تقرير: بعد عشر سنوات على الثورة.. تبخر الحريات في مصر

الناشط السياسي علاء عبد الفتاح (صحف مصرية)

قالت وكالة الأنباء الفرنسية، إن الذكرى العاشرة لثورة يناير تحل في مصر، وسط حالة من الانسداد السياسي، وتبخر للحريات والمكاسب التي حققتها، عقب الإطاحة بالرئيس حسني مبارك عام 2011.

وأضافت الوكالة في تقرير لها بمناسبة ذكرى ثورة يناير، إن حكومة الرئيس الحالى عبد الفتاح السيسي (ذو الخلفية العسكرية) لا تدخر جهدا لتجنب تكرار مثل هذا السيناريو وتقمع بقسوة كل أشكال المعارضة. كما تعاني السجون المصرية، من الكثافة العددية بعدما ضمت، نشطاء وسياسيون وصحافيون ومحامون وفنانون ومثقفون.

ورصدت الوكالة أشكال مصادرة الحريات في مصر منذ ثورة يناير. وأشارت إلى أنه منذ عزل الجيش للرئيس محمد مرسي ( أول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر) في العام 2013، خسر المجتمع المدني المصري تدريجيا كل مساحة للحرية.

 

يضاف إلى ذلك، وفق منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، ظروف حبس سيئة واتهامات بالتعذيب وبتنفيذ إعدامات “بعد محاكمات غير عادلة”، وفق تعبير منظمة العفو الدولية.

وأدانت المنظمة في مطلع ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ما وصفته بـ”موجة إعدامات محمومة” في مصر.

كما أدانت منظمة  “هيومن رايتس ووتش” في تقريرها السنوي “القبضة القاسية للحكومة المتسلطة”، مشيرة إلى أن جائحة (كوفيد-19) “زادت ظروف الحبس، الفظيعة أصلا، سوءا”.

ووفق هيومن رايتس ووتش، “مات عشرات السجناء في الحبس من بينهم 14 على الأقل بسبب إصابتهم بفيروس كورونا المستجد”.

وتقول المقررة الخاصة للأمم المتحدة لحقوق الانسان،أغنيس كالامار “الربيع العربي في مصر كان قصيرا”.

وتتابع “استخلص النظام الحالي أسوأ درس من الربيع العربي وهو قتل أي تطلع إلى الحرية في المهد”.

وفي مواجهة الانتقادات الدولية، تكرر السلطات المصرية الردّ ذاته، وهو ما ورد على لسان وزير الخارجية سامح شكري في مؤتمر صحفي مؤخرا “المواطن المصري هو صاحب الحق الأوحد في تقييم مدى تمتعه بحقوق الإنسان”، مشددا على أن بلاده ترفض أي “تدخل في شؤونها الداخلية”.

وتنفي السلطات أي توقيفات اعتباطية أو ممارسات تعذيب، وقالت وزارة الخارجية، ردا على سؤال لوكالة فرانس برس عن الموضوع، إن الحكومة “تعلّق أهمية قصوى على حرية الرأي والتعبير” لا يوجد سجناء سياسيون والتوقيفات مرتبطة فقط بأعمال تنتهك القانون الجنائي”.

كانت إشارة البدء لحملة القمع في صيف 2013 عندما قتل مئات المعتصمين في القاهرة، احتجاجا على عزل الرئيس المنتخب حينها محمد مرسي ، بحسب العديد من منظمات حقوق الإنسان.

وواجهت جماعة الإخوان المسلمين التي يتحدر منها مرسي، وكذلك المعارضة الليبرالية واليسارية، منذ ذلك الحين لحملة اعتقالات تعسفية وملفات جماعية أمام القضاء وأحكاما بالإعدام.

في المقابل، عزز الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي كان قائدا للجيش الذي أطاح بمرسي وانتخب رئيسا في العام 2014 سلطته شيئا فشيئا. وأعيد انتخابه بنسبة 97% من الأصوات في العام 2018 لعدم وجود مرشح جاد ينافسه.

