قرار برفع سرية أرشيف الحرب.. ناشط فرنسي: شعب الجزائر ينتظر اعتذار باريس منذ عقود (فيديو)

فرنسا اعترفت بقتل الجيش الفرنسي للمناضل الجزائري "بو منجل"

سجلت الصحافة الجزائرية الأربعاء مواقف متباينة من قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تسهيل الاطلاع على الأرشيف السري للحرب على الجزائر (1954-1962) ضمن ملف مصالحة الذاكرة بين البلدين.

كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قرر يوم الثلاثاء، تسهيل الوصول إلى محتويات الأرشيف السري التي يزيد عمرها عن 50 عاما، وخاصة تلك المتعلقة بالحرب الجزائرية، عملًا بما أوصى به المؤرخ بنيامين ستورا.

وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان لها إن الرئيس “اتخذ قرار السماح لدوائر المحفوظات بالمضي قدما -بدءًا من الأربعاء- في رفع السرية عن وثائق مشمولة بسرية الدفاع الوطني حتى ملفات عام 1970 ضمنًا”.

الجزائريون ينتظرون اعتذارا فرنسيا

وقال جمال أبينة الكاتب والناشط الفرنسي من أصول جزائرية والذي عمل كثيرًا لرفع السرية عن هذه الوثائق، إن الشعب الجزائري كله كان ينتظر الاعتذار من فرنسا بسبب ما سببته للجزائريين.

وأضاف في مداخلة مع الجزيرة مباشر، إن الجزائريين كانوا ينتظرون اعتذارا فرنسيًا منذ زمن طويل وذلك تعليقًا قرار الرئيس الفرنسي ماكرون برفع السرية عن أرشيف حقبة استعمار في الجزائر.

وقال إن أكثر من مليون جزائري قتلوا في الحرب الفرنسية على الجزائر، وأشار إلى أن ماكرون يحاول تلافي الوقت الضائع منذ أكثر من 60 عامًا.

وأشار إلى أن فرنسا ارتكبت الفظائع في حق الجزائريين من قتل بأسلحة محرمة واعتداءات على النساء، وقال إنه عمل في هذا الملف مع ابن المناضل الجزائري “علي بو منجل” الذي اعترفت فرنسا أخيرًا بأنه قتل على يدي جيشها ولم ينتحر كما زعموا من قبل.

وبيّن الناشط الفرنسي ما قال إنها فظائع ارتكبتها فرنسا في حق الجزائريين من قتل في غرف الغاز بطريقة وحشية، مشيرًا إلى أن ارتكاب تلك الفظائع يستلزم الاعتراف بها والاعتذار عنها.

وقال جمال أبينة إن ذاكرة تلك الحقبة ذاكرة مؤلمة للجزائريين بسبب ما ارتكب فيها من فظائع، مشيرًا إلى أن والده حدثه عن تلك الحقبة بالتفصيل.

وأشار إلى أن تقرير ستورا كان مهمًا، وأن الجزائريين يريدون الكشف عن الحقبة الاستعمارية وعن أعمال الإبادة واستخدام قنابل النابالم من قبل فرنسا، في وقت لا يريد الفرنسيون الاعتراف بذلك وبأنهم استخدموا أسلحة ممنوعة ضد الجزائريين.

وفي رده على سؤال بخصوص الأسباب التي دعت الرئيس الفرنسي إلى اتخاذ مثل هذه الخطوة، قال إن ماكرون اتخذ الخطوة لأسباب تتعلق باستحقاقات الانتخابات القادمة. وأكدأن ماكرون هو الوحيد الذي اتخذ مثل هذه الخطوة المتقدمة تجاه الجزائر.

تباين في الجزائر

كتبت صحيفة “ليبرتي” اليومية الناطقة بالفرنسية “خطا الرئيس ماكرون خطوة كبيرة، ربما تكون الأكبر على الإطلاق، في البحث عن الحقيقة في تاريخ الكفاح الجزائري من أجل الاستقلال”.

وقالت “الحقيقة لها الأسبقية على الحكم، حكم التاريخ يستند إلى الوقائع، وليس إلى توبة فاعليها أو عدم توبتهم”.

