مارين.. الرئيسة المتطرفة القادمة من اليمين

 

أعلنت زعيمة حزب “التجمع الوطني” خلال مؤتمر الإعلان عن لوائح المترشحين للانتخابات البلدية الفرنسية أن “البلديات والانتخابات المحلية هي المدرسة الأولى في ممارسة السلطة”، وتقصد مارين لوبين ابنة الزعيم التاريخي جون ماري لوبين أن التأطير السياسي للمدن والقرى الفرنسية هو المحطة الأهم في طريق حزبها أو طريقها الشخصي نحو قصر الإليزيه.

ورغم أن مارين قد ورثت عرش اليمين المتطرف من والدها، فإنها دخلت مع هذا الأخير في حرب مباشرة للإطاحة به وبالمقربين منه في الحزب، ولا يأتي تصرف لوبين ضمن عقوق الأب وحسب، بل يأتي ضمن مخطط مدروس هدفه الأساسي هو تحويل الحزب من حزب معارض متطرف إلى حزب يستوعب التركيبة السياسية المناسبة لممارسة السلطة. وبدا هذا بشكل واضح خلال السنوات الأخيرة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية لسنة 2017 ثم انكشف بشكل أكبر خلال الانتخابات البرلمانية التي تلت الرئاسيات.

تحول القيادات

إذا عرف عن “الجبهة الوطنية” التي أسسها جون ماري لوبين أنها ضمت رموزا من اليمين المتطرف المتشدد بل وأعضاء سابقين في حركات سياسية نازية وفاشية، فالجبهة الوطنية بزعامة مارين لوبين عرفت انفتاحا على قيادات شابة بعضها أتى من اليمين التقليدي وآخرون من النخبة المثقفة والمتخرجة من المعاهد الفرنسية الكبرى وأبرزهم “فلوريون فيليبو” المتخرج من المدرسة العليا للإدارة التي تعتبر المعبر الأكاديمي التقليدي لقيادات البلد، وتحول هذا الأخير بسرعة فائقة إلى أقرب المستشارين لمارين. ومن خلال الوجوه الشابة والجديدة، استطاعت مارين لوبين الانسلاخ من جلباب أبيها والتقرب إلى عينة أوسع من الفرنسيين.

تحول المواقف

وقد عرف عن جون ماري لوبين مواقفه الواضحة في ملفات داخلية وخارجية، فلم يكن يعادي المهاجرين فحسب، بل كل دخيل على فرنسا ككيان سياسي واقتصادي وثقافي ومجتمعي. فكان أشد المعادين لسياسات الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل واللوبيات التي تخدم مصالحهما داخل أوربا، وكان يعبر عن هذه المواقف بشكل مكشوف وواضح ما جعله يقع في اتهامات بمعاداة السامية والتشكيك في الهولوكوست وأدى به ذلك إلى متابعات قضائية. في حين، نأت مارين لوبين عن المواضيع الحساسة في فرنسا والمثيرة للجدل السلبي وفضلت تعويضه بالجدل الإيجابي الذي يجد صدى أفضل من الناحية الانتخابية، فجعلت من الهجرة والإسلام قاعدتها الأساسية، وفتحت قنوات تواصل مع قوى أجنبية للمضي قدما في هذا الطريق، فقامت بزيارة إلى مصر والإمارات حيث يروج خطاب معاداة الإسلام السياسي ثم روسيا حيث وجدت قرضا بتسعة ملايين يورو لتمويل حملتها الانتخابية.

تحول الاسم

كان من الضروري لمارين لوبين بعد سلسلة التحولات المذكورة  إعلان قطيعتها مع الزمن القديم بشكل صريح دون إعلان ذلك رسميا، فارتأت سنة 2018 تغيير اسم الحزب من “الجبهة الوطنية” إلى “التجمع الوطني”. ويرى مراقبون أن استراتيجية لوبين الابنة قد يؤتي أكله سريعا بفضل هيمنة الموجة اليمينية على الحقل السياسي الأوربي واستعداد مارين لوبين الصريح والقوي إلى دخول الإليزيه.

 

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها