طيران حفتر يستهدف مصراتة.. هل يريد فتح جبهات جديدة؟

تعزيزات عسكرية من الكتيبة 166 التابعة لقوات مصراتة وصلت للمشاركة في المواجهات العسكرية ضد قوات حفتر

طرح استهداف الطيران التابع لقوات حفتر “مصراتة” للمرة الثانية منذ عدوانه على العاصمة، مزيداً من التساؤلات حول أهداف الخطوة وردود الفعل من قبل أقوى المدن تسليحا في الغرب الليبي.

طيران “حفتر” قصف مقر الكلية الجوية في مصراتة (غرب ليبيا) للمرة الثانية في أقل من أسبوعين، زاعما أنه استهدف طائرة تركية كانت تنقل معدات وذخائر وأسلحة إلى القوات التابعة لحكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا.

ولا تزال مدينة “مصراتة” وعسكرييها هم الرقم الأصعب في أي مواجهة مع الغرب الليبي، وحتى الآن لم تشارك المدينة بكامل قواتها في المواجهة مع “حفتر” لعدة أسباب منها ما هو خاص بتأمين المدينة وحدودها، ومنها رفض كتائب بعينها دعم حكومة الوفاق لوجود اختلافات فيما بينهم.

مظاهرات في مصراتة تنديدا بالعملية العسكرية التي تواصل قوات حفتر شنها على العاصمة الليبية
هدف استراتيجي:

وكرر “حفتر” قصف مقر الكلية الجوية دون التوسع أكثر أو استهداف أي مكان آخر في المدينة، ما جعل مؤيدوه يرون أن هجومه على “مصراتة” له هدف استراتيجي وهو ضرب مهبط الطائرات الموجود في الكلية الحربية وأن القصف لم يستهدف المدينة أصلا.

لكن مصادر عسكرية وسياسية من “مصراتة” أكدوا لـ”الجزيرة مباشر” أن القصف متعمد ضد المدينة الأقوى في الغرب بغرض إجبارها على عقد صفقة أو مفاوضات مع الجنرال المتقاعد والموافقة على وصوله للحكم في ليبيا، كون الأخير يعلم جيدا أن العقبة الأكبر هي “مصراتة” وليست “طرابلس”.

مصراتة كانت شهدت مظاهرات حاشدة مناهضة للعملية العسكرية التي أطلقها حفتر
ردات فعل قوية:

الباحث الليبي في الشؤون الأمنية والعسكرية، سليمان بن صالح كشف لـ”الجزيرة مباشر” الأسباب التي جعلت “حفتر” يستهدف مقر الكلية الحربية بالتحديد، ومنها: أنها المكان الأهم عسكريا لقوات “الوفاق” كونها المهبط الوحید الذي یستخدمه سلاح الجو التابع للحکومة، وأن أغلب الضربات الجوية ضد قواعد قوات “حفتر” كانت تخرج من هذا المكان، وأن قصف الكلية سيعتبر من وجهة نظر الأخير ضربة موجعة للحكومة.

وأوضح في تصريحات خاصة أنه “بعد خسارة حفتر لمدینة غریان الاستراتیجیة وبعد أن أیقن أن دخول قواته إلى وسط العاصمة “طرابلس” أصبحت مسألة شبه مستحیلة وبعد تلقیه لضربات موجعة في قاعدة الجفرة، قرر توجيه ضربات موجعة للحكومة وفي أهم قواعدها في الغرب وهي “الكلية الجوية”.

“صالح”، وهو خريج الكلية الجوية بمصراتة، أشار إلى أن “حفتر قبل ذلك كان يحاول الحفاظ على (شعرة معاویة بینه وبین مدینة مصراتة) علها في قادم الأيام تكون وسيلة للتقارب مع المدینة إذا ما تسنى له الاقتراب خطوات أكثر من أجل تحقيق حلمه بالجلوس على كرسي السلطة في ليبيا لكن هذه الشعرة وجد نفسه مضطراً لقطعها بعد أن أيقن أنه لم يعد بالإمكان استيعاب ما تقوم به كتائب مصراتة على الأرض وما يقوم به السلاح الجوي من السماء المنطلق من الكلية الجوية بمصراتة”.

