واشنطن تأمر بإغلاق قنصلية صينية وتصفها بـ”شبكة تجسس واسعة”

بدأت أمريكا والصين اليوم فرض رسوم جمركية متبادلة ضمن الحرب التجارية بينهما

أمرت واشنطن نظيرتها الصينية بإغلاق قنصليتها في هيوستن، معتبرةً أنها “في صلب شبكة تجسس” صينية في أمريكا، في قرار يشكل تصعيدًا كبيرًا في التوتر الدبلوماسي القائم بين القوتين. 

وهددت السلطات الصينية “بالرد” على الخطوة الأمريكية، ما ينذر بتدهور جديد للعلاقات المتوترة بين البلدين على خلفية ملفات عدة، من التجارة إلى طريقة تعامل بيجين مع وباء فيروس كورونا المستجد (المسبب لمرض كوفيد-19)، وصولًا لسياساتها في هونغ كونغ وشينجيانغ وبحر جنوب الصين .

وأعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، مورغان أورتاغوس، اليوم الأربعاء، أن الخطوة اتخذت “لحماية الملكية الفكرية الأمريكية ومعلومات الأمريكيين الشخصية”.   

وأكدت “تنص اتفاقية فيينا أن على دبلوماسيي الدول احترام قوانين ونظم البلد المضيف ومن واجبهم عدم التدخل في الشؤون الداخلية لذلك البلد”. 

سرقة وظائف

أضافت الخارجية الأمريكية أن النظام الشيوعي الصيني مارس عملية “تجسس ضخمة” في الولايات المتحدة، وتدخل “في سياستها الداخلية”، فضلًا عن “مارسته ضغوطًا على مسؤولين اقتصاديين”، و”تهديده عائلات صينية-أمريكية مقيمة في الصين”. 

وندد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مجددًا بـ”سرقة الحزب الشيوعي الصيني للملكية الفكرية” في الولايات المتحدة وأوربا، وتابع “الرئيس ترمب قال: كفى!”، مهددًا باتخاذ تدابير جديدة كلما تصرفت الصين “عكس” ما تريد واشنطن.  

وأضاف “يتعلق الأمر بمئات آلاف الوظائف” التي “سرقها الحزب الشيوعي الصيني”، مشيرًا إلى توجيه القضاء الأمريكي، أمس الثلاثاء، تُهمًا إلى صينيينِ اثنين بشن هجمات قرصنة معلوماتية على شركات تُجري أبحاثًا على لقاح ضد مرض كوفيد-19.  

وقال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي ماركو روبيو أن القنصلية الصينية في هيوستن “في صلب شبكة واسعة للتجسس ولعمليات نفوذ الحزب الشيوعي الصيني في الولايات المتحدة”، وكان إغلاقها مقررًا منذ “وقت طويل”، وكتب السيناتور المقرب من ترمب “أمام الجواسيس 72 ساعة للمغادرة تحت طائلة تعرضهم للتوقيف”. 

وأوردت وسائل إعلام محلية في هيوستن أنه جرى الاتصال برجال الإطفاء والشرطة للحضور، مساء الثلاثاء، إلى القنصلية إثر تقارير تفيد بأنه يجري إحراق وثائق في باحة المبنى.

وأعلنت شرطة هيوستن في تغريدة أنه شوهد دخان يتصاعد، ولكن “لم يُسمح بدخول” قوات الأمن حرم القنصلية.

عمل فاضح وغير مبرر

وللصين خمس قنصليات في الولايات المتحدة وسفارة في واشنطن، وافتُتحت قنصلية هيوستن في ولاية تكساس في 1979، العام الذي أقيمت فيه علاقات دبلوماسية بين الولايات المتحدة وجمهورية الصين الشعبية، وفق موقع القنصلية الإلكتروني.  

ويشكّل إغلاقها “استفزازًا سياسيًا من الجانب الأمريكي بشكلٍ أحادي، وينتهك بشكل خطير القانون الدولي”، كما ندد المتحدث باسم الخارجية الصينية وانغ وينبين أمام الصحافة.

وأضاف، اليوم الأربعاء، “الصين تدين بشدة هذا العمل الفاضح وغير المبرر”، مهددًا بـ”الرد”، غير أنه لم يوضح سبب قرار الإدارة الأمريكية إغلاق القنصلية الصينية في هيوستن.

