دراسة بريطانية تكشف كيف تحيزت وسائل الإعلام للرواية الإسرائيلية عن الحرب في غزة

تجاهل الإعلام البريطاني حصار إسرائيلي لغزة قبل تدميرها
تجاهل الإعلام البريطاني حصار إسرائيلي لغزة قبل تدميرها (رويترز)

قال الباحث البريطاني فيصل حنيف إن تحليلا لتغطية الإعلام البريطاني للحرب في غزة أوضح “فشلا واسع النطاق في تمثيل وجهات النظر والمخاوف الفلسطينية”، إذ تحيزت تقريبا ثلاثة أرباع المقابلات، خلال التغطية التلفزيونية للحرب، لصالح مصدر إسرائيلي أو وجهة نظر إسرائيلية.

وأشار حنيف في مقال نشره بموقع (ميدل إيست آي) إلى أن هذه نتائج تقرير جديد أصدره مركز مراقبة الإعلام في بريطانيا، لتحليل تغطية الإعلام البريطاني للحرب في غزة، بعد أن تخطى عدد الشهداء 30 ألفا منذ بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وأشار التقرير، حسب ما أوضح حنيف، إلى “عدم التوازن في تغطية الحرب بمنح الأولوية للروايات الإسرائيلية، هذا في الوقت الذي يواجه فيه الصحفيون صعوبات في تقييم روايات متنافسة لما يجري في الحرب”.

وعلى سبيل المثال، أشار التقرير إلى تكرار حديث الضيوف والمعلقين على التطورات في غزة عن “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” بأكثر من خمسة أمثال القول بأن الفلسطينيين لهم الحق في الدفاع عن أنفسهم.

كما ضرب التقرير مثلا بما قاله النقابي والكاتب البريطاني أندرو فيشر لقناة (بي بي سي) “سمعنا أن إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها، فهل لفلسطين هذا الحق؟”.

وأضاف حنيف أن صحفيين في “بي بي سي” كتبوا خطابا العام الماضي للإدارة، لانتقاد ما يرون أنه تحيز لإسرائيل في تغطية “بي بي سي” للحرب في غزة.

تشكيك في عدد الضحايا لأن المصدر هو وزارة الصحة في غزة
تشكيك في عدد الضحايا لأن المصدر هو وزارة الصحة في غزة (رويترز)

تجنب الإشارة إلى سياق الصراع

وأضاف حنيف أنه رغم صعوبة تحليل آلاف النشرات ومقاطع الفيديو والتقارير المنشورة لتغطية الحرب، فإن أنماطا واضحة ظهرت في التغطية الإعلامية.

وعلى سبيل المثال “رغم حقيقة أن الصراع بين دولة احتلال (إسرائيل) وشعب تحت الاحتلال (الشعب الفلسطيني)، فإن وسيلة إعلام دولية واحدة، هي الجزيرة الإنجليزية، ذكرت عبارة الأراضي المحتلة، أكثر من كل القنوات البريطانية مجتمعة”.

وأضاف حنيف “من بين أكثر من 100 ألف إشارة إلى غزة، تمت الإشارة في 28 منها فقط إلى غزة المحتلة، وهو الوضع القائم نتيجة الحصار الإسرائيلي، كان أكثر من نصفها على قناة الجزيرة الإنجليزية”.

وأوضح حنيف أن هذا يعبّر عن مشكلة كبيرة في تغطية الإعلام البريطاني للحرب في غزة، وهي عدم ذكر سياق الأحداث، مع أن الفلسطينيين نبّهوا المشاهدين والقراء مرارا إلى أنهم تعرضوا لمذابح متكررة خلال الـ75 عاما الماضية، غير أنه يوجّه الاتهام إلى بعضهم بمحاولة تبرير هجمات حماس.

وتابع حنيف “فكرة أن مَن يدافعون عن الفلسطينيين يؤيدون الإرهاب حظيت بتغطية واسعة على الهواء، حتى قبل أن يشعل رئيس الوزراء البريطاني هذا الجدل بعد انتخاب جورج غالاوي (المناصر لغزة) نائبا في البرلمان عن دائرة ورتشيلد”.

ادعاءات كاذبة

وأشار حنيف إلى أن الإعلام البريطاني “أظهر على صفحاته الأولى الادعاءات المرعبة عن قطع رؤوس عشرات الأطفال وتشويه النساء، دون أن يكلف الصحفيون أنفسهم عناء التأكد من صحتها”.

ومضى حنيف إلى القول “هذا يشير إلى مشكلة أخرى وجدناها في التغطية، وهي استعداد كثير من من وسائل الإعلام لقبول الرواية والادعاءات الإسرائيلية، في حين تلقي بالشكوك على ما يقوله الفلسطينيون”.

على سبيل المثال، جرى تكرار وصف المستشفى الأهلي المعمداني في غزة، الذي تعرض للقصف الإسرائيلي، بأنه تابع لوزارة الصحة التي تديرها حماس بهدف التشكيك في الرواية الفلسطينية.

عامل آخر مهم في تغطية الحرب على غزة، هو كراهية الإسلام (إسلاموفوبيا)، كما أوضح حنيف، إذ دافع المعلقون على وسائل الإعلام اليمينية عما تقوم به إسرائيل “باستخدام رواية العداء للسامية بين المسلمين، وأشاروا ضمنا إلى أنه متجذر في الدين الإسلامي نفسه”.

المصدر : ميدل إيست آي