وتابع: “ولأنه یجد الدعم الکامل من الإمارات بشكل أساسي ومن مصر وفرنسا في المرتبة الثانیة أصبحت له القدرة والشجاعة علی اتخاذ أخطر القرارات لتنفیذ عملیات حربیة ضد أهداف حیویة وهو علی یقین من أن ردات الفعل المضادة ستکون قویة من خلال توجیه ضربات جویة موجعة قد یصل مداها إلی مقر قیادته في الرجمة بمدینة بنغازي، لذلك شن حفتر بطائرات “الإمارات” هجومین علی الکلیة الجویة وفي کلا الهجومین لم تکن هناك خسائر بشریة وأعتقد أنه کان یتجنب إلی حد ما وقوع خسائر بشریة حفاظاً علی استفزاز یکون في حده الأدنی”، حسب كلامه.

الخبير العسكري قال لـ”الجزيرة مباشر” إن “السلاح الجوي لـ”حفتر” یعتمد بشکل کامل علی الطائرات الإماراتیة المسیرة من نوع “wing loong” والمأهولة من نوع Air tractor” حیث إن الطائرات الروسیة التي کان یستخدمها قد تم تدمیرها بالکامل إما علی الأرض بقصف جوي من قبل سلاح جو قوات “الوفاق” أو بإسقاطها عند مهاجمتها لمواقع قوات الحکومة الوفاق”، وفق تقديره.

الجفرة وطائرات تركية:

وزير الدفاع الليبي الأسبق، محمد البرغثي قال لـ”الجزيرة مباشر” إنه “طبقا لمصادره واتصالاته فإن القصف استهدف طائرة نقل بعد هبوطها بقاعدة “مصراتة” الجوية وأنه من خلال الانفجارات التي وقعت تم اكتشاف أنها طائرة قادمة من تركيا وتحمل أسلحة وذخائر، إذا القصف لم يكن يستهدف المدينة بكاملها”.

وعن أسباب استهداف الطائرة قال: “من المؤكد أن هناك معلومات مسبقة لدى القيادة العامة (حفتر) عن نوعية حمولة الطائرة وتوقيت نزولها وأنها تمثل خطرا عليه، متوقعا أنه إذا استمر قدوم مثل هذه الطائرات سيتكرر القصف، خاصة أن معظم الطلعات الجوية التي تقصف قوات “الجيش” (يقصد قوات حفتر) بما فيه الطيران المسيّر تقلع من مدينة “مصراتة”، حسب معلوماته العسكرية.

ورأى عضو مجلس النواب الليبي، جبريل أوحيدة أن “مهبط الكلية الجوية بمصراتة يتم استغلاله في قصف قاعدة الجفرة وتمركزات الجيش بالمنطقة فما هو المنتظر من رد فعل (قوات حفتر)، لذا لابد من المضي قدما في مواجهة “المليشيات” التي تختطف العاصمة والقضاء عليها واخضاع العاصمة وكل المدن لقبضة الدولة الأمنية ومصراتة لن تكون استثناء”.

وقال البرلماني المؤيد لـ”حفتر” وعملياته العسكرية ضد “طرابلس” إن “مصراتة تعتبر رأس الحربة ضد قوات “الجيش” التي تجنبت مواجهتها طويلا إلا أن المدينة لم تترك خيارات لقوات حفتر إلا المواجهة بكافة السبل.

مصراتة: الرقم الأصعب

عضو مجلس الدولة الليبي، إبراهيم صهد أكد أن “مصراته تشكل عقدة أمام حفتر سواء من ناحية موقعها أو من ناحية الاتجاه السائد فيها برفض مشروعه السلطوي وبما تقدمه من تشكيلات مقاتلة في معركة الدفاع عن طرابلس علاوة على أن مصراته بمطارها ومينائها تشكل بديلا وسندا للمرافق المماثلة في طرابلس”.

صهد وهو ضابط ليبي سابق، أوضح أن “هدف القصف لمصراتة وقاعدتها الجوية هو تشتيت تركيز المدافعين عن “طرابلس” وإحداث أضرار وزعزعة الاستقرار والإيحاء بوجود اختراق لوحدة المدينة، كما يؤكد القصف على خسائره المتتالية وفشله في دخول “طرابلس”، كما يدل من ناحية أخرى على تلقيه دعما جويا من الدول التي تسانده وخاصة الإمارات ومصر وفرنسا، خاصة بعدما كشفت أوساط استخبارات حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن تحليق طائرات استطلاع مصرية في أجواء قريبة من محيط المدينة علاوة على استخدام الطائرات المسيرة”، حسب تصريحاته.

 

تقرير: علاء فاروق
المصدر : الجزيرة مباشر