هآرتس: 10 ضربات وجّهتها إسرائيل لنفسها منذ 7 أكتوبر

قطاع غزة قوات احتلال إسرائيلي
جندي من قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة (رويترز عن الجيش الإسرائيلي)

وجّه الصحفي الإسرائيلي “أنشيل فيفر” في مقال بصحيفة هآرتس العبرية انتقادات للحكومة الإسرائيلية، قائلا إنها وجهت لنفسها 10 ضربات منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تمثلت في:

1- إخلاء الشمال

يرى فيفر أن الإخلاء العاجل لآلاف السكان في المناطق الواقعة على طول الحدود الشمالية، اتُّخذ دون تفكير منظم حول مصير السكان والغرض العسكري منه.

فبدلًا من محاولة تهدئة السكان، شجعت الحكومة الخوف بأوامر الإخلاء، وبهذا فإنها خلقت مساحة لهجمات حزب الله، الذي يعلم أنه لن يدفع أي ثمن ثقيل مقابل ذلك، فخوف السكان من هجوم مشابه لما حدث في غلاف غزة مفهوم، لكن الخوف والقلق المتمثل في رفع استعدادات الجيش في الليلة الأولى للحرب، لم يكن له أي أساس عسكري، من وجهة نظره.

جنود إسرائيليون على الجبهة الشمالية تحسبا لعمليات عسكرية من حزب الله (يديعوت أحرونوت)

2- اقتحام مدينة غزة أولا

تحدّث فيفر عن أن قرار بداية المناورة البرية كان بهدف تفكيك البناء العسكري لحماس وتدمير سلطتها.

وأضاف أن التقديرات الشديدة التفاؤل كانت ترى أن الصدمة من اختراق الجيش لقلب المدينة ولمستشفي الشفاء، سيزرع اليأس والارتباك داخل حماس، وسيتسبب في انهيارها، وهو ما لم يحدث، حيث إن مقاتليها وجدوا ملاذا لهم داخل شبكة الأنفاق التي اتضح أنها متشعبة ومجهَّزة أكثر بكثير من التقديرات الاستخباراتية.

وبدلا من إعداد مسار جديد لفصل حماس عن الجنوب في رفح -وهو ما كان يجب فعله منذ البداية من وجهة نظره- انغمست الحكومة في إحصائيات جثث مقاتلي حماس و”تفكيك الكتائب”، وبأرقام لم تعبّر بشكل صحيح عن الوضع الحقيقي لحماس التي ما زالت تنشط في القطاع.

إسرائيل دمرت مجمع الشفاء، إيقونة القطاع الصحي في غزة
إسرائيل دمرت مجمع الشفاء، أيقونة القطاع الصحي في غزة (رويترز)

3- غياب الاستراتيجية

تعجب فيفر من أنه بعد مرور أكثر من نصف عام على بداية الحرب، ما زالت إسرائيل تعاني عدم وجود هدف أو رؤية لليوم التالي للحرب، وأضاف “ليست هناك قوة بديلة قيد الإنشاء، بل حتى لا يوجد قرار مما ستشكَّل هذه القوة، فقد وضع نتنياهو فيتو على توصيات منظومة الأمن لإتاحة إقامة قوة شرطية ذات صلة بالسلطة الفلسطينية”.

وتابع “أرسل الجيش تقريبا كل القوات النظامية والاحتياطية إلى غزة، واستثمر لأشهر في الحرب، قُتل مئات الجنود وأصيب الآلاف، والمردود العملي صفر”.

جانب من تشييع قتلى الجيش الإسرائيلي الذين سقطوا في كمين لكتائب القسام في المغازي بغزة
جانب من تشييع قتلى الجيش الإسرائيلي في غزة (غيتي)

4- التخلي عن المحتجزين

تحدّث فيفر عن أن أهداف الحرب الرسمية في بدايتها كانت القضاء على القوة العسكرية والسلطوية لحماس، أما هدف إعادة المحتجزين فظل في المركز الثاني. فبعد إتمام صفقة أولى بعد مماطلة استمرت سبعة أسابيع من قبل نتنياهو وحكومته، سارع نتنياهو للعودة إلى القتال في اليوم السابع من الصفقة، مع تجاهل إمكانية الإفراج عن المزيد بالتفاوض. هذا الإهمال في ملف المحتجزين كان له أثره على الجنود، وهو ما حدث في قتل الأسرى الإسرائيليين الثلاثة بالخطأ.

تسليم القسام المحتجزين لديها للصليب الأحمر
تسليم القسام المحتجزين لديها للصليب الأحمر (رويترز)

5- الأزمة الإنسانية في القطاع

ويتساءل فيفر عن “عدم توقع القيادة الإسرائيلية أن حربا شاملة بالقطاع ستتسبب في نقص حاد بالغذاء والماء والدواء، وأن العالم بمن فيهم حلفاؤك سيحمّلونك المسؤولية، لكن التعنت في إدخال المساعدات أفضى إلى وضع أصبحت فيه إسرائيل خاضعة وخاسرة على جميع الجبهات، وأصبحت تتراجع على مراحل أمام الضغط الدولي”.

