجح بين الاجتماعي والاقتصادي.

ففرنسا تُعدّ من أكبر الدول الأوربية من حيث حجم الجالية المسلمة، فحتى منتصف 2016، كان يعيش نحو 5.7 مليون مسلم في فرنسا، بما يشكل نسبة 8.8% من مجموع السكان، بينما تقف هذه النسبة في مجموع الاتحاد الأوربي في حدود 4.9%، مع توقعات بأن ترتفع إلى 11.2% بحلول عام 2050، حسب إحصائيات مركز بيو للأبحاث.

المصدر : الأناضول + الجزيرة مباشر