وجاء الأمر بإغلاق قنصلية هيوستن بعد ساعات من توجيه وزارة العدل الأمريكية اتهامات لمواطنينِ صينيينِ بالسعي لسرقة أبحاث على لقاح ضد فيروس كورونا المستجد، ولم يتضح ما إذا كانت الخطوتان مرتبطتين. 

وأعلنت وزارة العدل الأمريكية، أمس الثلاثاء، توجيه تُهمٍ إلى لي شياو يو (34 عامًا) وودونغ جيازهي (33 عامًا)، وهما “قرصانا معلومات صينيان كانا يعملان مع وزارة أمن الدولة الصينية”، ولم يُعتقل الرجلان ويُعتقد أنهما في الصين، بينما رفضت بيجين هذه التهم. 

وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية وانغ وين بين إن “الحكومة الصينية من أشد المدافعين عن أمن المعلوماتية، وكانت تعارض على الدوام وقد تحركت لوقف الهجمات والجريمة المعلوماتية بكل أشكالها”. 

وفي الأشهر الماضية تبنّت حكومة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لهجة شديدة حيال الصين، متهمةً إياها بالتستر على حجم تفشي فيروس كورونا المستجد منذ ظهوره في وسط البلاد نهاية العام 2019.

وفي ظل هذا التصعيد بين البلدين، حذرت الصين طلابها الذين يدرسون في الولايات المتحدة، ويزيد عددهم على 300 ألف، من التعرض “لاستجوابات تعسفية”.  

ترمب غير راضٍ عن الصين

قالت مستشارة البيت الأبيض كيليان كونواي إن الرئيس ترمب لا يزال غير راضٍ عن الصين، بسبب تعاملها مع تفشي فيروس كورونا المستجد الذي حصد أرواح أكثر من 140 ألف أمريكي، حتى الآن.

جاء ذلك في معرض رد كونواي، اليوم الأربعاء، عن سؤال حول الرسالة التي تريد الولايات المتحدة إرسالها من خلال إغلاق القنصلية الصينية في ولاية تكساس.

وأضافت ردًا على سؤال أحد الصحفيين “أعتقد أن الرئيس أوضح تمامًا أنه غير راضٍ عن الصين، والواقع أن (الفيروس الصيني) أطلق من هذا البلد وفي أنحاء العالم، مع القليل جدًا من المعلومات والصدق والشفافية من الصين”، وتابعت “لم نحصل على معلومات من الصين، ولا نعرف أرقام الحالات وأرقام الوفيات وما إلى ذلك”.

قلق بريطاني من التجسس الصيني

وفي السياق، قال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، اليوم الأربعاء، إن بلاده قلقة من أدلة نشرتها الولايات المتحدة تظهر تورط الصين في هجمات إلكترونية على مؤسسات طبية وأكاديمية في 11 دولة من بينها بريطانيا.

وقال راب في بيان “أنا قلق للغاية من الأدلة التي أُعلنت، أمس الثلاثاء، بأن الصين متورطة في هجمات إلكترونية خبيثة على مؤسسات تجارية وطبية وأكاديمية، من بينها تلك العاملة على الاستجابة لجائحة فيروس كورونا المستجد”.

وفي أمريكا، أصاب فيروس كورونا المستجد 4 ملايين و45 ألفًا و559 شخصًا، قضى منهم جراء الإصابة 145 ألفًا و251 مصابًا، بينما تعافى مليون و889 ألفًا و197 شخصًا، حتى الآن.

وفي الصين، أصيب 83 ألفًا و707 أشخاص، أودى الفيروس بحياة 4 آلاف و634 منهم، في حين تعافى 78 ألفًا و840 حالة، إلى الآن.

وفي بريطانيا، أصاب فيروس كورونا المستجد 296 ألفًا و377 شخصًا، وأودى بحياة 45 ألفًا و500 مريض.

وعالميًّا، أصاب فيروس كورونا المستجد 15 مليونًا و173 ألفًا و426 شخصًا، توفي منهم 621 ألفًا و694 مصابًا، بينما عوفي 9 ملايين و171 ألفًا و641 مصابًا، حتى اللحظة. 

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات