ردي على إيمانويل ماكرون

 

كتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تغريدة باللغة العربية، قال فيها:

” تعرّضت مصر وفرنسا للإرهاب الإسلامي. وذكّرتُ الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن السعي الدؤوب إلى تحقيق الأمن هو جزء لا يتجزأ من مسألة احترام حقوق الإنسان. فالمجتمع المتماسك هو الحصن الواقي من الإرهاب الإسلامي.”

بقدر ما كانت تغريدته مقتضبة ووقحة ـ اتهم فيها الإسلام بالإرهاب، رددت عليه بتغريدات مقتضبة وسريعة، كوني لست متخصصا ولا أكاديميا، وإنما أنا مواطن عادي أعمل في قطاع آخر ليس له أي علاقة بالسياسة، ولا بالصحافة ولا بالفن والأدب، كتبت فيها:

ليس هناك ” إرهاب إسلامي ” ” الإرهاب ” أولا لم يتم تعريفه لغويا ولا قانونيا، لغويا: يعني الإرعاب من الإخافة، والجرائم التي نراها تسمى ” جريمة ” وليس ” إرهابا “.

قانونيا: لا نعرف ماذا يقصد بالإرهاب، لأنكم تركتم المصطلح مطاطا وفضفاضا، لتدخلوا فيه المعارضين، والمتبرعين للفلسطينيين جماعات المقاومة ضد الاحتلال في فلسطين وفي أي دولة تم الاعتداء عليها من الخارج وهذا جعل كل الدول التي تدعو إلى محاربة الإرهاب فاقدة للمصداقية، لأنها لم تحدد معنى الإرهاب، والغرب يدعم دولا عربية مستبدة تستعمل كلمة “الإرهاب ” ذريعة لإقصاء الخصوم السياسيين

الطامة الكبرى

هذا من الناحية اللغوية والقانونية، أما الطامة الكبرى فهي المنحى الديني الذي أضفتموه إلى هذه الكلمة المطاطة والفضفاضة، وأصبحتم تقولون: الإرهاب الإسلامي ” وهذا سب وقذف للدين الإسلامي الذي يعتنقه نصف سكان الكرة الأرضية، فنحن المسلمون، لا نقول ” الإرهاب المسيحي ” ولا، لا نقول ” الإرهاب اليهودي “، وذلك احتراما للأديان.

رغم أنكم تفتحون قنوات وصفحات باللغة العربية للتواصل مع العرب والمسلمين، إلا أنكم لا تؤمنون بالحوار، ولا بالاختلاف في الرأي والثقافة والدين، أنتم بسبكم الإسلام ونعتكم له بالإرهاب تقطعون خيوط التواصل والحوار معنا.

الأحصنة الخاسرة

أنتم تراهنون على “الأحصنة” الخاسرة في العالم العربي، الانقلابيون العسكريون لن يضمنوا لكم السيطرة على الشعوب العربية، سقطتم أخلاقيا وسياسيا واستراتيجيا، لأن المستبدين العرب ليست لديهم خطط للتنمية المستدامة، وليست لديهم رؤية استراتيجية مستقبلية، أنتم وضعتموهم لينفذوا أجندة

أمنية بحتة، وإنه لغباء من منظريكم أن تنتظروا الاستقرار وسط القمع والضغط والقهر والتعسف ومنع الحريات والإفقار والإهانة، والحرمان من الصحة والتعليم والسكن والحياة الكريمة، كل هذا يشكل مجموعة عناصر مجهولة داخل ” طنجرة ضغط “، ورغم محاولتك إفهامهم بأن يتركوا متنفسا، لبعض ” العلمانيين ” و ” اليساريين ” المتطرفين من أجل تحسين الصورة ومن أجل خلق المتنفس في الحريات والتعبير عن الرأي، كل ذلك لن يجدي نفعا، لأن الشعوب العربية غالبيتها الساحقة مسلمة ولا تؤمن بتلك الفئات، لأنها جربتهم لعقود طويلة واتضح أنهم فسدة وخونة وليست لديهم قواعد شعبية.

رغم أنك شاب ومن المفترض أنك تستطيع تفهم مشاكل الشباب في فرنسا أو في العالم العربي الذي جئت تنظر له وتدعم السجانين عليه، إلا أنك منفصل عن الواقع الدولي، كل النظريات التي قرأتها حول علم النفس الاجتماعي لم تعد صالحة للتطبيق في عصر التكنولوجيا والعالم المنفتح على بعضه بعضا.

النموذج الذي تريدون

لن أعلق على مشاكلك مع فئة الشباب في فرنسا، لكنني سأعلق على تحركاتك في العالم العربي، يبدو أن النموذج الذي تريدون تطبيقه في العالم العربي، هو نموذج منتهي الصلاحية، فكما تختار حراسا شبابا عليك أن تحتار مستشارين شبانا أيضا، ليعدوا لك برامج ونماذج صالحة لهذا العصر.

فليس من الحكمة أن تدعم شرذمة لا تتجاوز بضعة أشخاص منسلخين عن هويتهم في المغرب العربي مثلا، ولا تمثل إلا نفسها، من أجل ترسيخ العلمانية المتطرفة في المغرب العربي، وليس من الذكاء في شيء أن تدعم حزبا دخيلا ضد الأغلبية الساحقة في المجتمع المسلم، هذا يسمى عدوانا على الشعوب.

المفتاح السري للحالة العربية في أيديكم، لكنكم تفتقرون للإرادة السياسية والرؤية المستقبلية، وذلك لأن المنظرين والمستشارين الغربيين، الفرنسيين في هذه الحالة، لازالوا عالقين في شباك الماضي وأحابيله، بكل ما كان فيه عنصرية واحتقار واستصغار .

 

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها