مرصد حقوقي: آلاف المسنين سقطوا بين فكي القتل والموت جوعا في حرب الإبادة الإسرائيلية

مسن من غزة يعود من الاعتقال مبتور الأطراف وفاقدًا للذاكرة
مسنّ من غزة يعود من الاعتقال مبتور الأطراف وفاقدًا للذاكرة (الجزيرة مباشر)

وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان وفيات يومية في صفوف المسنّين جراء جرائم التجويع والحرمان من العلاج التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة على نحو منهجي وواسع النطاق، خاصة في مدينة غزة وشمالها.

وعبر المرصد عن بالغ قلقه إزاء استمرار سياسة الحرمان من الغذاء والدواء التي تنتهجها إسرائيل ضد سكان قطاع غزة منذ 5 أشهر، ووصفها بأنها جريمة إبادة جماعية.

وأبرز الأورومتوسطي مقتل نحو 3 آلاف مسنّ من بين الحصيلة المباشرة للهجوم الإسرائيلي، التي تجاوزت 31 ألف شهيد، في غضون 5 أشهر منذ بدء جريمة الإبادة الجماعية.

آلاف المسنّين ضحايا القتل والتجويع

أما عن حصيلة الضحايا غير المباشرين للهجمات، فقد أكد بيان المرصد أن آلاف المسنين سقطوا نتيجة الجوع وسوء التغذية وغياب الرعاية الصحية، مشيرا إلى أنهم لم يوثقوا في المستشفيات نظرًا لصعوبة الوصول إليهم وخطورة الحركة في ظل الهجمات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة، بل دُفنوا بجوار منازلهم أو في المقابر المؤقتة المنتشرة في القطاع، التي تجاوز عددها حتى الآن 140 مقبرة.

ووفق شهادة “محمد شحيبر”، أحد سكان مدينة غزة، لفريق المرصد الميداني، توفي 8 مسنّين في حي “الصبرة” الذي يقطن فيه خلال الأيام الثلاثة الماضية، بعد معاناة من مضاعفات مختلفة جراء الجوع وانعدام الرعاية الطبية والبرد. كما وثق الأورومتوسطي وفاة مسنّ عمره 72 عامًا، الأسبوع الماضي، في مستشفى كمال عدوان شمال غزة، نتيجة سوء التغذية والجفاف، مبينًا أنه من الحالات القليلة التي تمكنت من الوصول إلى المستشفيات.

وتروي المسنّة “شفاء صلاح الحاج صالح”، لفريق الأورومتوسطي تفاصيل معاناتها الشخصية قائلة: “أعاني من مرض الضغط ودائما ما أحتاج لتناول الطعام قبل تلقي الدواء، ولكني لا أجد الطعام، وفي حال وجدته فدائمًا ما أقول إنني سأطعمه لأبنائي الخمسة وأحفادي الـ14. خلال هذه الحرب فقدت منزلي، وقُتلت ابنتي وزوجها وأصيبت ابنتي الأخرى”.

من جانبه قال المسنّ “م. س” (65 عامًا) -وقد طلب عدم ذكر اسمه- “لم أستطع النزوح إلى جنوب قطاع غزة لأنني على كرسي متحرك وبقيت مع ابنتي، بينما نزح جميع أبنائي. بصعوبة نتنقل، القصف في كل مكان، وأحيانًا يمر يومان دون أن أتناول شيئًا، أنا مريض ضغط وسكر، ولا تتوفر أي علاجات، نعتمد على ما يساعدنا به جيراننا، وما تستطيع ابنتي تحصيله بين الحين والآخر بعد أن تقطع مسافات طويلة”.

المدنيون وقود حرب الإبادة

وأكد الأورمتوسطي أن المسنّين يدفعون ثمنًا باهظًا للهجوم الإسرائيلي، نتيجة هشاشة حالتهم وعدم قدرتهم على الحركة، فضلًا عن إصابة 70% منهم بأمراض مزمنة جعلتهم عرضة بشكل أكبر للتأثر بتداعيات الاعتداءات الإسرائيلية والوضع الإنساني المتردي.

وأشار الأورومتوسطي إلى أن عدد المسنين (ممن هم أكبر من 60 عامًا) يبلغ 107 آلاف شخص وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2023، وهو ما يمثل نحو 5% من سكان قطاع غزة، وأنهم أصبحوا جميعا ضحايا للانتهاكات الإسرائيلية التي خلفت وضعا إنسانيا خطرا على كافة شرائح المجتمع.

ودعا المرصد إلى تشكيل ضغط دولي فوري على إسرائيل من أجل وقف تنفيذها لجريمة الإبادة الجماعية، بما في ذلك تجويع السكان المدنيين، ورفع الحصار بشكل كامل عن قطاع غزة، ومساءلتها ومحاسبتها على “جرائمها وانتهاكاتها الجسيمة” ضد قطاع غزة وجميع سكانه الفلسطينيين.

المصدر : منظمات حقوقية