عندما تموت الإنسانية

كيف أثرت الهواتف المحمولة على حياة الإنسان سلبيا؟

آه يا بشر! آه! هل غابت الإنسانية من قلوبكم؟ أو هل زرعتم في إنسانيتكم بذور الشيطانية؟ ألا تعرف أيها الإنسان أننا نعيش في عالم تتكاثر فيه الظلمات على النور وتختبأ فيه العدالة مخافة قهر الظلم!؟ ويصبح فيه الصادق كاذبا ويصبح فيه الكاذب صادقا، ويُعد العادل جائرا والجائر عادلا..

وصار كل شيء مزيفا والنقود مزيفة والأخبار مزيفة حتى القلوب أصبحت مزيفة وتعلّم اللسان أن يكذب مرارا بدون خجل وصار الكذب زينة الكلام وصار الصدق مزعجا للأنام.

على مر العصور، كم تغير الإنسان! إنه عزز التطورات والتنمية في كل مجال يمر به حتى استطاع الاتصالات بكل من يريدهم حيث يشاء في أي وقت يريد. ووسعت دائرة اتصاله شرقا وغربا وجعل العالم برمته كقرية صغيرة ونمت بينه وبين الذين يعيشون في مختلف أنحاء العالم علاقة الصداقة عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وتمكن الإنسان من تلقي الأخبار العالمية لحظة بلحظة على شاشة التلفزيون والهاتف واللابتوب. لكن للأسف! أحيانا يغفل الإنسان عما يحدث حوله في أسرته وجيرانه وسكان قريته ويبعد عن علاقته مع أفراد الأسرة حتى يقطع صلة الرحم وهو لا يشعر.

كيف أثرت الهواتف المحمولة وعالم الإنترنت في تغيّر حياة الإنسان سلبيا؟

على الرغم من عدة تطورات في حياة الإنسان سيطرت عليه التوترات من كل اتجاه. أجل! كان الإنسان يتحدث بعضهم البعض بدون ملل حيث لا يشعرون بمرور الوقت. وكان كل لقائه مع الآخرين بالكلام والحوار يعزز علاقاته معهم حتى يتعرف بعضهم البعض حق المعرفة ويصبح كل أولاد القرية كأولاده ويصبح كل أفراد القرية كأفراد أسرته ويحمي كل الأولاد من وقوعهم في المعاصي ومن إدمان المخدرات ويرشدهم كما يرشد أولاده هو. وينصحهم -وربما يعاقبهم- إن رأى فيهم ارتكاب الجريمة كما يعاقب أولاده إن ارتكبوا جرما ما. وكان الإنسان يعد كل بنات القرية كبناته وأخواته وكان لم يلق على أي فتاة بنظرة الشهوة. ولم يسمع أحد أخبار الاغتصاب والاعتداءات على الفتيات. لكن لسوء الحظ اليوم انقلب كل شيء رأسا على عقب. وامتلأت صفحات الجرائد بأخبار الاغتصابات والاعتداءات على النساء والتحرش بالمراهقين وأكثر تلك الاعتداءات من قبل الأقرباء الذين يعيشون معا تحت سقف واحد حتى تخاف الأخت من أخيه والابنة من أبيها والأم من ابنها. نعم في كل مكان نصبت الشيطانية فخها الماكرة  للإنسانية.

وجدير بالذكر أن هناك سؤالا مهما عن أسباب غيرت قلوب الإنسان وأساليب معاملاته مع الآخرين. أولا: متى وكيف أصبحت حياته مختلفة عن الأجيال السابقة؟ وثانياً: كيف أثرت الهواتف المحمولة وعالم الإنترنت في تغير حياة الإنسان سلبيا؟ ونحن لا نحتاج إلى مزيد من الشرح للأجوبة. قديما كان الإنسان يزور أقرباءه رغم عدم تسهيلات وتطورات حديثة ويستفسر أحوالهم ويتحدث معهم كثيرا وإذا أصاب أحدهم أي مكروه كأنه أصاب الجميع وكانوا كنفس واحدة في الأفراح والأتراح.