الروهينغا في الهند.. مطرودون مع وقف التنفيذ

مأساة مستمرة

بدأت السلطات الهندية في الآونة الأخيرة في تكثيف عمليات اعتقال اللاجئين الروهينغا بحجة دخولهم البلاد بطريقة غير شرعية، وتتخذ السلطات من هذه ذريعة لإلقاء القبض على اللاجئين حاملي بطاقات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين فأصبح اللاجئون يفرون من مناطقهم أو يختبئون في أماكن أخرى.

في أبريل الجاري 2021 رفضت المحكمة العليا في نيودلهي، نداءً لوقف ترحيل نحو 150 من أفراد الروهينغا إلى ميانمار.

وقال زعيم مجتمع الروهينغا في نيودلهي لرويترز إن الحكم أثار الذعر بين اللاجئين في الهند، رافضا نشر اسمه خوفا من الانتقام، وقال “هذا أمر مرعب أن يكون صادرًا عن أعلى محكمة في الهند. بالنظر إلى الوضع المروع في ميانمار، كنت أتمنى حقًا أن يحكم القاضي لصالحنا”.

في أبريل أيضا، حاولت السلطات الهندية إرجاع فتاة روهنغية إلى ميانمار تبلغ من العمر 14 عامًا فقط، وقال مسؤولون في الشرطة إن الفتاة نُقلت إلى بلدة حدودية في ولاية مانيبور بشمال شرقي الهند لترحيلها، لكن السلطات في ميانمار المنكوبة بالانقلاب رفضت قبولها.

المحزن في الأمر أن والد الفتاة لاجئ في بنغلادش وترفض الحكومة هناك أيضا استقبالها، فأصبحت الفتاة على حدود ثلاث دول لا يمكنها الانضمام لأهلها بسبب سياسة بنغلادش ولا يمكنها العودة إلى ميانمار خوفا على حياتها وبسبب فرار أهلها منها، وكذلك السلطات الهندية لا تريدها بحجة دخولها البلاد بشكل غير قانوني.

لم يكن للروهينغا أبدًا استقرار نفسي واجتماعي في ميانمار من بعد السياسة العنصرية التي اتبعتها الحكومة العسكرية

وفي مطلع شهر أبريل، اندلع حريق في مخيمات اللاجئين في ولاية غامو وكشمير الخاضعة للإدارة الهندية وتعرض ما لا يقل عن عشرين كوخًا تابعا للاجئين من الروهينغا للضرر.

وقالت سلمة الله لوكالة الأناضول إن مدرسة ومسجدا كانا من بين المباني المتضررة، فيما تشردت أكثر من 18 أسرة.

ويقول محمد حنيف، زعيم مجتمع الروهينغا، إنهم متخوفون من التطورات، لأن هناك أكثر من 6000 لاجئ يعيشون في 39 مخيما في منطقة غامو، حيث تطالب الجماعات اليمينية بطردهم وترحيلهم.

لم يكن للروهينغا أبدًا استقرار نفسي واجتماعي في ميانمار من بعد السياسة العنصرية التي اتبعتها الحكومة العسكرية منذ منتصف القرن الماضي، ومع تزايد الانتهاكات والتضييق المستمر بدأت تتدفق أعداد من الروهنغيا إلى بلد الجوار بحثا عن الأمان والاستقرار.

كان خيار الذهاب إلى دولة مثل الهند ليس أمرًا محددًا بذاته لأنه ليس مغريًّا من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية، لكن الخيارات بالنسبة للفارين الروهنغيا محدودة والإمكانات معدومة، لذلك يرسمون لنفسهم أملا بأن تكون الأرض التي يرحلون إليها هي ملاذهم وأمانهم.

جاء معظم الروهنغيا إلى الهند إما قبل عام 2012 أو في أعقاب عنف ذلك العام في ميانمار، قبل الإبادة الجماعية عام 2017.

ومع اندلاع الأزمات المتكررة في ولاية أراكان، اندفع المئات بل الآلاف من اللاجئين للخروج من الولاية والنجاة بأنفسهم من عمليات القتل والاعتقال والتعذيب ووصل بعضهم إلى الأراضي الهندية على أمل أن يجدوا فيها مكانا مستقرًا ريثما تتحسن الظروف في أراكان.

عملية دخول الروهنغيا كان في الغالب من ناحية الشمال الشرقي للهند عبر طرق مختلفة، ثم انتشروا على مساحة واسعة في مختلف الولايات، وأصبحت لديهم مخيماتهم في ولاية آسام وولاية البنغال الغربية وأوتار براديش ودلهي وجامو وكشمير وأندرا براديش وكيرالا.

وفق دراسة أجرتها مؤسسة مبادرة التنمية والعدالة الهندية ومركز الهجرة المختلطة في آسيا فإن عمالة الأطفال باتت شائعة في عائلات الروهنغيا

في بداية وصول اللاجئين إلى الهند كانت الأمور مستتبة وهادئة حيث سُمح للعديد من الأطفال اللاجئين بالالتحاق بالمدرسة، وحتى في بعض المناطق قدمت لهم المساعدة الأساسية، لكن الموقف تجاه الأقليات تغير بعد فوز حزب (بهاراتيا جاناتا) الهندوسي القومي بالانتخابات الوطنية عام 2014 بأغلبية قوية وتولى ناريندرا مودي رئاسة الوزراء.

بعد ذلك، باتت أخطار عديدة تهدد اللاجئين الروهنغيا في الهند أقلها عدم استقرارهم وبحثهم الدائم عن مكان آمن؛ وهو ما لم يكن متوفرًا لأسباب سياسية واجتماعية ودينية، فأوضاعهم تكاد تكون متشابهة، فهم إما في المخيمات أو أنهم مشردون في الشوارع يحتمون بظلال الأشجار أو الجسور، بل وصل الحال بهم إلى العيش في أنابيب الصرف الصحي، وداخل الأوراق الكرتونية، وفق ما نقلته وكالة أنباء أراكان.

خطر آخر بدأ يتهدد اللاجئين الروهنغيا في الهند، وهو لغة الكراهية المنتشرة في البلاد من قبل المواطنين الهندوس وأتباع الحزب الحاكم الذين هددوا بالاعتداء على الروهنغيين، حيث أثار مشرع هندي الجدل بطلبه إطلاق النار على لاجئي الروهنغيا في الهند في حال لم يغادروا البلاد بشكل محترم وفقا لقوله.

ووفق دراسة أجرتها مؤسسة مبادرة التنمية والعدالة الهندية ومركز الهجرة المختلطة في آسيا، فإن عمالة الأطفال باتت شائعة في عائلات الروهنغيا في الهند بسبب فقرهم وأعدادهم الكبيرة وأحيانًا.