واشنطن بوست: كيف مكّنت الطائرات المسيرة تركيا من كسب معاركها الخارجية؟

تركيا استخدمت طائراتها المسيرة في ليبيا وشمالي سوريا وناغورني كاراباخ

تناولت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية الطائرات المسيّرة التركية ودورها الكبير في الصراعات التي تخوضها تركيا حاليا في عدد من المناطق خارج حدودها.

وقالت الصحيفة إنه في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للعمل على توسيع دائرة النفوذ العسكري والتأثيرالسياسي لتركيا في الرقعة الجغرافية الممتدة من شمال أفريقيا حتى منطقة القوقاز، فإن هذه العمليات اعتمدت على سلاح فعال لكسب مزيد من الحروب الميدانية، ويتمثل هذا السلاح في الطائرات المسيرة.

فهذه الطائرات المحلية الصنع قامت بدور جوهري في حسم العديد من المواجهات العسكرية خاصة التي درات رحاها في ليبيا ورجحت كفة الحكومة الليبية المعترف بها دوليا في العاصمة طرابلس. كما أن الدعم التركي لأذربيجان هو الذي أوقف الحرب التي شهدها إقليم ناغورني كاراباخ. والأمر ذاته في سوريا حيث قامت الطائرات المسيرة بدور حاسم في الهجمات المدمرة التي طالت مواقع النظام السوري ونجحت في وقف الهجمات التي كان تقوم بها قوات النظام ضد المدنيين العزل في إدلب.

وعبر هذه المحطات الثلاث تحولت الطائرات المسيرة إلى رمز للتفوق التكنولوجي التركي المحلي القائم على الاعتماد على الذات وسط تراجع اقتصادي داخلي ووجود حالة من التوتر بين أنقرة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي.

وأشارت الصحيفة إلى أن النجاحات التركية الخارجية من شأنها أن تفرض مجموعة من التحديات أمام الإدارة الأمريكية الجديدة بزعامة جو بايدن، خاصة أن هذه السياسة جعلت تركيا في مواجهة مفتوحة مع عدد من الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة الأمريكية، بما في ذلك اليونان والإمارات.

وفي هذا السياق يقول السفير الأمريكي السابق في تركيا جيمس جيفري الذي شغل أخيراً منصب الموفد الأمريكي للرئيس ترمب المكلف بالملف السوري إن “حالة التوسع في السياسة الخارجية التركية حالت دون وصول النفوذ الروسي إلى عدد من المناطق الاستراتيجية، خاصة في ليبيا وسوريا، وهذا ليس بالامر الهين”. وأضاف أن أردوغان وطموحاته السياسية والعسكرية تخيف جميع دول منطقة الشرق الأوسط، فهو رجل صاحب طموح جارف ويسعى دومات لسد الفراغات التي قد تشهدها المنطقة”.

هجوم مضاد في سوريا

تناولت الواشنطن بوست دور الطائرات المسيّرة في سوريا، وقالت إن بداية تفعيل سلاح الطائرات المسيرة تحقق في سوريا خلال الشتاء الماضي، عندما أقدمت قوات النظام السوري على قتل 36 جنديا تركيا في غارات جوية ضد مواقع للمعارضة بمدينة إدلب شمالي سوريا. ورداعلى هذا، قامت تركيا بإعادة نشر قواتها العسكرية مستخدمة المدرعات والأسلحة التقيلة انتقاما لجنودها القتلى ونجحت في دحر قوات النظام.

وقال وزير الدفاع التركي إن هذا الهجوم المضاد ضد القوات السورية خلف تدمير العديد من الدبابات السورية وتحييد المئات من وحدات الجيش السوري” وقد كشفت الصور الجوية عن مجموع الأهداف التي دمرتها تركيا. بينما أكد المسؤولون الأتراك أن هذه العمليات نفذتها أسراب من الطائرات المسيرة.

وفي الوقت الذي قلل فيه بعض المراقبين العسكريين من تأثيرهذه الطائرات المسيرة، فإن الصورالجوية كشفت عن تفوق واضح للمقدرات العسكرية التركية، كما كشفت أن هذه الطائرات شكلت اختراقا حقيقيا على الأرض.

وفي هذا السياق قال “كان كسابوغلو” مدير مركز الدراسات الأمنية  والدفاعية “إن تركيا  خلال هذه العمليات تمكنت من الدمج بين عمل الطائرات المسيرة والصواريخ والبطاريات والمدفعية”.

وأكدت الصحيفة أن تركيا يبدو أنها خرجت بدروس عدة من معركة إدلب، خاصة أنها تمكنت من كسر شوكة النظام السوري المدعوم من روسيا، وهوما شكل مصدرا لاستعادة الثقة ومواجهة التحديات الجديدة في المنطقة .

إعادة انتشار في ليبيا

انتقلت الصحيفة بعد ذلك إلى روسيا، وقالت إنه منذ العام 1975 عملت تركيا على تبني سياسة الاعتماد على النفس والتطوير الذاتي لبرامجها العسكرية، من خلال التركيز على العنصر التكنولوجي لتلافي مزيد من الخسائر البشرية. وهذا ما تجلي في المحطة الثانية للتفوق العسكري التركي في ليبيا.

فالتدخل التركي في ليبيا عام 2019 كان بطلب من الحكومة الليبية المعترف بها دوليا لوقف النفوذ الإماراتي الذي يدعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر ويسعى لفرضه في المعادلات المستقبلية في ليبيا. وقد ظل الدعم التركي لحلفائها مستمرا حتى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، وهو ما يمنح تركيا مكاسب كثيرة، إحداها الحصول على فرصة التنقيب عن النفط في مياه شرق المتوسط.

وقد شكل الهجوم المنظم الذي قامت بها الطائرات التركية المسيرة مدعومة بالبوارج البحرية ضد “قاعدة الوطية” التي تبعد عن طرابلس العاصمة نحو 80 كيلومترا عاملا رئيسيا في حسم الكثير من القضايا الميدانية وسمح للقوات الحكومية بالسيطرة عليها لاحقا.

دعم أذربيجان

بعد سبعة أسابيع من الحرب المفتوحة بين أرمينيا وأذربيجان على إقليم ناغورني كاراباخ، المتنازع عليه، حسمت المعركة مرة أخرى اعتمادا على الطائرات المسيرة التركية.

وعبر الدعم والمساندة التركية لأذربيجان، تمكنت الأخيرة من استعادة 40% من أراضي إقليم كاراباخ التي فقدتها خلال تسعينيات القرن الماضي. ومن الواضح أن هذا النصر العسكري والدبلوماسي شكّل مكسبا استراتيجيا إضافيا لتركيا.

المصدر : واشنطن بوست