الطريق إلى “مملكة الزعفران”

مسجد "بابري" في الهند هدمه الهندوس لبناء معبد "راما"

الحكومة تعمل بكل طاقاتها على تبديل أنظمة البلاد العلمانية ومحو تراثها الثري بالتعايش السلمي بين الأديان والمعتقدات ليكتمل برامج تحويل البلاد إلى “دولة هندوسية” في عامها الموعود.

27  من سبتمبر أيلول عام 2025 ؛ هو “اليوم المنتظر والموعود” للإعلان عن ولادة دولة هندوسية في الهند ـ إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه في شبه القارة الهندية .
وذلك حسب ما يذهب إليه المراقبون والمحللون لشؤون الهند والهندوسية. وهو اليوم الذي سيكمل فيه حزب آر اس اس(  RSS ) عمره المائة.
وقد كشف عن ذلك بعض رموز حزب الحاكم بملء أفواههم وأشار إليه البعض الآخر بالتلميح  والترميز.
وفي سنة 2025  سيتم الاحتفال بمرور مائة عام بالتمام والكمال على تأسيسها وليُتوَج الاحتفال بالإعلان عن “امبراطورية هندوسيىة” في شبه القارة الهندية.  

ولتحقيق هذا الهدف المنشود، يتحرك ’مودي‘ وزمرته بخارطة طريق واضحة وتوفير مصادر مالية غير محدودة وكوادر متخصصة، وبتأييد من القوات المسلحة الموالية لحزب الحاكم.
وجاءت جائحة ”كورونا لتكون  فرصة تاريخية للحكومة الهندية بزعامة “بهارتيا جنتا” لإقرار وتنفيذ ما تحلم به من غير احتجاج أو قول معارض.  
وفي الهند تستمر الاعتقالات والمحاكمات ومواجهة الشعب بتلفيق التهم الباطلة والعمل المستمر من أجل إشاعة أجواء الخوف والرعب، وإشعار المواطن بأنه مستهدف في أي لحظة.

الحكومة  تعمل بكل طاقاتها على تبديل أنظمة البلاد العلمانية ومحو تراثها الثري بالتعايش السلمي بين الأديان والمعتقدات ليكتمل برامج تحويل البلاد إلى “دولة هندوسية” في عامها الموعود (2025).

ومن الناحية الاقتصادية فإن الحزمة التحفيزية المالية (لمواجهة ظروف كورونا) التي أعلن عنها رئيس الوزراء، ما هي إلا تنفيذ  لما خططوا له من إصلاحات اقتصادية من منظور الخصخصة، وتحفيز مصالح الأغنياء الهندوس و خصخصة المصادر الاقتصادية الوطنية وبيعها بثمن بخس.
 تلك هي بعضٌ من برامجهم نحو التحرر من قيود الدولة الديموقراطية والتحول إلى دولة دينية تحكمها “الطبقة البيروقراطية الهندوسية” بتوجيهات من الزعماء الهندوس من منظمة “آر اس اس”.
 رغم معاناة الشعب الهندي من جائحة كورونا بعد أن سجلت الهند أكثر من 425 ألف إصابة بالفيروس بين سكانها – تلك الحصيلة التي تضع الهند في المرتبة الرابعة على مستوى العالم من حيث أكبر عدد إصابات بفيروس ـ بالإضافة إلى المشكلات الاقتصادية والتضخم والفقر والغلاء المعيشي وفقدان الملايين لوظائفهم .
  فإن حكومة مودي لم تتحرك لايجاد حل جذري  للانكماش والتباطؤ الملموس في النمو الاقتصادي، وبدلا من التحرك نحو إصلاحات اقتصادية حقيقية ، فإن الحكومة  تعمل بكل طاقاتها على تبديل أنظمة البلاد العلمانية ومحو تراثها الثري بالتعايش السلمي بين الأديان والمعتقدات، ليكتمل برامج تحويل البلاد إلى “دولة هندوسية” في عامها الموعود (2025).
هناك أحزاب وتنظيمات هندوسية متطرفة تختلف ألوانها وتعرف بأسماء عدة ، إلا أنها تجتمع على هدف واحد وهو إعادة تشكيل الهند كأمة هندوسية  بأيديولجتها ومبادئها وتصفية المسلمين والأقليات في الهند.

كان لـ”شيتي”  دور واضح في تحقيق حلم الجالية الهندوسية لبناء معبد هندوسي في الخليج العربي ، حيث استطاع بنفوذه وضع حجر الأساس لمعبد هندوسي في الخليج العربي (أبوظبي ) في العام المنصرم 2019 وذلك بحضور وزراء ومسؤولين والسفير الهندي إضافة إلى ممثلين عن الطائفة الهندوسية في الخليج.

وقد توزعت الأدوار بين أكثر من 60 منظمة تحت مظلة واحدة تسمى “سانغ باريفار” (Sang Parivar)  
ويرمز مصطلح “سانغ باريفار”” إلى مجموعة من المنظمات القومية الهندوسية بما في ذلك المنظمات الدينية والطلابية والسياسية والجمعيات التعاونية وحركات عمالية وجمعيات للمعلمين والمحامين والأطباء ورجال الأعمال…
 بالإضافة إلى عصابات مسلحة تنشط من حين لآخر ، تأخذ الأوامر والتوجيهات من المنظمة الأم “آر اس اس”.
وتُعرف هذه الحركات والمنظمات بـعائلة Sangh Parivar  ، وبالإضافة إلى جناحها السياسي “بهارتيا جنتا ” تتغلغل هذه المنظمات في الحقل الطلابي ، ونقابات العمال والمهنيين ، وتجمعات مصالح بين الأكاديميين والمعلمين وجمعيات المجتمع المدني، والأنشطة النسوية، والرياضة ، والشباب ، وجمعيات المزارعيين ، وفي المجال التعليم والثقافة ….الخ .

