شاب لبناني يرث حرفة صناعة العصيّ التراثية عن جده ويسعى لتطويرها (فيديو)

في ورشة بين جبال لبنان يصنع الشاب شربل عزار العصيّ في محافظة حياطة، وهي حرفة ورثها من جده وطوّرها ويحرص على بقائها.

قال الشاب لكاميرا الجزيرة مباشر، إنه حصل على شهادة الإجازة بمادة الفلسفة وهو معلم بالمدرسة المركزية في منطقة جونيه، لكنه يهتم بحرفة صناعة العصيّ.

بمطرقة ومسمار مسطح يتفنن شربل في النحت على الخشب، وقد صنع الشاب أول عصا وهو في سنّ الـ21 عام 2015، ومنذ ذلك الوقت وهو يطوّر هذه الحرفة.

قضى شربل طفولته بين جبال ضيعته الخضراء، مما أثر في الفن الذي يقدمه، إذ يجعل الشاب من قبضات العصيّ التي يصنعها رؤوس حيوانات.

ورث الصانع الحرفة من جدّه، وقال إن هناك مواسم معينة يجب الحصول فيها على الخشب من الغابة، حتى تصمد مع صاحبها فيما بعد، ولا تكون هشّة.

يأخذ شربل حقيبة على ظهره ويصعد إلى الجبل وبيده منجل للحصول على الخشب، ويقول إن الموسم يكون من 15 سبتمبر/ أيلول إلى 15 أبريل/ نيسان.

يحصل الشاب على الخشب بطريقة احترافية لا تؤذي الأشجار، إذ يقطع الفروع الصغيرة التي تخرج من الجذع دون أن يضرّه، ثم تنبت فيه فروع أخرى بسهولة، ويركز على شجر السنديان.

صانع العصي يقطع أغصان الأشجار دون إضرار بجذع الشجرة (الجزيرة مباشر)

ينظف الصانع الغصن مما يعلق به، ثم يأخذه حتى يشويه على النار للتخلص من السوس إن وُجد، وينزع عنه قشرته حتى يتسنى له الاشتغال به.

لا تنتهي العملية هنا، يقول الحرفي إنه يحتاج إلى أن تكون العصا صلبة حتى يشتغل عليها، وبإحراقها تصبح يابسة من الخارج فقط، لذلك يعلقها شربل مدة 4 أشهر حتى تجفّ من الداخل أيضا.

وأوضح الصانع لكاميرا الجزيرة مباشر، أنه في حال عدم منح العصي الوقت الكافي الذي تحتاج إليه، فإنها تكون سهلة الانثناء ولا يمكن التحكم فيها.

تحتاج العصي بعد كل هذا الانتظار إلى التنظيف مجددا. يحمل شربل شغفا كبيرا بما يقوم به، ويقول إنه ما إن يدخل الورشة حتى ينسى العالم الخارجي ويشعر بسعادة عارمة وهو يعمل.

يعتبر شربل أن لكل عصا رواية، إذ يصنع كلًّا منها بطريقة وبرسوم مختلفة، ويرى أنها ستكون عكاز طريق لشخص مختلف، بل ستصبح رفيقة له.

يطلب بعض الزبائن من شربل كتابة جمل أو كلمات على العصا، ويقول إنه بذلك يميزها عن غيرها ويعطيها روحًا قد تجعلها تعني الكثير لصاحبها، فربما يحتفظ بها أو يهديها لأحدهم أو يورثها لمن بعده.

يقول شربل إن حرفته تقليد تراثي وإنه بممارستها يحافظ عليه من الاندثار، ويحكي أن الأجداد في لبنان عاشوا في جبال وعرة فاستخدموا العصيّ للمشي بين سفوح هذه الجبال ولحماية أنفسهم من الحيوانات التي قد تهاجمهم.

يهتم الشاب بالأمثال اللبنانية القديمة التي تندرج فيها كلمة عصا أيضا، إذ ينحتها على لوحة خشبية مع ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية وتفسير معناها، وذلك حتى تعرفها الأجيال الجديدة وتحافظ عليها.

أوضح شربل للجزيرة مباشر أنه أسس مشروعًا يحمل اسم “شبطو” أي العصا باللغة السريانية، ويهدف إلى الحفاظ على الحرفة وتطويرها.

المصدر : الجزيرة مباشر