وتابع “بدلا من تفعيل خطة منظمة من البداية لإدخال الإمدادات المكملة لخطط القتال، قُدّمت إسرائيل على أنها المتسببة في المجاعة، وهو ما دعم ادعاء الإبادة الجماعية، وأصبحت شرعية إسرائيل في الاستمرار بالقتال تتآكل بشدة”.

الأمم المتحدة تحذر من أن غزة على وشك المجاعة
الأمم المتحدة تحذر من أن غزة على وشك المجاعة (رويترز)

6- الوحدة الزائفة

يرى فيفر أن انضمام غانتس وآيزنكوت إلى حكومة الطوارئ كان ضروريا لإبعاد اليمين المتطرف من موضع اتخاذ القرارات، وأن إقامة حكومة الحرب أسفرت عن نتائج إيجابية من قبيل تحجيم فرص قيام حرب شاملة مع لبنان، وفرض اتفاقية لوقف إطلاق النار في نوفمبر/تشرين الثاني، التي أتاحت تحرير جزء من المحتجزين. لكنه يرى أنها ساعدت في إدخال سردية زائفة عن “الوحدة” التي خُصِّصت أولا وأخيرا لمساعدة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للتهرب من المسؤولية ومن فشله.

وقال “شعار (سننتصر معا) استُغل سريعا من أبواق نتنياهو لاتهام كل من يجرؤ على توجيه انتقادات ضرورية بأنه يمس بالوحدة ويقوم بمساعدة العدو في وقت الحرب”.

بنيامين نتنياهو (يسار) ووزير الدفاع (وسط) ووزير حكومة الطوارئ الإسرائيلية بيني غانتس

7- ميزانية النهب

يتحدث فيفر هنا عن “تخصيص المليارات للوزارات المخترَعة ولمديري المنظمات الدينية والحريديم، لكن الائتلاف لم يقم بتخصيص هذه المليارات للجوانب الأهم في هذا الوقت، مثل تقديم الإعالات لسكان الشمال والجنوب الذين نُقلوا من منازلهم، وأهالي المحتجزين، وميزانية قوات الاحتياط وشؤون الحرب، وإذا استمر الوضع على هذا النحو فسيستمر العجز الذي تضاعف بالفعل، وستزداد الضرائب، وسينخفض التصنيف الائتماني لإسرائيل، وسيتراكم الضرر اللاحق بالاقتصاد”.

8- قلة الانضباط

يتعجب فيفر من أنه كيف لقيادات الجيش الظن أن جيشا مكونا من أكثر من 100 كتيبة نظامية واحتياطية من مختلف الخلفيات والتوجهات، سيلتزم بالأوامر والقيم على مدار أشهر، خاصة بعد الصدمة التي لحقت به في السابع من أكتوبر.

وأشار الكاتب إلى أن الضرر الذي سببته المقاطع التي صورها الجنود لأنفسهم وهم يسيئون معاملة المعتقلين، ويفجرون منازل المدنيين دون داع، ويخربون الممتلكات وينهبون، كل ذلك أضر بصورة الجيش الإسرائيلي من وجهة نظره.

وتابع “الجيش الأخلاقي للغاية، التكنولوجي والمتطور للغاية، لم يدرك مقدار الضرر الكامن في كاميرات الهواتف الذكية”.

الجيش الإسرائيلي يحتجز أسرى فلسطينيين في غزة
الجيش الإسرائيلي يحتجز أسرى فلسطينيين في غزة (رويترز)

9- النصر المطلق

أشار فيفر إلى مفهوم “النصر المطلق” الذي تبناه نتنياهو، وأنه لم يكن إلا للتهرب من مسؤوليته عما يحدث، ونتيجة لترديد هذا المصطلح أصبح الجنود والقادة السياسيون يخشون أن يُنظر إليهم على أنهم “مهزومون”، وتجنبوا إخبار الجمهور بالحقيقة المؤلمة والمعقدة.

ويرى فيفر أنه لا يوجد أي نصر شامل في الحروب، حتى في هذه الحرب، فطالما أن إسرائيل لا تعي هذا الواقع الصعب والمعقد، فإن أي “نصر” سيكون مجرد وهم.

10- الاغتيالات في دمشق

الضرر الأخير هو الهجوم الذي نفذته إسرائيل على السفارة الإيرانية في دمشق، الذي أسفر عن مقتل سبعة ضباط من الحرس الثوري، وهو ما كان سيفتح جبهات أكبر للقتال أمام إسرائيل لولا تدخل بايدن واحتواء الوضع كما يدعي فيفر، وكان الضرر الناجم عن الهجوم الإيراني صغيرا نسبيا، بينما لم يكن الرد الإسرائيلي كافيا للتصعيد مرة أخرى.

القصف الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق أسفر عن مقتل 7 أشخاص على الأقل (رويترز)
المصدر : الجزيرة مباشر