ورحّب عبد المجيد شيخي مدير الأرشيف ومستشار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بهذه “الإشارة الجد إيجابية والجد هامّة”.

وقال في تصريح للوكالة الرسمية “أستطيع القول لحد الساعة إنه قرار جيد وأن الأمر يتعلق بانفتاح إذا أرفق بمتابعة تسمح بتطبيقه بشكل واسع تمكن الباحثين الجزائريين خاصة، بالاطلاع على تلك الوثائق”.

وذكرت صحيفة “ليكسبرسيون” المقربة من السلطة أن الرئيس الفرنسي يبدو أنه يريد المضي بشكل أسرع في طريق الوصول إلى علاقة هادئة مع الجزائر”.

وقالت إن تلك “القرارات لا تخلو من الشجاعة، إلا أنها تتعلق بالوصول وليس إعادة الأرشيف كما تطلب الجزائر”.

 

لا تشمل التجارب النووية

وقرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الثلاثاء تسهيل الوصول إلى محتويات الأرشيف السري التي يزيد عمرها عن 50 عامًا، خصوصا تلك المتعلقة بالحرب الجزائرية.

وأصبح ابتداء من أمس الأربعاء مسموحًا لدوائر المحفوظات “بالمضي قدما في رفع السرية عن وثائق مشمولة بسرية الدفاع الوطني حتى ملفات العام 1970 ضمنًا”.

ولا يشمل القرار المعلومات المتعلقة بالتجارب النووية السبع عشرة التي أجرتها فرنسا في الصحراء الجزائرية بين عامي 1960 و1966، وستبقى موسومة بالسرية، وفق الرئاسة الفرنسية، في حين أن هذا القسم من الأرشيف تحديدا هو الأهم بالنسبة للجزائر.

كانت وثائق رفعت عنها السرية في عام 2013 قد كشفت عن تداعيات إشعاعية أكبر بكثير مما تم الاعتراف به في وقت التجارب.

وحذرت “ليكسبرسيون” من أن قرار الرئاسة الفرنسية “لا يحل الخلافات التاريخية، لأن الأرشيف لا يخبرنا بكل شيء، بل ويمكن أن يضلل”.

أما الصحافة الناطقة بالعربية فشكّكت في نيات الرئيس ماكرون وأن لديه دوافع سياسية خفية في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية في ربيع عام 2022 التي تصادف الذكرى الستين لوقف إطلاق النار في حرب الجزائر 19 مارس/آذار 1962 وإعلان استقلال الجزائر في 5 يوليو/تموز عام 1962.

كتبت صحيفة الفجر “يحاول الرئيس ماكرون كسب تعاطف وأصوات سبعة ملايين جزائري يعيشون في فرنسا في الانتخابات المقبلة”.

وجاء الإعلان في إطار “الأفعال الرمزية” التي وعد بها ماكرون من أجل “مصالحة الذاكرة” بين الفرنسيين والجزائريين وعلاقات هادئة.

وتسارع “العمل على الذاكرة” بعد تقديم تقرير المؤرخ بنجامان ستورا حول ذاكرة حرب الجزائر، الذي رفع إلى الرئيس الفرنسي في 20 يناير/كانون الثاني.

لكن لا يوجد من جانب الجزائر أي بادرة على أساس المعاملة بالمثل بشأن فتح الأرشيف في الجزائر، كما طالب المؤرخون الفرنسيون والجزائريون.

ذكرت “ليبرتي” أنه “في الوضع الحالي، يبرز السؤال بعد ذلك حول ما هو نصيب الجزائر الذي التزم به الرئيس تبون، فعلى الرغم من تقديم المبادرة كمشروع مشترك، إلا أنه في الوقت الحالي، لم يقدم أي مساهمة من جانبنا”.

وختمت افتتاحية الصحيفة “حتى لو كان الجيش والإدارة الفرنسيان يشكلان المصادر الرئيسية للبيانات المتعلقة بالفترة الاستعمارية بشكل عام وحرب الاستقلال على وجه الخصوص، فيجب أن يكون هناك من الجانب الجزائري، ما تساهم به للإضاءة على هذا الماضي المؤلم”.

المصدر : الجزيرة مباشر + الفرنسية