وفي أبريل /نيسان 2019، أقرّ تعديل دستوري يتيح تمديد فترة رئاسة السيسي، ويشدّد قبضته على السلطة القضائية.

وفي سبتمبر/ أيلول من العام نفسه، تظاهر مئات الأشخاص مطالبين برحيل السيسي وحاولوا دون جدوى الوصول الى ميدان التحرير في القاهرة، رمز الثورة على مبارك.

وأعقب ذلك توقيف ما يزيد على أربعة آلاف شخص أطلق سراح مئات منهم في ما بعد.

المنظمات الحقوقية

وتنحصر تهم القضاء المصري ، لمنتقدي النظام المصري بين “الإرهاب” و”نشر أخبار كاذبة” وهو الأمر الذي انتقدته العديد من المنظمات الحقوقية.

كما تشير هذه المنظمات إلى ظاهرة “تدوير” القضايا التي تتمثل في إعادة احتجاز المعارضين بعد انتهاء فترة حبسهم احتياطيا أو انتهاء مدة عقوبتهم على ذمة قضايا جديدة.

ويقول محمد لطفي، مدير المفوضية المصرية للحقوق والحريات، وهي منظمة حقوقية مقرها القاهرة، “النظام القضائي يجب أن يكون قلعة تحمي الحقوق والحريات”، ولكن “القضاء نادرا ما يحاسب ضباط الشرطة”.

وفي مواجهة الاتهامات المتعلقة بانتهاكات حقوق الانسان، تتحجّج السلطات اجمالا بمكافحة الإرهاب في بلد يواجه هجمات لمسلحين في شمال سيناء منذ العام 2013.

وفي نوفمير/ تشرين الثاني، طالت حملة القمع ثلاثة من كوادر المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهي واحدة من أبرز المنظمات الحقوقية المصرية. وبعد ضغوط دولية قوية وغير مسبوقة، تم الإفراج عنهم.

وخلال الشهور الأخيرة، تم توقيف قرابة عشر فتيات من المؤثرات على وسائل التواصل الاجتماعي، وصدرت في حقهن أحكام بالسجن بتهم تتعلق بالتحريض على الفسق والفجور.

وأشار الأمين العام للمجلس القومي لحقوق الإنسان، في تصريح للوكالة إلي أن “الانتقال إلى دولة قانون يأخذ وقتا”. وأردف “عندما نريد تحليل ما يحدث في مصر ينبغي أن نفهم ذلك”.

ويرى الباحث في مركز “كارنيغي”- الشرق الأوسط ، شريف محي الدين، أن الانتهاكات “تساهم في تغذية العنف الهيكلي وتغذي جزئيا التطرف”.

وسائل الإعلام

وطال القمع أيضا وسائل الإعلام وحرية التعبير مع حجب مئات المواقع الإخبارية على الإنترنت منذ العام 2017. ووفق منظمة “مراسلون بلا حدود”، فإن 28 صحافيا مسجونون حاليا في مصر.

وتؤكد لينا عطالله، رئيسة تحرير موقع مدى مصر الذي يعد “استثناء” في مصر، أنه “لا توجد مؤسسات إعلامية تعمل بشكل مستقل”.

وألقي القبض على عطا الله نفسها لفترات قصيرة أكثر من مرة خلال السنوات الأخيرة.

واستحوذت شركات موالية للسلطة ومقربة من الجيش على وسائل إعلامية عدة.

ومن دون أن يتدخل مباشرة في السياسة، يتواجد الجيش في المجتمع من خلال الخدمات العامة التي يؤديها خصوصا في حالات الأزمة ومن خلال سيطرته على جزء من الاقتصاد.

وفي سياق متصل يحيي نشطاء مصريون ذكرى يناير، وأطلق وسم(ثورة يناير)، داعين إلي إطلاق العديد من النشطاء والعمل على الدفع نحو تحقيق مطالب الثورة.

المصدر : الجزيرة مباشر + الفرنسية