46 عاما على استشهاد “غيفارا غزة” الذي دوّخ موشيه ديان

محمد الأسود, غيفارا غزة

لم يكن يعلم محمد الأسود، الذي هُجرَ مع عائلته في عام النكبة من حيفا لغزة، بأنه سيكون غيفارا المقاومة الفلسطينية في السبعينات، وبطلا لفيلم يحكي أسرار مطاردة الاحتلال الإسرائيلي له.

من هو غيفارا غزة؟
  • ربما غطى اسم “غيفارا غزة” على الاسم الحقيقي لمحمد محمود مصلح الأسود، هذا الثائر الذي صنع مع رفاقه في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات من القرن العشرين، قلقًا دائمًا، دفع وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي آنذاك موشيه ديان، لأن يقول “نحن نحكم غزة في النهار وغيفارا يحكمها في الليل”.
  • بالطبع أخذ محمد الأسود لقبه من الثائر الأرجنتيني أرنستو تشي غيفارا، الذي اشتهر بثوراته التاريخية ضد الظلم والاستعمار، وقدرته على المقاومة والتخفي.
  • ولد محمد الأسود “غيفارا” في 6-1-1946 في مدينة حيفا، وخرجت أسرته بعد النكبة إلى قطاع غزة وهو ما زال في شهوره الأولى، وسكنت العائلة أحد مخيمات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا).
  • الأسود حاول إكمال دراسته الجامعية في مصر، لكن الفقر لم يمكن عائلته من مساعدته، فترك الدراسة وعاد إلى قطاع غزة، بعد أن أمضى عامًا واحدًا عمل خلاله موظفًا بسيطًا في مصر.
نضال غيفارا
  • انضم “غيفارا” إلى حركة القوميين العرب عام 1963، وأصبح بعد وقت قصير من عناصر التنظيم النشطة في قطاع غزة.
  • بعد نكسة يونيو/ حزيران 1967 أصبح قائدًا لإحدى المجموعات المقاتلة في منظمة “طلائع المقاومة الشعبية”، لينضم لاحقاً إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
  • نفذ مع مجموعته عدة عمليات جريئة خلال بدايات العمل المسلح، ومن نتائج عملياته إيقاف الإسرائيليين عن زيارة قطاع غزة.
  • اعتقل في 15-1-1968 وبقي في السجن لعامين ونصف، ثم أطلق سراحه في يوليو/ تموز 1970، ولم يكن الاحتلال يعرف أن محمد الأسود هو غيفارا أثناء فترة سجنه.
  • واصل الأسود نضاله، وقام بنشاط مكثف لإعداد المجموعات العسكرية وتدريبها وتثقيفها، وتسلم قيادة العمل العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في قطاع غزة حتى استشهاده.
  • قاد رفاقه الثوار تحت أجواء المطاردة والخنق التي مارستها السياسة العسكرية الإسرائيلية بقيادة موشيه ديان، واستطاع بسرعة ربط التنظيم السياسي والعسكري، واهتم بإنشاء اللجان العمالية والنسائية والاجتماعية ورعاية أسر الشهداء، وحتى ترتيب مكتبة مركزية ومكتبات فرعية في القطاع للتثقيف السياسي والحزبي.
  • استطاع أن يكسب ثقة أبناء غزة حين تصدى لمؤامرات الاحتلال في تهجير سكان غزة بأن نظم مظاهراتهم وإضرابهم الكبير. كما عاقب الخونة وعملاء الاحتلال بعد أن حاكمهم، ووضع شعارًا لمحكمة الثورة هو “إن الثورة لا تظلم.. لكنها لا ترحم”.

استراتيجيات غيفارا
  • ابتكر غيفارا العديد من وسائل التخفي التي كانت تسهل عليه الإفلات من قبضة العدو مرارًا، فأربع سنوات من المطاردة في مكان صغير مثل قطاع غزة، لن يكون ممكنًا دون عقلية عسكرية فذة.
  • ظل غيفارا غزة لغزًا محيرا للعدو، وقد قاد نضال الجبهة طوال آخر ثلاث سنوات من حياته.
  • لم تكن تمضي عليه أربع ساعات في مكان واحد، كان له ملجأ في كل مكان من قطاع غزة الضيق، وقد جن جنون العدو يوم أن قام باحتلال غزة عسكريًا، ولم يترك شبراً في قطاع غزة إلا ودخله، ولكن خابت آمالهم وفشلت خططهم أمام عبقرية غيفارا العسكرية.
  • غيفارا هو من وضع تكتيك “اضرب عدوك ضربات سريعة متلاحقة وفي أماكن عدة متباعدة وفى نفس الوقت، حتى يفقد صوابه وحتى لا يترك له مجالا للبطش بمنطقة منفردة”.
  • حادث يوم السادس من يوليو/ تموز 1971 شاهد علي ذلك، عندما اقتحمت مجموعة من رفاق غيفارا منطقة محاصرة وقذفوا تجمعات العدو بالقنابل وأمطروهم بالرشاشات، ما أدى إلى مقتل أربعة جنود إسرائيليين وجرح العديد منهم، وكان ذلك على مرأى الجماهير المحاصَرة، ما تسبب في إرباك قوات الاحتلال ورفع معنويات المحاصرين.
  • كانت من نتائج هذه العملية المباشرة أن تراجع الاحتلال مرغمًا عن أسلوب العقاب الجماعي واقتصر بعد ذلك على فرض حصار جزئي على منطقة الحادث لساعات فقط.
  • “غيفارا” وضع كذلك خطط استدراج العدو، حيث يحدد المكان والزمان، فيقع العدو في المصيدة، واتبع أسلوب الكر والفر، فبعد كل ضربة توجه للثوار، كان يأمر بالتريث وإعطاء الفرصة للمراقبة والمتابعة وإعطاء الوهم للاحتلال بأن الثورة انتهت.
استشهاد غيفارا غزة:
  • في التاسع من مارس/ آذار عام 1973 تمكنت قوات الاحتلال من معرفة مكان وجود غيفارا، فحاصرت البيت الذي كان موجوداً فيه خلف مستشفى الشفاء بمدينة غزة، مستعينة بمئات الجنود والدبابات وبغطاء جوي.
  • رغم هذا المشهد لم يستسلم غيفارا ورفيقيه عبد الهادي الحايك، وكامل العمصي، واشتبكوا مع قوات الاحتلال إلى أن استشهد ثلاثتهم، وحضر وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي في ذلك الوقت موشيه ديان إلى غزة بنفسه للتأكد من استشهاد غيفارا غزة.
  • الضابط المسؤول عن الهجوم أدى التحية العسكرية لجثمان غيفارا ورفاقه، وقام جنود الاحتلال الإسرائيلي بتوزيع الحلوى بعد تأكد خبر مقتله.
  • جثامين الشهداء الثلاثة ترقد الآن متجاورة في مقبرة الشيخ رضوان في شارع اللبابيدي في مدينة غزة.
  • المخرج الفلسطيني خليل المزين قام بعمل فيلم حمل عنوان “غيفارا غزة” عن حياة محمد الأسود، مؤكدًا أن مولد “غيفارا” كان إعلانا مؤجلًا لهوية اللجوء الفلسطيني.
المصدر : الجزيرة مباشر + وكالة الأنباء الفلسطينية