افتتاح معبد هندوسي بأبوظبي

وغالبا ما تتداخل العضوية والانتساب لهذه الحركات والهدف منها توزيع المهام والتخصصات. أغلب هذه المنظمات لها تاريخ حافل من التورط في أعمال العنف ضد الأقليات في الهند وآخرها الهجمات في دليهي في فيراير شباط الماضي.
 وتؤمن هذه الحركات بوجوب “إزالة كل أثر إسلامي في البلاد، وتخيير المسلمين بين العودة إلى ما يعتبرونه أصولا هندوسية لهم، أو مغادرة البلاد إلى أي مكان آخر (كباكستان أو بنجلاديش)”
 وتقوم منظمة الأم  “آر اس اس” ( RSS- Rashtriya Swayamsevak Sang ) بدور التنسيق بين هذه الحركات والتوجيه والإرشاد في ميادين العمل ، وهي التي قامت بدور حاسم في وصول رئيس الوزراء “ناريندرا مودي” إلى السلطة عن طريق حزب “بهارتيا جنتا” ؛ الوجه السياسي للحركات الهندوسية.
 و ’مودي‘ الذي كان عضوا بارزا في حزب “آر اس اس” وقد تلقى منذ شبابه دروسا للأيديولوجية القومية الهندوسية المتطرفة،  ثم  تدرج في هيكل الحزب التنظيمي إلى أن وصل في مرتبة “برجارك” وهو لقب يمنح للأعضاء الذين يعزلون أنفسهم عن الحياة الأسرية ويصرفون النظر عن فكرة تأسيس عائلة ويكرسون حياتهم كلها للنضال عن الحركة الهندوسية.
 وكان له ظهور بارز في مؤتمرات المنظمة واجتماعاتها ليلقي المواعظ والخطب في مقرات نقابات الطلبة والمزارعين والعمال.
 كان ولا يزال عضوا في العديد من هذه المنظمات وفي المقابل ، منذ صعود ’مودي‘ إلى سدة الحكم أصبحت لحركة RSS  وجود وتأثير واضح في رسم سياسة الحكومة الحالية.

 وتلعب  منظمة الأم  “آر اس اس” ( RSS- Rashtriya Swayamsevak Sang ) دور التنسيق بين هذه الحركات والتوجيه والإرشاد في ميادين العمل ، وهي التي لعبت دورا حاسما في وصول رئيس الوزراء “ناريندرا مودي” إلى السلطة عن طريق حزب “بهارتيا جنتا” ؛ الوجه السياسي للحركات الهندوسية.

وأدبيات تلك الحركة المتطرفة التي جاء مودي من رحمها ترى في وجود المسلمين تعكيراً لنقاء الدولة الهندوسية المنشودة، فوضعت نصب أعينها “تطهير” البلاد من الوجود الإسلامي.

مع أن بعض دول الخليج تنادي بالتسامح الديني وتسمح للجالية الهندوسية بناء المعابد على أرضها وإقامة نشاطاتهم الدينية والاجتماعية ، إلا أن أنصار المنظمات الهندوسية  يستغلون موقف التسامح الخليجي ويفتحون قنوات اجتماعية وإنسانية تحت شعارات “التعليم ” “التبادل الثقافي” “اليوغا” “الأعمال الخيرية” ”الفن”.
 ويخفون أنفسهم تحت تلك الأقنعة وينطلقون منها لنشر أفكارهم بين الهنود في الخليج وتقوية نفوذهم لدى السياسين وكبار الشخصيات، ومن ثم القيام بنشاطاتهم وجمع التبرعات والأموال لتغذية عائلة ” سانغ برافار” بمختلف أطيافها.
 وكان هروب الملياردر الهندي “بي آر شيتي” – من الإمارات إلى موطنه في الهند بعد قضية فساد مالي واحتيال على البنوك في الامارات ـ 

قد كشف النقاب عن الخط الساخن بين “شيتي” والحركات الهندوسية المتطرفة في الهند ، حيث كان ’شيتي‘ من مريدي ’مودي‘ وحزبه، وهو من أهم مموليه في الانتخابات والنشاطات الهندوسية في الهند والخليج.  
و كان لـ”شيتي”  دور واضح في تحقيق حلم الجالية الهندوسية لبناء معبد هندوسي في الخليج العربي ، حيث استطاع بنفوذه وضع حجر الأساس لمعبد هندوسي في الخليج العربي (أبوظبي ) في العام المنصرم 2019 وذلك بحضور وزراء ومسؤولين والسفير الهندي إضافة إلى ممثلين عن الطائفة الهندوسية في الخليج.
 وحبذا لو كان للدول الإسلامية والعربية موقف صارم ضد انحياز الحكومة الهندية لمتطرفي الهندوس في الأعمال الارهابية ضد مسلمي الهند وهدم مساجدهم وتخريب ممتلكاتهم قبل أن تبني المراكز الهندوسية في أراضي الدول الاسلامية. 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها